أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 28th November,2001 العدد:10653الطبعةالاولـي الاربعاء 13 ,رمضان 1422

مقـالات

ربَّنا ما خلقت هذا باطلا..!
حمد بن عبد الله القاضي
* كلما كنت في الطائرة وهي تسبح في ملكوت الله ألتفت من شرفة المقصورة إلى هذا الملكوت العظيم.
فإن كان التحليق في النهار، فإن أول ما يلفت نظري هذه الشمس المضيئة.. أو «السراج» المنير كما سماها القرآن الكريم!
إنني أحدق في عين الشمس وأنا أشعر أنني قريب منها عندما ارتفعت (35) ألف قدماً، مع أن هذه المسافة لا تشكل شيئاً بالنسبة إلى بُعد الشمس عن الأرض «150» مليون كيلو متر بعد الشمس عن الأرض.!».
هذه الشمس التي نتضايق من لهيب حرارتها في الصيف هي أحد أسرار بقاء الكائنات على الأرض، يستوي في ذلك: البشر والشجر والطير والدواب وغيرها، هذه الشمس التي لولاها بقدرة الله لأنتن الوجود كما يقول أحد العلماء ولم يعد الانسان يطيق الحياة عليها مهما بذل وعمل من أجل صحة البيئة.
سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلا..
* * *
* وأصرف نظري عن الشمس
أنظر إلى خلق الله الآخر الذي ما خلقه الله باطلا
أنظر إلى صنع الله الذي خلق السماء ودحى الأرض
أنظر إلى هذا الملكوت العظيم الرائع
إلى صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه، من الجبال الشاهقة، إلى السهول الهابطة.
ومن الأشجار الخضراء إلى الحجارة الصماء.
ومن المجرات العظيمة إلى الهباءات الصغيرة.
سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلا..!
* * *
* لكن أعظم وأروع شيء يتأمله الانسان عندما يكون في جوف الليل، وهو في طائر معلق بين السماء والأرض.
إنني عندما أطل من شرفة الطائرة في الليل البهيم أنظر إلى هذا الكون بهذا السواد المهيب الرهيب ثم أرفع رأسي إلى السماء المضيئة بنجومها وكواكبها وقمرها.
الله..!
روعة لا يتطلع اليها بصرك إلا ليعود إليك خاسئاً وهو حسير.
سبحانك
ربنا ما خلقت هذا باطلا.
* * *
* ثم أعود إلى نفسي وإلى من معي وسط هذه المقصورة في هذا الصندوق النحاسي المعلق بين السماء والأرض.
في هذا الليل المعتم.. والرهبة التي لا حدود لها..
أتساءل
لا بخوف.. ولكن بتأمل، وتدبر وشكر..
ترى.. ماذا يمنع هذه الطائرة أن تسقط؟
إن قائد الطائرة، وكل ما بين يديه من كمبيوتر وشاشات ومساعدين وأجهزة كبيرة وصغيرة.. وكل ما هو خارج مقصورة القيادة من أجنحة ومراوح.
وكل ما على أرض المطارات من «رادارات، وفنيين، ومهندسين»..
كلها ما هي إلا أسباب تسير هذه الطائرة، وتسعى إلى سلامتها وعدم سقوطها.
لكن الذي ممسكها حقيقة ما هو إلا «الرحمن» الذي في السماء
يحفظ خلقه في الفضاء، وفي الأرض، وفي كل مكان وزمان.
ولكن هل يعقل ذلك العالمون؟
* * *
* وأعود قبل نزول الطائرة من تأملاتي في فضاء الله وملكوته
أعود من التأملات في فضاء الله إلى فضاء النفس البشرية
أحدِّق من شرفتي في مقصورة الطائرة!
والطائرة وسط هذا الليل
تمزق ستاره
تنزل مرحلة مرحلة
من ملكوت الفضاء
إلى دنيا الأرض
أنظر إلى أضواء الأرض، وطرقات المدن
أحدق والطائرة تقترب من الأرض أرى الناس الذين يركضون في مناكب السبل، وكل له غاية.. وكل له هدف..وكل له صيد يسعى إليه، ولكن الشباك مختلفات.
كل من في الوجود يطلب صيدا
غير أن الشباك مختلفات
* * *
وبعد..!
تنتهي رحلة التأمل في الطائرة لتصل إلى الأرض
لكن هل تنتهي رحلة التأمل الدائمة
سواء فوق الأرض أو عليها
إنها لا تنتهي ويجب ألا تنتهي
فالله خلق هذا الكون لنتدبره ونفكر في مخلوقاته وملكوته ونكشف بعض أسراره لندرك عظمة الله وجبروته وحكمته في خلق السموات والأرض.
(إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون» «164 البقرة».
سبحانك
ربنا ما خلقت شيئاً باطلاً
من بشر أو حجر
من أنعام أو شجر
من فجر مضيء
أوليل سرمدي
سبحانك
ما خلقت هذا باطلا
ما نعلم وما لا نعلم
ما خلقت شيئاً باطلاً
سبحانك
* * *
* نجوى:
* «اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياء، ولأبصارنا جلاء، ولأسقامنا دواء، ولذنوبنا ممحصاً، وعن النار مخلصاً.
اللهم ألبسنا به الحلل وأسكنا به الظلل، برحمتك يا أرحم الراحمين».

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved