| مقـالات
استكمالاً للحديث عن البحث العلمي في العالم العربي فقد ذكرت دراسة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أن العالم يعيش منذ العقدين الأخيرين تحولات متسارعة طالت كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وقد كان للثورة التكنولوجية وثورة المعلومات والاتصال وما رافقهما من ظواهر الأثر البعيد في هذا الصدد فعقدت الندوات والمؤتمرات على كافة الأصعدة للتباحث في أشكال التعامل مع هذا الواقع وفي أساليب توجيهه لفائدة الأفراد والمجتمعات. ولما كانت التربية مرتبطة بشأن الإنسان فهي لم تعد بمعزل عن التحولات الحاصلة وبالتالي أصبحت مطالبة بمعالجة جملة من الاشكاليات مطروحة عليها وبالعمل على إيجاد الحلول لها وهذه الإشكاليات هي ضرورة الانفتاح على العالم الخارجي وعلى الثقافة العالمية من جهة ومن جهة أخرى تأمين المحافظة على الأصالة والثقافة المحلية وتقاليد المجتمع والنسيج القيمي الذي يقوم عليه وتحقيق الاستيعاب الأمثل للتغيرات المتسارعة في كل المجالات وبخاصة فيما يتصل منها باستخدام تكنولجيا الأقمار الإصطناعية والهندسة الوراثية وتقنيات الاستنساخ الجيني وضرورة التخطيط على المدى الطويل في ضوء الدراسات الاستشرافية للمستقبل وما تتطلبه من وفرة للمعلومات وقدرة على اتخاذ القرار لمواجهة التغيرات المتسارعة وهو أمر لا ينسجم دائماً مع التخطيط التربوي الاستراتيجي الذي يتسم بالتأني والرصانة نظراً لكونه يمس كل أفراد المجتمع ويتطلب توفير ميزانيات كبيرة وتأكد التركيز على تنمية الموارد البشرية على اعتبار ان القرن الحادي والعشرين قرن الثروة البشرية أكثر منه قرن الثروة الطبيعية ومن هذا المنطلق فإن للتعليم والتدريب دوراً أساسياً في بناء رأس المال البشري، وضمان التوازن بين تكريس التنافس لتمكين الموهوبين والمتفوقين من استغلال طاقاتهم وتوظيف امكاناتهم من جهة ومن جهة أخرى تحقيق الرعاية لكل الأفراد مهما كانت مستوياتهم وهو ما يمثل تحديا للتربية يفرض عليها تطوير مناهجها لتجاوز النمطية التي تتسم بها وضمان التوافق بين الأبعاد المادية في تربية الأفراد والأبعاد الروحية في عالم تسوده القيم المادية. وتذكر الدراسة ان التربية لمواجهة هذه الاشكاليات يجب أن تركز على محاور أربعة هي التعليم للمعرفة والتعليم للعمل والتعليم للتعامل مع الغير والتعليم لإثبات الذات، كذلك فإن من تأثير الثورة التكنولوجية وثورة الاتصال تأكد الربط الوظيفي بين التربية والبحث العلمي والعمل الانتاجي وتخصيص فضاء متميز للتربية على حساب التعليم والعمل بمبدأ التربية المستديمة مدى الحياة وتوثيق الصلة بين المتعلمين ومصادر المعرفة وتدريب هؤلاء على البحث عن المعرفة وعلى تحليلها وتنمية الفكر النقدي لديهم والقدرة على حل المشكلات والتنبؤ بوقوعها مسبقا وتنمية القدرة على الضبط الذاتي وإنماء روح المبادرة والابداع وفي ضوء هذه التوجهات علي المعلم تطوير عمله من مجرد التلقين والتقويم إلى وظائف أخرى منها أن يركز على طرائق التعليم والتعلم أكثر من تركيزه على المعرفة وأن يستخدم التقنيات والتكنلوجيا الحديثة ويدرب المتعلمين على توظيفها التوظيف الأمثل وأن يكون وسيطا بين الطلبة والمعرفة وأن يساعد المتعلمين على اكتشاف قدراتهم وعلى توظيفها في الحياة العملية وأن يساعدهم على تحليل المواقف الجديدة وعلى التكيف مع متطلبات التغيير في أبعاده المختلفة، وعلى هذا فإن النظم التربوية على المستوى العالمي وعلى المستوى العربي تواجه تحديات صعبة يستوجب معها العمل بمقتضى عدة توجهات منها الاعتماد على البحث التربوي والاستفادة من النتائج التي توصل لها وفي ضوء هذا الاعتبار تصبح للبحث التربوي مهام محددة من شأنها ان تساعد على تطوير التربية وعلى رفع التحديات المطروحة عليها وقد أوردت الدراسة أربع مهام للبحث التربوي وهي التخفيف من نقاط الاختناق في النظم التربوية ودعم القرار وتوفير البعد الاستراتيجي للتطوير واستشراف المستقبل.. وعلى الله الاتكال.
كلية التربية جامعة الملك سعود.
|
|
|
|
|