| مقـالات
القشة يرونها جيدا في عيوننا، وإن لم يروها أتوا بمجهر للبحث عنها، فربما كانت مختبئة هنا أو هناك، ولكنهم في الوقت نفسه لا يرون العتلة التي في عيونهم. هذا بالضبط حالنا مع الإعلام الامريكي وحالنا ايضا مع الإعلام في العديد من الدول الاوربية وغيرها. تلك التي جمعت المساوىء التي تعج بها بلدانها وجعلتنا سببا في وجودها وربما تجذرها، ولذلك لا بأس عليها إذا حشدت كافة منجزاتها الإعلامية: المرئية والمسموعة والمقروءة في شن موجة لا هوادة فيها على بلادنا ومواطنينا. هكذا إعلام. ينتج عادة عن كلامه بؤر مليئة بالحقد والضغينة غالبا ما يكون ضحيتها المواطن السعودي فهو الموجود المادي أمامهم هناك. فتطلق عليه وحوله الكلاب البوليسية وتراقب ملفاته ويضيق عليه في إقامته وعند سفره، حتى اصبح الخروج من بيته لا يختلف عن جلوسه فيه فالوقوف في المطار معاناة ودخول المحلات وأماكن الدراسة كذلك. أصبح يعيش في موجة مركزة من الكراهية والترقب مع انه قبل ايام كان الدجاجة التي تبيض ذهباً وبترولاً، وكان العربي الوحيد الذي يدفع في كل مكان وبكرم متناهٍ في الجامعة والسكن والمحلات والسفر ومدن الملاهي.. انه الوحيد الذي لا يتسول الدراسة أو التأشيرة أو يماطل في أداء التزاماته المادية في السكن وفواتير الهاتف والكهرباء. لذلك عد المواطن السعودي نموذجيا في سلوكه العام. ما الذي حدث؟
فورة عاطفية! هكذا يقال لكن السؤال هل الإعلام الامريكي يمر أيضا بفورة عاطفية. فلم يترك شيئا من الزفر إلا وقلبه على رؤوسنا. وكأننا نحن الذين ساهمنا عن قصد في تكون أو وجود أكثر من (200) منظمة إرهابية تعيش في الولايات المتحدة. وهي منظمات متعددة التوجهات فمن أعداء العولمة إلى أنصار إسرائيل إلى أعداء التحديث. منظمات لا حصر لها كان من الممكن ان يكون أفراد منهم سببا من أسباب القلق الذي يعيشه الشارع الأمريكي. ومع ذلك كله فان «العتلة» الكبيرة لم يرها الإعلام الذي يعاني الآن من فورة عاطفية بعد استقرار عواطفه تجاه مجازر إسرائيل واقتحام قوات شارون للمنازل والقرى وحتى تلك التي لا تهدمها الطائرات فان البلدوزر يتولاها بعنايته الفائقة لتسقط على رؤوس ساكنيها! إن المملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي حذرت مبكرا من الإرهاب فقد اكتوت بناره في الوقت الذي كانت فيه دول كثيرة تعج بمن يلاحقون الآن. في أمريكا وأوربا. ومن هؤلاء من كانوا يعيشون على الرحب والسعة مع أن أيديهم ملطخة بدماء مواطنيهم وقد حلوا بالوطن الجديد بحجة أنهم يعانون من الاضطهاد. ولم تكن مناشدة المملكة ومصر لهذه الدول تلقى أي تجاوب لتسليم أولئك الإرهابيين، حتى حصل ما حصل ليصبح من كان ضحية بالأمس متهما اليوم وسوف يظلون يبحثون عن القشة في عيوننا طالما هناك قصور في توصيل صوتنا ورؤيتنا لما يحدث في العالم اليوم.
فاكس 4533173
|
|
|
|
|