أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 26th November,2001 العدد:10651الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,رمضان 1422

محليــات

يارا
كم هي رخيصة أرواحنا !
عبدالله بن بخيت
(التاريخ يعيد نفسه) لا أعرف من قال هذه العبارة. سيناريو الحرب الأفغانية لا يختلف عن سيناريو الحروب التي مرت على العرب والمسلمين في العصر الحديث، وكأنها حروب مترابطة ممتدة تعيد توليد نفسها. عندما جيشت أمريكا شعبها للحرب ضد الإرهاب أعلنت على الفور أنها أمام عدو خطير وعلى الشعب الأمريكي أن يستعد لحرب صعبة ومحفوفة بكل المخاطر. ثم انهالت التحليلات الصحفية في الجرائد والفضائيات عن الصعوبات التي تكتنف الحرب في أفغانستان. وأن الأمريكان لن يكونوا في نزهة سريعة وخاطفة، فطالبان لديها الإمكانات وخصوصا عامل الأرض من جبال وكهوف وجليد وخبرة وإيمان. وأن الحرب لن تحسم بالطيران وكذا راحت طالبان تردد أنها في انتظار الحرب البرية. وأن مصير الأمريكان لن يكون أفضل من مصير الإنجليز والروس الذين مرُّوا على أفغانستان في زمن من الأزمنة. نفس الكلام الذي سمعناه أثناء الإعدادات لحرب الخليج الثانية.
أعلن الأمريكان أن الجيش العراقي هو سادس جيش في العالم وأن هزيمته تتطلب حربا ضروسا لم يشهدها التاريخ. وساد الاعتقاد أن الصحراء العربية ستكون مقبرة الجنود الأمريكان كما كانت غابات فيتنام. وأخذت القيادات العراقية بعد بدء الحملة الجوية تعلن بكل كبرياء أن الحرب لن تحسم بالطيران وأن الجيش العراقي الباسل ينتظر الحرب البرية. بعد ثلاثة أسابيع أنهار الجيش العراقي حيث ذكَّرني بالثور الأسباني الذي يتلقى الطعنات واحدة تلو الأخرى دون أن يكون في مقدوره أن يفعل شيئاً سوى أن يدور ويركض ويقف ويحرث الأرض بقدمه وخصمه يستمتع بهتافات الجماهير. وأخيراً ينهار مضرجاً في دمائه وإعيائه. وما حصل للجيش العراقي هو ما يحصل الآن لجيش طالبان. والغريب في التحليلات السياسية والعسكرية هناك سيناريو واحد أيضاً. كأن الجميع جزءٌ من حملة تحت قيادة إعلامية موحدة. أتذكر قبل بدء حرب الخليج أجمع عدد من المحللين العسكريين الغربيين والروس والعرب مثل سعد الدين الشاذلي على أن الكويت تحولت إلى قلعة حصينة لا يمكن لأي جيش في العالم أن يقتحمها وسمعنا نفس الكلام من نفس المحللين عن طالبان والشيء الطريف جداً والمثير لكل العجب هو الموقف الفرنسي. عندما بدأت الدول الغربية في حرب الخليج تعد العدة للحرب إلى جانب الولايات المتحدة كانت فرنسا ترفض الحرب من حيث المبدأ، ثم لانَ موقفها قليلا ولكنها واجهت عقبة القيادة لأنها لا تسمح بأن يكون جيشها العظيم تحت إمرة دولة أخرى. ثم لانَ موقفها أكثر فأعلنت أنها سوف تشارك تحت إمرة الولايات المتحدة ولكنها لن تقصف العراق في الداخل وسوف تكتفي بقصف الجيش العراقي في الكويت. وأخيراً دخلت الحرب بكل تفاصيلها وقصفت حتى القرى العراقية النائية وهذا ما يحدث من فرنسا الحاضر. تلكأت وحارت ودارت ثم أعلنت أخيراً أنها أرسلت جيشاً مكوناً من خمسة آلاف للمشاركة الكاملة في الحرب ضد الأفغان وستقصف كل ما تطوله طائراتها.
لا أحد يعرف حتى الآن كم جندي عراقي قتل ولكن المؤكد أن طائرات الأباتشي الأمريكية قتلت مئات الألوف من الجنود العراقيين الفارين من الكويت. لا أحد يسأل الآن كم قتلت الطائرات الأمريكية في أفغانستان. فطائرات B52 لا تعرف الرحمة فهي تفرش الأرض بالموت ولا يمكن أن تذهب هذه الطائرة الضخمة لقتل عشرات أو مئات فقط. ليس لها إلا وظيفة الإبادة.
العبرة أن طالبان انهارت وهي لم تطلق رصاصة واحدة وهذا ما حدث بالضبط لسادس جيش في العالم قبل عشر سنوات ولكن رغم هذا التشابه فالتاريخ لا يعيد نفسه على الاقل من جانبنا. ففي حرب الخليج كنا بقيادة أفَّاق هو صدام حسين. أما في الحرب الأفغانية، فقد تحولت القيادة إلى درويش هو الملاَّ عمر.
YARA4ME@YAHOO.COM

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved