| عزيزتـي الجزيرة
أتدري!!
كم كانت رائعة تلك النشوة التي احسستها حين ارتقيت ذلك البرج العاجي.. الذي يتمناه الكثير!!
نعم.. لقد علوته فرأيت جمعا غفيرا تحتي، ذلك مكب على وجهه احمق، وذاك هائم في غلوائه أخرق، واخر بطلعته أنار الكون وأشرق..
رأيت الكبرياء المقيتة، والانحناءات المميتة.. رأيت عفو الكريم، وتمرد اللئيم ورأيت أني من كل آفة سليم، فعشت سادراً في أحلام كالنسيم، وابتهاج خيل الى انه مستديم، وكنت ذا همة مفرطة، وعزيمة غير محبطة، فطمحت نفسي لأن ارتقي، وأبلغ القمة وأستقي، فما ان تجاوزت قيد انملة، حتى تبدي لي ما كنت أجهل، وعرض على كل مقتل، ففزعت وقلت بصوت عال: أهذا ما كنت عليه، وبكفي ابتنيه، أكل هذا الخلل، ولم أدر بالعلل، أهذا... وقاطعني صوت رخيم بنغم رحيم، فيه الحكمة ساكنة، والثقة كامنة، قائلاً يا بني او ما سمعت قول ابي الهيجاء:
ها قد حصدت زروعك
وقد رميت شموعك
إن كنت تسخر مهلا
فهل رأيت فروعك
أو كنت للنصح أهلا
لاتحبسن دموعك |
فأيقنت حينها بنباهة أبي الهيجاء وفطنته، وتذكرت تلك الحكمة التي رماها إلي قبل زمن ، وقد تفرس هذا الزمن قال وقوله عجيب:
«انظر لثوبك تشغل بعيبك».
وعلمت ان كل ساكن لا بد ان يتحرك وفي تحركه المصير المدرك، لن تعرف ما انت عليه حتى تتجاوزه الى ما يليه.
فاجعل لك وقفة بين الفينة والاخرى، لتنظر الى ركام ايامك الذي خلفته، فربما اصلحت من مستقبلك، ما يدنيك من املك..
فلك من موقفك عتاد، ومن ذاتك حصاد، فاجعل عتادك الورد، تجني الرحيق والند، ولاتجعل عنادك الصبار، فتجني الحمق والاستهتار.
والسلام..
فواز بن عزيز الشمري - رفحاء
|
|
|
|
|