رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th November,2001 العدد:10650الطبعةالاولـي الأحد 10 ,رمضان 1422

الثقافية

الدور العربي في التاريخ الأدبي للقرون الوسطى «تراث منسي»
* تأليف: ماريا روزا مونيكال
*ترجمة: الدكتور صالح بن معيض الغامدي
اسم الكتاب: الدور العربي في التاريخ الأدبي للقرون الوسطى.
اسم المترجم: الدكتور الفاضل صالح بن معيض الغامدي.
الطبعة: طبعة النشر العلمي والمطابع جامعة الملك سعود عام 1419ه، 1999م.
كتاب الدور العربي في التاريخ الأدبي للقرون الوسطى كتاب يحكي وجود الحضور العربي الاسلامي في أوروبا وأهميته، ويبين هذا الكتاب أيضا الدور الذي لعبه هذا الحضور على المسرح الفكري والأدبي في ذلك الوقت، وهذا الكلام الآنف الذكر هو سبب من الأسباب التي دفعت مترجم الكتاب الفاضل الدكتور صالح بن معيض الغامدي الى ترجمته ونقله الى العربية ليتسنى لأبناء الضاد الاستفادة منه، ومن الأسباب الأخرى التي دعت المؤلف الى ترجمته أيضا كون مؤلفة الكتاب ليست مستشرقة أو مستعربة بل متخصصة في الدراسات الرومانثية وهذا الأمر من شأنه أن يجعلها أكثر موضوعية وأشد انصافا في مناقشتها للأدب العربي الذي كتب في أوروبا خلال القرون الوسطى، ومن هذه الأسباب أيضا المفهوم الواسع الذي تتبناه المؤلفة لمسألة التأثير والتأثر بين النصوص العربية وغيرها من النصوص الأوروبية الأخرى، كذلك أيضا التحليل المقارن الذي تقوم به المؤلفة في دراستها لنصوص عربية صقلية وأندلسية شعرية ونثرية مع نصوص أدبية كتبت بلغات أوروبية مختلفة.
وفي تمهيد من تمهيدات الكتاب تشير المؤلفة الى التشجيع الذي لقيته عند شروعها في دراسة اللغة العربية وآدابها فيقول:«شرعت في دراسة اللغة العربية الفصيحة منذ بداية دراستي العليا لفقه اللغة الرومانثي» وذلك بقصد التسلية الى حد كبير، وكنت جد محظوظة كوني وجدت التحفيز والتشجيع لخوض هذه المغامرة من أستاذ جامعي للاسبانية القروسطية كان نظرا لكونه تلميذا سابقا لأمريكو كسترو أكثر الناس ميلا الى ادراك قيمة مثل هذا المشروع المحتملة» ومن خلال هذا الكلام السابق لمؤلفة الكتاب ندرك ان هذا الاتجاه كان في بداية أمره هواية مسلية ثم ما لبث ان تحول الى حرفة محببة لمؤلفة الكتاب، ويظهر من الكتاب الجهود العظيمة التي بذلها كل من المؤلفة والمترجم لاظهار هذا الكتاب الى حيز الوجود، فقد قرأ كل منهما الكثير الكثير في سبيل خدمة هذا الكتاب واخراجه بشكل مرض، وفي نهاية التمهيد الذي كتبته المؤلفة اشارة هامة الى اهداء الكتاب لجد المؤلفة وتقول:«إن هذا الكتاب مهدى الى ذكرى جدى جوان مانيول مينوكال والى معلمي صموئيل جوردن أرمستيد»، وحول نقطة هامة، جاء فيها الاشارة الى دور الحضارة العربية في أوروبا، وان أحد المكونات الرئيسة في صنع العصور الوسطى كان عربيا أو ساميا تقول المؤلفة:«ولكن على الرغم من ان مجموعة معينة من المؤرخين بمن فيهم المؤرخ الشاذ، قد طرحوا وجهة النظر التالية أو بعض جوانبها وهي ان ملمحا أو أكثر من الملامح الأساسية لعالمنا القروسطي كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عالة على العالم القروسطي، فإن مثل هذه الآراء لم تصبح على الاطلاق جزءا من الاتجاه السائد بين جماعة الدارسين الذين يتعاملون باستمرار مع الدراسات الأوروبية القروسطية، وخاصة الدراسات الأدبية فالمكون العربي لوجهة نظرنا النموذجية تجاه العصور الوسطى ما يزال ثانويا على الدوام ولم يكن منظما على الاطلاق» وهنا يتضح دور الثقافة العربية في الأوساط الأوروبية ثم اخفاء المؤرخين الأوروبيين لهذا الدور وعده ثانويا، فجاء كلام المؤلفة فاصلا وحاسما حول هذه النقطة التي طالما أورثت جدلا طويلا، ثم تسترسل في حديثها عن هذا الدور قائلة:«أعتقد ان العملية الانتقائية للتاريخ وللتاريخ الأدبي قد حرمتنا كما جرت العادة.. من تقدير كثير من النصوص الفرعية المهمة وانها قد قامت الى درجة كبيرة باطراح كثير من القوى الثقافية التي كانت مؤثرة في العصر القروسطي، أو تبسيطها وتشويهها الى درجة يصبح فيها التعرف عليها أمراً مستحيلا، لذلك فإن الجزء الذي لا يمكنه ان يتخيل ان قوة ثقافية تبدو الآن غريبة عن ثقافتنا الخاصة كانت ذات يوم تشكل جزءا من أساسها» وتحدثت المؤلفة عن عرب الأندلس وأشارت الى علماء أجلاء وشعراء أفاضل مثل أبي شهيد وابن زيدون وابن حزم، ووصفتهم بأن هؤلاء الثلاثة سيصبحون على مر الأزمان أفضل زمانهم، ومضرب المثل له، فابن شهيد هو مؤلف رحلة الى الحياة الآخرة، وابن حزم كان مؤلف رسالة في الحب تمزج ما بين الشعر والنثر، ولعلها تقصد بهذه الرسالة كتاب ابن حزم طوق الحمامة، وأما ابن زيدون فعدته الكاتب الأول للشعر الغزلي في عصره، ثم أعقبت هؤلاء الثلاثة كتابات أدبية وصفتها بقولها «ولقد أعقب هذه الكتابات الأدبية الشهيرة في أيام الخلافة الأخيرة ظهور عدد كبير آخر من الشعراء احتضنتهم أجواء كرم ممالك الطوائف، تلك المدن التي أصبحت فيها تنمية الفنون وكل أنواع العلوم والفلسفة ورعايتها أولية كبرى بالنسبة للملوك أنفسهم» وعقلية المؤلفة كانت عقلية واعية يقظة وهي تكتب كتابها هذا، فهي عقلية المؤرخة اليقظة من ذلك قولها:«فإن من غير المقبول ان نرفض حالات التأثير العربي الأندلسي المحتمل على أوروبا المسيحية على أساس ان النصوص التي نحن بصددها لم تكن حقيقة، أعنى أصلا عربية أو أندلسية، كما أنه لا يمككنا ان نستمر في التمسك بأن أنواعا كثيرة من المعرفة أو التفاعل كانت محرمة بسبب الخوف من الاسلام والكراهية له»، وتقول مدافعة عن العرب :«لقد كان العرب حسب المقاييس المسيحية هراطقة، وما فعلوه لكي يستحقوا مثل هذا المصير العجيب كان سراً غامضاً ومصدراً لشيء من الاهتمام» وقد أثرت الحضارة العربية الأندلسية في غيرها من حضارات أوروبا، وصبغتها العربية، وأطلقت عليها مسمياتها المختلفة ومن ذلك البوصلة والاسطرلاب والشيكات والوثائق المالية الأخرى، والبهارات والشطرنج وغيرها.
وتشير المؤلفة الى تأثير الثقافة العربية في أعلام بارزين مثل دانتي حيث تقول:«إننا عندما ندرس كاتبا مثل دانتي على سبيل المثال يجب علينا ألا نتجاهل دور الثقافة العربية لأنها كانت مؤثرة فيه، ليس بمعنى أنه قد احتضنها بل بمعنى ان عمله الأدبي ربما كان رد فعل متر وضد حضورها المفتئت في بيئته الفكرية» هذا وقد لعب عدد من الأندلسيين دورا رائداً في الثورة الفكرية والفلسفية الناشئة في أوروبا، وهذه الأدوار جعلت أوجه الخلاف بين أوروبا اللاتينية وأوروبا العربية أقل عددا من أوجه الشبه بينهما غير ان دانتي مكنه مؤلفه المشهور من احتلال مكانة لا تضاهى حقيقة في قلوب الأوروبيين وعقولهم وعلى مدار القرون المتعاقبة ، وقد حظي كتابه الكوميديا الإلهية بعناية علمية وأدبية حيث درست في عدة لغات ومن بينها الانجليزية.
وقد كانت الدراسة مسهبة جدا وهي دالة على عقلية تاريخية منصفة ونادرة، وقد ركزت الدراسة على جوانب أخرى مضيئة لم تتناولها هذه القراءة القصيرة لضيق المقام عن ذلك، وفي نهاية الدراسة وردت كلمة هامة للمؤلفة وهي قولها:«لئن كانت هذه الدراسة قد ركزت على الأسباب والطرق التي تمكننا من رؤية مركزية الأندلس في أوروبا، فذلك بسبب قناعة تمسك بها بشدة مؤداها أن ما يشكل غالبا الجانب المستتر لأسبانيا القروسطية، أعني العالم الأندلسي وانعكاساته، لن ينال الاهتمام الذي يستحقه إلا بعد إدراك هذه المركزية، وعندئذ فقط سينظر المتخصصون في الدراسات الأسبانية الى هذه الفترة بوصفها واحدة من أمجد فترات التاريخ الأسباني، إن المتخصصين في الدراسات الأسبانية غالبا ما يشتكون، ولعلهم محقون في ذلك، من المكانة المتواضعة التي يحتلونها في التبريز في هذا الحقل، مقارنة بدارسي الأدب الفرنسيين والانجليز، فهم يندبون الشعور القاضي بأن ما هو أسباني ليس جوهريا للتوصل الى فهم ما للتاريخ الأوروبي مثل جوهرية ماهو فرنسي أو انجليزي وبأن كتابها ليسوا بارزين في القوائم القرائية بروز بلزاك وبروست وجويس وهنري جمس، وبأن احتمال أن يكون متخصص عام في الدراسات القروسطية قد قرأ أنشودة رولان أو الكوميديا الالهية أكبر من احتمال أن يكون قد قرأ أنشودة السيد أو كتاب الحب الطيب، بيد أن المتخصصين في الدراسات الأسبانية قد ساعدوا ربما عن غير قصد على ترسيخ هذا الشعور، وذلك عن طريق تجاهلهم وتهميشهم لحقبة التفوق البارز الأوروبي لأسبانيا ولثقافته، وهو تفوق قد يقال انه قد كان التفوق الأعظم والأشد تكوينا الذي ستحصل عليه إسبانيا من حيث الفلسفة والعلوم وكل شكل من أشكال النشاطات الفكرية الأوروبية».
وأخيرا كان الكتاب يتمتع بأسلوب تاريخي ونقدي واع في حكاية التاريخ والذي لابد أن يأخذ به كل دارس وباحث ومطلع على تاريخ الأمم المجاورة، والأمم المختلفة، ومن خلال القراءة في الكتاب تظهر الانجليزية الصرفة والعتيقة التي تكتب بها المؤلفة مما جعل هذا الأسلوب أسلوبا علميا عاليا ويحتاج الى تركيز شديد كما ان هذه الخصائص انتقلت الى ترجمة المؤلف فجاءت الترجمة ترجمة حية تعنى بالمعنى والسيطرة على أسلوب المؤلفة ومحاولة نقله بصورته القريبة الى الأسلوب العربي، وظهرت في الكتاب علمية المؤلفة وشخصيتها البارزة والتاريخية والتي ظهرت واضحة في النص فكما يقال قديما: الأسلوب هو الرجل. وكل فصل من فصول الكتاب يختم بهوامش يشار فيها الى مراجع الكتاب التاريخية والعلمية سواء أكانت كتبا أو مقالات وقد جعلت هذه الهوامش بخط أصغر من خط الأصل، وهذه الهوامش دالة على حصيلة الكتاب العلمية والثقافية وهي هوامش متوسع فيها دالة على عمق معرفية المؤلفة والمترجمة حفظهما الله تعالى وأحداث التاريخ كانت المؤلفة تسوقها بشكل ممتع رغم انجليزيتها الأصلية مثل حادثة وليم التاسع حوالي 1100م، ويبدو من الكتاب ومعلوماته ان المؤلفة كانت قارئة جيدة ومستوعبة للتاريخ كما في حديثها عن عرب الأندلس، هذا وقد حظي الكتاب بفهارس خدمت مادته العلمية وموضوعاته، وكانت هذه الفهارس تضم الموضوعات التالية: ثبت المصطلحات والكلمات المهمة، كشاف الموضوعات، ويحوي الكتاب في خاتمته على تعريف أعده المترجم بأهم الأعمال الأدبية المذكورة في النص وهي على التوالي: الأيام العشرة، أنشودة أو ملحمة دولان، أو كاسين ونيكوليت، بلاغة اللغة العامية، ترستان، الحياة الجديدة، رواية الوردة، سجن الحب، فلوار وبلا نشفلوار، كتاب الحب الطيب، كتاب العالم، الكنز، الكنيز، لانسلوت أو فارس العربة، محاضرات العلماء، ملحمة السيد.
لمراسلة الكاتبة:
ص.ب 54753 الرياض 11524


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved