| مقـالات
لا أحد ينكر بأن علاقة المتعلم تنتهي عند حصوله على شهادة التخرج بمعنى ان العملية التعليمية التي تمتد منذ الطفولة تحسمها شهادة التخرج فلا يبقى في ذهن الخريج من صدى تلك المرحلة سوى هيمنة المواد التي يحاول ان يتخلص منها بالنسيان وبالكراهية، لكل ما يمت الى التعليم بصلة، هذا ما يحدث في الغالب الأعم ولنترك الشواذ الى وقت آخر، فقد حاولت استقصاء عدد الخريجين خلال السنوات العشر الماضية، ولكنني لم اتحمس لمعرفتي المسبقة بأن البحث سوف يكون مضنياً في وجه القدرة المتواضعة لجهات الاحصاء وهذه من أسباب احباط الكثير من تطلعاتنا المعرفية الدقيقة كما أنه يتقاطع مع الرغبة في أن تكون الصلة التثقيفية مستمرة لدى الفرد من المهد الى اللحد وان تخللتها مراحل مختلفة وجهات رسمية متغيرة إنما لنتصورها واحدة أي أنه جهاز تعليمي يرافقنا في فترات حياتنا منذ الصغر، ولا نريد أن نبتعد عنه حتى بعد التخرج لأنه بمثابة الأب الروحي الذي غرس في نفوسنا تلك المحبة كما يفترض للعلم والتعليم اقبلنا عليها طواعية أو رغما عنا شأن من يركب أي واسطة نقل تصيبه بالملل تارة أو بالضجر تارة أخرى، ومع ذلك يتمسك بها لأنها سوف تفضي به الى خاتمة الرحلة التي ينشدها.
أعرف بأن وزير التعليم العالي أو مدير الجامعة سوف يتهمني بصفات منها إقلاق راحته التي يستشعرها بعد انتهاء المرحلة الدراسية من كل عام مع عدم تخليه عن مسؤولية أبنائه في المنزل بصرف النظر عن مستواهم التعليمي إذ إن الهدف ليس التوقف عند مرحلة بعينها لأنها تتيح للطالب أو الطالبة التفرغ الى تكوين مستقبله عن طريق وظيفة يحصل عليها انما نريد استمرار تدفق نهر المعرفة حتى بعد التخرج بمعنى ان يبقى ذلك الجسر مفتوحا لمراحل متتابعة طالما أمكن ذلك عن طريق زرع عامل مهم ألا وهو حب المعرفة إذ ان أكثر الخريجين ينبذون القراءة وكأنما تمثل لهم فعليا مرحلة سيئة لأن التعليم الحالي يقوم على الحفظ والتلقين وليس الابداع والتنافس، ولهذا السبب نرى الكتب ترمى عند أبواب المدارس بعد الانتهاء من الاختبارات وهي تمثل الزراية لهذا الوعاء الفكري الذي سوف يلقى الاهمال لاحقا ولا يقترب منه لأنه يذكر بمرحلة ليست مستحبة، وهنا منتهى الخطورة بينما نجد الغربيين في تنقلاتهم لا يفارقون هذا الوعاء الفكري ويحرصون على مصاحبته في كافة وسائط النقل وأماكن الانتظار في المحطات والمطارات.. إلخ.
فمتى نحظى بجيل قارىء بل كيف السبيل الى فتح نوافذ اللقاء ما بين القارىء والكتاب هذا ما أرجو من الباحثين دراسته واشعال الاضاءات التي تفضي الى الانفتاح بدلا من القطيعة والجفاء.
للمراسلة ص.ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|