| الريـاضيـة
يتساءل الكثير من الناس عما يجنيه المشجع الرياضي من مكاسب، ويعتقد بعض منتقدي التشجيع الرياضي انه يكاد يكون عديم الفائدة على الإنسان، والحقيقة ان التشجيع الرياضي له غايات سامية ومكاسب مفيدة متى ما أدرك المشجع ذلك، والمكاسب التي يمكن ان يجنيها من التشجيع الرياضي لها جوانب مختلفة.
وأول هذه الجوانب المفيدة في التشجيع الرياضي حب الانتماء، وللانتماء أوجه وأشكال مختلفة، فهناك مثلاً الانتماء الأسري الذي هو أساس للانتماء الوطني، وبين الانتماء الأسري والانتماء الوطني خيوط ومسارات مهمة تهيئ الانسان إلى ان يكون منتمياً إلى وطنه، ولهذا نجد ان المؤسسات التعليمية تساهم بإيجابية من خلال برامج التربية الوطنية إلى إحياء الانتماء، والتربية الوطنية ليست منهجاً يدرس بل هي سلوكيات وممارسات تذكي روح الانتماء في النشء، فالجمعيات المدرسية صورة من صور الانتماء، وكذلك الحال بالنسبة للنشاطات المختلفة والتي تعزز روح الانتماء لدى التلاميذ لمجتمع الفصل، ومن خارج الدائرة التعليمية فإن المؤسسات الرياضية تساهم في تمتين خيوط الانتماء المؤدي إلى الوطنية، هذه المؤسسات الرياضية تساهم بشكل وآخر إلى دعم الانتماء الوطني، فالأندية الرياضية تكلف الدولة الكثير من أجل هيبة الكيان الوطني، وقد تحجب الظروف الكثير من العناصر البشرية عن ممارسة الأنشطة الرياضية، ولكن التشجيع الرياضي صورة مهمة من صور الانتماء المنشود، ولا يقل بأي حال من الأحوال عمن يمارس النشاط الرياضي، فتشجيع كرة القدم مثلاً من خلال الانتماء للأندية الرياضية له مكاسب وطنية تبلور الانتماء بطريقة أخرى تختلف عن مفهوم الانتماء الأسري والانتماءات الاجتماعية الأخرى.
ان تشجيع ناد معين يوجد تكتلاً اجتماعياً قادراً على تعزيز الانتماء الوطني، إذاً يمكن القول بأن التشجيع الرياضي يحقق الانتماء الوطني من خلال المنتخبات الأهلية التي فيها التكتل الاجتماعي على مستوى الدولة.
وجانب آخر من الغايات السامية للتشجيع الرياضي، فهو صورة من صور الترويح عن النفس، فمن الملاحظ ان المشجع الرياضي يجد في التشجيع ترويحاً عن نفسه وهمومه التي قد تؤثر سلباً على حياته، فيجد في التشجيع الرياضي ما يشغله عن تلك الهموم والمشكلات، ويلاحظ ان المشجع الرياضي يجد المتعة في متابعة الفريق الذي ينتمي له، ويحرص على ان يتوفر لديه وقت لمشاهدة أحداث المباريات ويتابع النتائج، ومتى ما تحقق الفوز فإن شعوراً من السعادة يختلج روحه ويزيل عنه الكثير من الهموم، فيصبح في حالة معنوية تؤهله بأن يعيش لحظات هانئة وينعم بنوم هادئ، أما في حالة تأخر فريقه ففي ذلك فائدة تتمثل في اكسابه المقدرة على تحمل الظروف السيئة والمصاعب.
وهناك جانب آخر في التشجيع الرياضي يتمثل في ان بعض المجالس والتجمعات تنشغل بالحديث في أعراض الناس والدخول في موضوعات لها خلفياتها وسلبياتها على الإنسان بل تصل في بعض الأحيان إلى انها تهدد أمنه واستقراره، ولهذا يعتبر التشجيع الرياضي مخرجاً ايجابياً لتجاوز هذه الأمور السلبية في بعض التجمعات.
كما ان التشجيع الرياضي يعتبر عاملاً مهماً من عوامل التسويق للإعلام المقروء، فكثير من المنتمين للتشجيع الرياضي يحرص كل الحرص على اقتناء الصحف اليومية حرصاً منه على متابعة الأحداث الرياضية، وبالتالي فإن ذلك عامل جذب لتصفح الجريدة بكاملها، مما يؤدي إلى توسيع نطاق الرسالة في الإعلام المقروء، ويقاس على ذلك بقية القنوات الإعلامية المختلفة.
إن من يطالب الآخرين بالتنحي عن التشجيع الرياضي فإنه يجهل حقيقة التشجيع الرياضي الذي يمكن تصنيفه على أساس ان التشجيع الرياضي يختلف في مفهومه عن التعصب والهوس الرياضي.
فالتشجيع الرياضي هو ذلك التشجيع الذي ينطلق في إطار تعاليم ديننا الحنيف، ويراعي احترام مشاعر الآخرين واختلاف ميولهم الرياضية، وينظر للرياضة على أساس انها مبادئ قوامها الأخلاق.
أما التعصب الرياضي فهو مرحلة يكون فيها المشجع قد تجاهل الكثير من مبادئه الدينية، وتلاحظ على سلوكياته الأنانية وحب الذات، ومتى ما تمادى الإنسان في ذلك يمكن ان تصل به الحالة إلى الهوس الرياضي الذي يجعل منه إنساناً عدوانياً يرفض قبول التعامل مع الآخرين، وقد يتجاوز به الأمر إلى ان يعتدي على الناس ويتطاول عليهم، وهي مرحلة تصل إلى مستوى المفهوم الإجرامي.
ولهذا يجب التفريق بين التشجيع الرياضي بغاياته السامية وبين التعصب والهوس الرياضي بسلوكياته المرفوضة.
وبالله التوفيق.
فهد عبدالله الجابر - الرياض
|
|
|
|
|