| رمضانيات
* تقرير/ ظافر الدوسري الدمام:
للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحمايتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها.. واستفرغ المواد الرديئة المانعة له من صحتها فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو أكبر العون على التقوى.
لكن للأسف يرغب الكثير من الناس النوم في نهار رمضان على الليل حتى أن بعضهم يفضل العمل بالليل على العمل بالنهار لنقصان معرفتهم بفوائد الصوم في النهار، فما فائدة الصيام بالنهار إذا قضاه نائماً وقضى الليل آكلاً شارباً؟
في هذا الموضوع تحدث الدكتور محمد علي البار استشاري طب الأسرة والأطفال مفسراً هنا فسيولوجية الصوم قائلاً:
لقد خلق الله سبحانه وتعالى جسم الإنسان وكذلك جسم معظم الحيوانات على نمط معين بحيث يبقى مستوى السكر في الدم لا يقل عن 70 إلى 80 مليجرامات في كل مائة مليمتر من الدم.
وذلك لأهمية السكر كغذاء مهم للدماغ، بل إن الدماغ لا يقبل في الواقع إلا الجلوكوز (سكر الدم) كغذاء يجدد به نشاطه.
وإذا ابتدأ سكر الجلوكوز في الانخفاض عن هذا المستوى ارسلت مناطق معينة في الدماغ رسائل متعددة إلى الغدد تطلب منها المدد فتقوم الغدة الكظرية بإفراز المزيد من هرموناتها الحاثة على تحويل المواد المدخرة في الجسم مثل الجليكوجين والدهون إلى سكر جلوكوز (بواسطة هرمون الكورتيزول والأدرينالين) وكذلك تفعل الغدة الدرقية والغدة النخامية وترسل هرموناتها الحاثة على تحويل مخازن الطاقة المدخرة في الجسم إلى جلوكوز، ولذلك يبقى مستوى السكر في الدم ثابتاً حول 80 مليجراماً رغم صيام ساعات طويلة. وقد جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان وكثير من الحيوانات القدرة على أخذ الطعام في وقت محدد وتخزينه لوقت الحاجة، فالحيوانات لا تجد طعامها دائماً.. وان وجدته فإن مخاطر اضاعة الوقت في الطعام المستمر تجعلها فريسة للحيوانات الأقوى والأخطر. لذا جعل الله لها خاصية وقدرة على أخذ الطعام في وقت محدد فقط وربما تمضي أياماً دون طعام ومع ذلك تبقى على قيد الحياة ذلك لأن المخزون من الطعام يكفيها.
النوم بالنهار يفتت الطاقة المدخرة
يفضل الكثير من الصائمين النوم في النهار على الليل متناسين بذلك الفوائد الصحية حيث يقول الدكتور محمد علي البار: بما أن الإنسان كان يواجه صعوبة في الحصول على الطعام باستمرار فقد جعل الله له هذه الخاصية مثل الحيوانات. وعندما كثر الطعام وأصبح الإنسان يأكل بانتظام ثلاث وجبات وأكثر وفيما بين الوجبات يشرب كثيراً من المشروبات التي بها مواد سكرية وخاصة في العصر الحديث فإن ذلك يؤدي إلى تراكم المواد الدهنية المختزنة في الجسم دون أن تتاح فرصة لإذابتها وفي ذلك أضرار وأضرار.
وأول تلك الأضرار هو تعطيل العملية الفسيولوجية المتعلقة بتفتيت الطاقة المدخرة على هيئة دهون وجيلكوجين.. وإذا عطلت وظيفة أي عضو فإن ذلك العضو يضمر وها هنا يفقد الجسم قدرته على عملية الهدم المتعلقة بتفتيت الطاقة بصورة جيدة ويؤدي ذلك إلى مزيد من تراكم المواد الدهنية التي تؤدي إلى السمنة.
لذا احتاج الإنسان إلى فترات من الصيام الطويل نسبياً ولهذا فرضه الله تعالى على الذين من قبلنا قال تعالى:)يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
وقد جعل الله فترة الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولم يجعله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.. ولذلك حكم عديدة منها أن نشاط الإنسان إنما هو في النهار ومن المعلوم أن عمليات الهدم تكون على أبطئها في الليل وعلى أشدها في النهار، فتكون الفائدة قليلة إذا كان الصيام في الليل بدلاً من النهار، أما صوم النهار فإنه يؤدي إلى إذابة مخازن الطاقة بصورة أكبر وأفضل . وفي النوم تقل عملية الاستقلاب ورغم أن نوم النهار ليس كنوم الليل إلا أن صوم النهار أيضاً يقلل من عملية الاستقلاب وبالتالي يقلل من إذابة مخازن الطاقة.
ولذا فإن الذين يصومون رمضان ويقضون نهاره نياماً فإنهم يفقدون كثيراً من فوائد الصيام وحكمه التي منها الصبر على الجوع والعطش.. ومنها إذابة مخازن الطاقة الموجودة على هيئة دهون وجليكوجين.
قال تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل).
ولذا فرض الله سبحانه وتعالى صيام نهاره وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام ليله، وليس معنى القيام عدم النوم فيه، بل يستحب النوم جزءاً من الليل ثم يقوم ويتسحر.
|
|
|
|
|