أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st November,2001 العدد:10646الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,رمضان 1422

عزيزتـي الجزيرة

الواسطة.. الداء الذي لا علاج له ولا يمكن الاستغناء عنه
عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مما لاريب فيه ان الواسطة في وقتنا الحاضر أضحت أمرا ملحوظا في المجتمع، فهي شغل الناس الشاغل، وكابوسهم القاتل، فعندما يريد أحدنا الإقدام على أمر ما كالوظيفة أو الدراسة أو أي من الأمور الاخرى التي تتطلبها حاجة الشخص ورغبته فإن أغلب ما يتعب تفكيره بداية، ويثقل كاهله عادة لهو الواسطة كونها السبيل الآمن للوصول إلى نيل مبتغاه، وليس الأمر محدوداً على أي واسطة، بل يتعداه إلى كونها الوسيلة الأقوى والأرجح، وهذا امر طبيعي، فنظراً لشيوعها وتسليم المجتمع بأهميتها والالحاح على فتح باب المعرفة وبناء العلاقات على مصراعيه جعل التعامل بها لدى الجميع هو الروتين الذي لا غنى لهم عنه، فكان لهذا أكبر الأثر على تغيير وعكس المفاهيم وإحلال مفاهيم جديدة فرضت نفسها كبديل عنها بإقرار ومرأى من الجميع وكأن لسان حالهم يقول: (لكل واسطة نصيب).
إن هذا الوباء الذي أضاع جهد المجتهد، وأصدر حكمه النهائي برفع درجة من لا يستحق جعلنا ننادي: أليس من الظلم هذا.؟! لنرفع الصوت بقولنا نعم هذا هو السبب الأساسي الذي نبع ونشأ منه خطأ مقبول اسمه الواسطة يصعب تصحيحه إن لم يستحل ذلك..!!
اذاً فلم نتضجر ونلوم أنفسنا ونعض أنامل الحسرة والندم مرارا لعدم قدرتنا على إصلاح ما أفسدناه؟! إننا لنرى مع اشراقة شمس كل صباح أنه يصل بنا المطاف إلى نوبات من التمني.. والتمني فقط بأن يتردد على مسامعنا صدى عبارات فقدناها.. إن لم نكن نسيناها (لكل مجتهد نصيب)؛ ولا أُخفيكم عن هدى إدراكي للواسطة مما أراه لها تارة، واسمعه تارة اخرى.. أنها سلاح ذو حدين، فهي من أهم أسباب الرزق بعد التوكل على الله تعالى والبعد عن ارتكاب المعاصي التي تعتبر من أسباب محق الرزق، وقد وردت نصوص عدة من القرآن الكريم والسنة النبوية بشأن الواسطة ومتضمنة لمعناها الآخر وهو (الشفاعة) يطول المقام بذكرها. إن هذا الشيء المحسوس الذي لا ينكره أحد داء عُضال لا علاج له.. ولا يمكن الاستغناء عنه مما خلف على أثره البُعد عن التوكل والعمل بالتواكل؛ فأمسينا نهتم أشد الاهتمام بمفهوم الواسطة ولا نبالي بما ينتج عنها من إضرار بالآخرين، وهضم لحقوقهم، وضياع لجهودهم، وإخماد لطموحهم فمن البديهي ان هذا الطريق بحد ذاته مُوصل للوقوف والاستسلام أمام ما أسميته شبح المجتمعات (البطالة) والتي في اعتقادي أنها نتجت بشكل جزئي من الواسطة وعنها.
ليت شعري عندما أنظر لحالنا من خلال المنظور الضيّق للواسطة باختلاف طرقها وتعدد أساليبها، وتعزيز جانبها السلبي والابتعاد بها عن المفهوم الشرعي الصحيح لا لشيء سوى حاجتنا الماسة للبقاء والاستمرار مما أظهر على ملامحنا وبكل وضوح النسيان بأن التوكل على الله سبحانه هو السبب الرئيسي للرزق، والوصول بنا الى الجهل وذلك بتوكلنا على الواسطة.
أصدقك القول إننا قلبنا الموازين.. والا ما تعليلك فيمن يُؤجل فريضة الصلاة وهي تقام أمامه ويتجه لذلك المسؤول الخارج من مكتبه لأداء الفريضة ويُصر على إبلاغه بالشيء الذي جاء من أجله وعن طريق معرفة فلان من الناس غير مبالٍ بأهمية الصلاة التي أخّرها، ولا مستشعرا لعظيم فضلها، غائباً عن ذهنه تماماً أنه أخطأ الطريق بترك الشيء الأهم متعديا إياه إلى المهم.
بعد كل هذا ألا يعتقد من يمعن النظر ويُعاود التفكير بأن هذا الوباء المسمى بالواسطة قد أصبح خطرا يندرج ضمن فتن لا حصر لها ظهرت في هذا الزمن لحكمة الله اعلم بأنها الأقرب إلى الابتلاء والامتحان مصداقا لقوله تعالى: (أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون) سورة العنبكوت آية 2.
ناصر مطر الشلوي - الرياض

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved