| مقالات في المناسبة
ذكرى البيعة العظيمة نسجله اليوم مواطنين ومقيمين في هذا البلد الغالي بمداد من رحيق الزهر يفوح شذاه على مر العصور حافلا بالعز والفخار تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
في ذكرى البيعة تتجدد الذكرى، وتتجدد الآمال، وتنشط العزائم ويطوف التفكير بالنفس في عوالم من الصبر والتفكير حيث المرء لا يكاد يفرغ فيه من التأمل في شأن حتى يقوده التفكير الى شأن آخر يتجاذبه فيه الذهول والائتناس، ويهزه الاعتزاز الى أرض الواقع حيث يجد فيه كل ما هو جديداً بأن يكون مفتخراً ترتفع له الروؤس إجلالا واكبارا وافتخارا به لكونه العرس الذي يعادل قرونا من الزمن لا لكونه اليوم الذي تحقق فيه كل شيء وحسب، وإنما لكونه ذروة كفاح طويل بذلت فيه النفس والنفيس وأوثر فيه العمل الطويل المتصل المضني على الراحة، واستجابة لنوازع الخير وحب الاصلاح ونشر الفضيلة وجمع الكلمة.
في ذكرى البيعة جذور من الوفاء، وجذور من الحب، وجذور من العشق تنطلق وتتلألأ غرسا داخل قلوبنا نرويها بالفداء، نزينها بالاخلاص، نسقيها بالعطاء. ففي هذا اليوم يتعاظم الشموخ الزاهي بالإباء.
إن المملكة العربية السعودية التي ما حنت هامتها إلا لله، ولا دانت لفضل إلا لله والتي أعطت الخير وما غُلبت، ودعمت السلام وما وهنت، ودعمت الحق وما خانت، فالمملكة العربية السعودية ذات ثقل سياسي مشهود، وذات تأثير دولي يعرفه الداني والقاصي، والمواقف السعودية أصبحت سمة مميزة في الأحداث والتاريخ المعاصر.
عرف قادتها العظماء ان الوطن ليس مجرد كلمة تقال، بل هو سلوك، وممارسة، وتفاعل، ومحبة، وولاء وانتماء، وان المواطنة هي ان تحب هذا الكيان فتترجم هذه المحبة الى سلوك ليكون تفاعلا ايجابيا لخدمة الوطن في أروع صور العطاء وأصدق أنواع الولاء وعمق الانتماء.
في ذكر البيعة العظيم لابد أن أرفع آيات التهاني لوالدي خادم الحرمين الشريفين وللأسرة المالكة العظيمة وللشعب السعودي فردا فردا الذي لم أشعر يوما من الأيام أنني لست منه.. هذه الحكومة وهذا الشعب وهذا المليك المفدى الذي عمل على تحقيق مجموعة من الأهداف، وجملة من المسؤوليات اضطلعت بها المملكة حكومة وشعبا في مواقفها الثابتة مع القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها منذ عهد الملك المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله حتى عهد خادم الحرمين الشريفين أيده الله باعتبارها قضية أساسية، ومن تلك الأهداف تحقيق تطلعات وطموحات الشعب الفلسطيني في العودة الى أرضه، واقامة دولته المستقلة ودعم الصمود الفلسطيني ونضاله الوطني، والتعريف بالقضية الفلسطينية وعدالتها على مختلف الأصعدة والأوساط، وكسب التأييد الكلي من الرأي العام العالمي لها ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ودعم العمل الوطني الفلسطيني، ومعارضة مخططات طمس الهوية الفلسطينية، ودعم الانتفاضة الفلسطينية ماديا، ومعنويا، وسياسيا، ومعالجة الجرحى الفلسطينيين وتبني قضية القدس ومناصرتها، واستضافة آلاف الفلسطينيين على أرض المملكة وتأمين سبل الحياة الكريمة لهم واستثمار الظروف الدولية المواتية لمفاوضات تؤمن الوصول الى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
فالمملكة أيدها الله حكومة وشعبا رفعت لواء الدفاع عن فلسطين وأرضها ومقدساتها وشعبها وطالبت بمحو ما نزل بشعبها من ظلم وجور، وأعطتها الأولوية في العمل السياسي في المحافل العربية والاسلامية والدولية وعارضت وبشدة محاولات ترسيخ القدم الصهيونية في فلسطين مدافعة عن الحق الفلسطيني، ودفاعها منطلقا من مسؤولية تاريخية وعمل وطني عظيم لا ننساه مدى الحياة.
عمل متواصل لنصرة الحق ونصرة القدس ونصرة الأرض وكيف لا وكان الملك عبدالعزيز رحمه الله داعما للقضية قولا وفعلا وعملا فقد قال في نوفمبر عام 1950م لأحد أعضاء لجنة الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية:
«إن أبنائي سيعكفون من بعدي على اكمال رسالتي لنصرة فلسطين وشعبها إن شاء الله».
وصدقت مقولته يرحمه الله ، وتولت الأمانة أياد مخلصة بدءا بالملك سعود، ثم الملك فيصل، فالملك خالد يرحمهم الله الى ان استقرت الأمانة لدى رجل المواقف الثابتة والبارزة سيدي خادم الحرمين الشريفين الذي احتضن أمانة الوالد المؤسس وعمل بوصيته ووقف الى جانب الشعب الفلسطيني في كل الظروف والمراحل بالدعم المادي والمعنوي وتخفيف الآلام والسعي الجاد لايجاد الحلول المنصفة للقضية الفلسطينية فأصبحت بفضله وبفضل مساعي حكومته الرشيدة وشعبه السعودي الداعم للانتفاضة هي القضية الأولى للعرب والمسلمين وأضحت الشغل الشاغل للعالم أجمع.
ولم تتأخر المملكة حكومة وشعبا يوما واحدا في دعم القضية الفلسطينية دعما مطلقا دون تحفظ بشتى الطرق وأوفت بالتزاماتها كاملة في كافة مراحل النضال الفلسطيني ولم يغب أبداً المواطن السعودي عن تقديم العون والدعم لاشقائه الفلسطينيين عن طريق اللجان الشعبية أو الدعم المتواصل من خلال حملات التبرع التي قامت بها المملكة لدعم الانتفاضة الباسلة.
ولم ننس في ذكرى البيعة العظيم «مشروع الملك فهد للسلام» الذي سمي فيما بعد مشروع السلام العربي بعد ان تبناها وأقرها مؤتمر القمة العربي الثاني عشر والذي عقد في مدينة فاس المغربية في سبتمبر 1982م.
وفي ذكرى البيعة العظيم لا ننسى تبني المملكة قضية القدس الذي انطلق من الموقف السعودي وتعاونت المملكة مع الدول الاسلامية حتى صدور قرار مجلس الأمن الدولي عام 1980 الذي طالب جميع الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس بسحبها فورا.
وفي ذكرى البيعة العظيم لا ننسى لخادم الحرمين الشريفين توجيهاته الكريمة بتحمل المملكة كافة نفقات إصلاح وترميم المساجد بمدينة القدس العربية، ثم اعترافها بقيام الدولة الفلسطينية واقامة سفارة فلسطين في المملكة. فقدمت مبنى السفارة هدية للشعب الفلسطيني وهاهي بمواقفها الثابتة تدعم الانتفاضة الباسلة منذ اندلاعها بكل ما تملك من ثقل سياسي ومادي وتحافظ على مبدأ الأرض مقابل السلام.. الذي أقره مجلس الأمن الدولي.
وبذلك نرى ان المملكة منذ الأزل والى الآن تسعى في كل الظروف والأحوال من أجل الحصول على الحقوق المشروعة للحق الفلسطيني والشعب الفلسطيني وتحقيق آماله وتطلعاته على كل الأصعدة من أجل بلوغ النصر.
وما أجدرنا في ذكرى البيعة العظيمة.. وفي عرس البيعة الزاهي الذي تعيشه اليوم المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا ومقيمين في هذه البلاد الغالية ان نرفع آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني ولسمو وزير الداخلية ولسمو أمير منطقة الرياض، وللشعب السعودي الأخ.. تهنئة خالصة من الأعماق بذكرى البيعة من خلال «رسالة لم يحملها البريد» «عبر جريدة الجزيرة الغراء».
فأنا اليوم وكل الفلسطينيين في المملكة نقف احتراما للراية البراقة الموسومة بلفظ الشهادتين والسيف البتار، ونقف احتراما وولاء واجلالا لوالدنا العظيم خادم الحرمين الشريفين، ونقف إخوة مع اخواننا في هذه البلاد مباركين مهنئين شاكرين.
|
|
|
|
|