أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st November,2001 العدد:10646الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,رمضان 1422

متابعة

محللون سياسيون ومفكرون يبحثون عن مستقبل أفغانستان
لعبة الروليت الخطرة في أفغانستان
مراد غالب رئيس منظمة التضامن الأفروآسيوية: المستقبل غامض وسنشهد حرباً عالمية ثالثة
* القاهرة مكتب الجزيرة
عثمان أنور محيى الدين سعيد:
يبدو البحث عن مستقبل أفغانستان مثل البحث عن شبح أسود في ليلة ظلماء، فرغم انهيارات دفاعات طالبان المتتالية وحسم المعركة العسكرية التي تشرف على الانتهاء إلا ان هناك صراعات أخرى تتوالد مع توالي الأحداث، فتحالف الشمال يحمل في طياته العديد من المتناقضات وكل فصيل من فصائله يريد الانفراد بالسلطة فماذا عن مستقبل أفغانستان؟ وما هي انعكاسات الصراعات على السلطة في أفغانستان والمنطقة؟ وهل ستتخلى أمريكا عن أفغانستان؟ وما الخطوة الأمريكية القادمة؟
حول هذه التساؤلات التقت «الجزيرة» نخبة من المفكرين والمحللين والسياسين:
مستقبل غامض
يؤكد مراد غالب رئيس منظمة التضامن الأفروآسيوية ان مستقبل أفغانستان ما يزال يحيطه الغموض، مشيراً إلى ان الفترة القادمة ستشهد توتراً كبيراً في أفغانستان لأنه بعد انتهاء الحرب لا يعقل ان تترك أمريكا المنطقة لأهلها يقررون مصيرها، وفي حالة بقاء أمريكا فانها ستشكل تهديداً كبيراً لقارة آسيا بأكملها، وسيتم تشكيل تحالف بين روسيا والصين وربما تشارك دول أخرى فيه، فتوجد أنباء حاليا عن اتفاق بين كل من الصين وروسيا على أهمية قيام نظام متعدد الأعراق في أفغانستان، ولكن هذا الاتفاق يواجه بصعوبات كثيرة حيث لم يتحدد بعد اللاعبون الرئيسيون في الحكم الذين يعتمدون على قوتهم العرقية والجماعات التي ينتمون إليها ونجد الآن وصول الرئيس برهان الدين رباني إلى أفغانستان وهذا ما يؤكد رضا أمريكا عنه رغم انه لايتمتع بسلطة شعبية واسعة في البلاد حيث انه من أصل طاجيكي بينما الأغلبية من الباشتون، من جهة أخرى لايرحب كثير من الأفغان بقيادة حكمتيار لأفغانستان لأنه رجل الحرب الأهلية والمتسبب في تفاقمها وتزايدها وذلك عندما رفض تقاسم السلطة بالصيغة التي طرحت حينذاك ومنحت «رباني» الرئاسة وقلب الدين حكمتيار رئاسة الوزراء فرفض تسليم المنصب وبدأ مقاتلوه في قصف كابول لتبدأ الحرب الأهلية التي دامت 3 سنوات، وضم حكمتيار قواته إلى قوات عبدالرشيد دوستم، أما عن بعض الأطروحات الحالية التي تتحدث عن حكومة انتقالية بعد طالبان بقيادة الملك العجوز ظاهر شاه فيعترض ذلك العديد من الأسماء المطروحة ضمن تحالف الشمال الذي يقوده رباني والذي يمثل قوة تحالف سياسية رباعية يشارك فيها ثلاث قيادات هم عبدرب الرسول سياف رئيس ما يسمى بالاتحاد الإسلامي وحزب الوحدة الإسلامي برئاسة كريم خليلي، وعبدالرشيد دوستم، ، وكل هذا يؤدي لمزيد من التوتر والصراعات في أفغانستان، وفي ظل هذا الصراع اعتقد ان أمريكا لن تترك المنطقة، كما ان كل من روسيا والصين لن تسمحا لأمريكا بالبقاء والتحكم في أمور المنطقة وربما تشارك دول أخرى في الاتفاقيات ما بين الصين وروسيا وقد يتطور الأمر لحرب أوسع على المستوى العالمي،
ويتفق الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام على ان هناك درجة عالية من الغموض تحيط بالمستقبل السياسي لأفغانستان الا انه يرى ان الأمر سوف يستقر في نهاية المطاف كحالة من التفتت الفعلي وقد يكون هناك نوع من الاستقرار النسبي، لكنه لن يكون قائما على دولة جدية وإنما على إعادة رسم للعلاقة بين المركز والأطراف في أفغانستان، بما يعطي الأطراف قدرا كبيرا من الاستقلال الفعلي عن المركز في كابول،
ويضيف الدكتور سعيد ان فكرة الدولة المركزية الموحدة في أفغانستان، ربما تكون قد انهارت، لكنه يقول ان هذا لايمنع ان هناك إمكانية لبناء دولة وإعادة بناء أفغانستان،
ويرى سعيد انه على المستوى الشكلي لمستقبل أفغانستان فان هناك شكلين يتنافسان حاليا، اما الشكل الأول فهو القائم على رؤية أمريكية ترى عودة الملك ظاهر شاه وضم الباشتون وعناصر قبلية أخرى لحكومة موسعة حولها مجلس شورى يضع دستورا جديدا واجراء انتخابات خلال فترة، مشيراً إلى ان الأمريكان سيحرصون على اجراء انتخابات مبكرة نسبيا وبحيث تقوم بحراسة هذا الوضع قوات متعددة الجنسيات،
أما الشكل الثاني فيتمثل في حكومة الرئيس السابق برهان الدين رباني وان يتم توسيعها لتشمل قيادات قبلية أيضا من الباشتون ولكن تكون الغلبة للتحالف الشمالي وخاصة للاوزبك والطاجيك ثم إجراء انتخابات في نهاية المطاف،
ويقول الدكتور سعيد انا لا أثق أنهم معنيون بالفعل بحكايات الانتخابات والدستور لأن أي انتخابات حرة ونزيهة سوف تطيح بتحالف الشمال لأنهم أقلية سكانية وان كانوا في نفس الوقت أغلبية حضارية كما أنهم القوة العسكرية الغالبة حاليا، ويشير إلى ان الرؤية الأخيرة هذه تلقى دعما وترحيبا من قوى كثيرة في مقدمتها روسيا والدول الإسلامية في الجنوب،
ويرى انه لاتوجد صعوبة في التوفيق بين الرؤيتين السابقتين وخصوصاً ان القوى المسيطرة والفعلية ستكون في يد أمريكا والأرجح هو حصول توفيق بينهما خاصة ان الرؤية الأولى المدعومة أمريكيا يعيبها ان الملك ظاهر شاه لم يعد بمقدوره ان يرأس حكومة أو يتمتع بشرعية محددة فالمهم في كل الأحوال هو ضمان قبائل الباشتون من أجل سحب البساط من تحت أقدام طالبان،
ويؤكد الدكتور محمد السيد سعيد ان القضية الأهم في كل هذه الأمور هي العلاقات الطائفية والعرقية ومستقبل حركة طالبان والحرب الأهلية مستبعداً انفجار حرب أهلية جديدة وإنما وجود مجرد منازعات عسكرية في بعض المناطق الحدودية،
ويستطرد ان هذه المنازعات العسكرية في اعتقادي سوف تستمر بحيث تؤدي إلى ايجاد نوع من التسليم بالأمر الواقع وهو الأمر الذي سيعطي دوراً محدوداً للحكومة المركزية وغياب الصورة التقليدية للحكومة،
ويرى ان أمريكا لا بد ان تدفع لكل الأطراف التي ساهمت في سقوط طالبان وان تعترف ان السيطرة على الأرض حاليا هي لتحالف الشمال، مشيراً إلى ان أمريكا تمتلك في يديها أوراقا قوية منها الدعم الاقتصادي والوجود العسكري المؤثر والضمان النهائي بالا ترجع طالبان للسيطرة مؤكدا ان طالبان تستطيع فعليا تجميع صفوفها وإعادة السيطرة وان هذا الأمر لن يعوقه سوى التحديث الشامل للقوة العسكرية لتحالف الشمال وهو الذي يصعب حدوثه لأن هذا التحالف قوى عسكرية مهلهلة،
وينهي بالتأكيد على ان أمريكا سوف تستمر لفترة طويلة تمسك بمفاتيح الأمور في أفغانستان خاصة ان سيناريو عودة ظاهر شاه هو سيناريو منته من الناحية الفعلية والمسألة هي في تشكيل حكومة رباني أو أي حكومة أخرى موسعة وتعطي دوراً قوياً جدا لبقية القبائل والطوائف هناك،
إستراتيجية أمريكا
من جهة أخرى يرى الدكتور كمال المنوفي استاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية ان الحديث عن مستقبل أفغانستان بدأ قبل ان تبدأ الحرب البرية التي قادها تحالف الشمال وهذا الحديث روّجت له الولايات المتحدة الأمريكية لأنه يدخل في سياق الرؤية الاستراتيجية لأمريكا تجاه المنطقة بأكملها وبموجب ذلك تدخلت بكامل قوتها وذلك للحفاظ على موقعها كقوة عظمى وحيدة في العالم، ولأن هذه الاستراتيجية عريضة وغاياتها لا يمكن الوصول إليها بالضغوط السياسية أو التحركات الدبلوماسية فقد اندفعت في الحرب وبعد توالي الأحداث العسكرية صارت العوامل حاليا في صالح الاستراتيجية الأمريكية وقد اتضحت الأمور في ان الهدف ليس قاصرا على القضاء على ابن لادن وطالبان وإنما هو جراحة كبرى في منطقة حيوية من العالم قائمة على فوهة بركان بسبب هلامية نظمها الحاكمة وصراع الفصائل على النفوذ والسلطة فيها،
ويضيف المنوفي ان الصورة القادمة يتجلى فيها وجود أمريكي دائم في أفغانستان وباكستان وأوزبكستان وهذا الوجود ضروري من وجهة النظر الأمريكية لضبط الحركة في المنطقة وسيكون الوجود الأمريكي تهديداً دائماً للصين التي يمكن ان تتعرض بعد فترة لضربة أمريكية مماثلة لما تعرضت له صربيا في حال تعقد مشكلة الاقليات الإسلامية في إقليم ستينج يلنج الصيني، كما ان اللعبة الروسية في المعادلة الجديدة لا تقل خطراً ولا مأساوية عن لعبة الروليت الشهيرة، فروسيا بعد هذه الحرب ستجد تخومها وحصونها الأمامية قد انهارت وبالتالي سهولة حصارها وتعرضها لإثارة الفتن الداخلية، وهذا هو المخطط العام الذي يمكن استشفافه من الأحداث، أما تمكن أمريكا وتحالف الشمال من القبض على طالبان وابن لادن أو قتلهم فهذا لايهم كثيراً، أما عن داخل أفغانستان فالصراع سيستمر بشكل أو بآخر، حيث يفر الباقون من طالبان إلى الجبال ويستمرون في حرب عصابات ويثيرون القلاقل،
ويقول الدكتور مصطفى كامل السيد رئيس مركز بحوث الدول النامية بجامعة القاهرة ان التحالف وحده لا يمكن ان يحقق الاستقرار ولو بصيغة مؤقتة وخاصة بعد تجربة الصراع الدامي مع طالبان وانه يوجد اجماع على ان الحكومة الأفغانية القادمة يجب ان تكون مقبولة من كل فئات الشعب الأفغاني ولا ينبغي استثناء أحد، غير ان المثير في الأمر ان الفصائل الأفغانية المتحاربة تمثل أقلية بسيطة في أفغانستان بل انها لاتمثل أكثر من 70 ألف شخص وان 25 مليون أفغاني تعداد السكان صاروا رهينة لهذه الفصائل، والمعروف ان تحالف الشمال نفسه لايشمل كل الفصائل المتحاربة وفي وقت من الأوقات كان في حالة وفاق ثم حدثت انشقاقات أبرزها انشقاق قلب الدين حكمتيار، كما ان تشكيل حكومة من المعارضة والملك السابق قد تشعل الفتنة في صفوف التحالف الذي يتصارع افراده لملء الفراغ، وعلى خلاف الآراء السائدة يرحب قطاع كبير من الشعب بعودة الملك ليس كملك يعود بالملكية ولكن كرمز لوحدة الشعب الأفغاني خاصة انه يتمتع بشعبية كبيرة وهناك شبه اجماع على انه الوحيد القادر على ضمان الوحدة الوطنية في أفغانستان وهذا ماتؤيده الأمم المتحدة،
والأحداث تتوالى ولن يعيد أفغانستان إلى الاستقرار إلا صيغة وحدة وطنية تمثل مرحلة انتقالية في حياة الشعب الأفغاني،
ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يقول في سيناريوهات متعددة ان إسقاط طالبان لم يتحقق بالكامل بعد، وان ما استولت عليه قوات التحالف الآن ممكن ان تخسره في أي وقت قادم ولذلك فان الحديث عن المستقبل السياسي لافغانستان لم يحسم بعد لأن طالبان ما زالت موجودة وان كانت قوتها أقل عما مضى لكنها على كل حال موجودة ولم تفقد بعد تأييد كل قبائل الباشتون التي تمثل الغالبية السكانية في أفغانستان، ويرى رشوان ان نظام الحكم القادم في كابول لايحدده فقط التطورات الأخيرة على ساحة القتال إنما يتدخل فيه أيضا مصالح الدول المجاورة والوجود العسكري الأمريكي على الأرض، اما يكون على إحدى جهات حدودها نظام سياسي معادلها خاصة ان على الجهة الأخرى توجد الهند ولذلك فان اسلام آباد لن تتنازل عن وجود قوى للباشتون في أي حكومة قادمة وربما سيكون عليها ان تتدخل لافساد أي سيناريو آخر للحكم في كابول لايراعي هذه الأمور،
كذلك هناك إيران والكلام مايزال لرشوان وهي تحاول ايجاد تنسيق ملحوظ مع روسيا وتسعى لاستغلال مكانتها الاقليمية عبر الأقلية الشعبية المعروفة بالهزارا في أفغانستان وتسعى لأن يكون لهم مكان في الحكومة المقبلة،
ويضيف رشوان ان هناك قوى مجاورة أخرى وهي روسيا وأوزبكستان وكلاهما يسعى لعرقلة دخول عناصر تابعة لباكستان للسيطرة على أفغانستان لانه يعني بالنسبة لهما وجوداً إسلامياً يمثل خطرا بالنسبة لوسط آسيا وبالنسبة للروس في الشيشان،
وتبقى الهند في رأي رشوان وهي ستسعى أيضاً بكل الطرق لافساد أي سيناريو يتيح لباكستان ادخال عناصر موالية لها في الحكم الأفغاني بما يعني تقوية العمق الاستراتيجي لباكستان في وسط آسيا،
ويلخص رشوان المستقبل السياسي لأفغانستان في رايه بأنه كما يبدو ليس سوى صراع عرقي واسع جدا خاصة ان طالبان سوف تعتمد على حروب الكر والفر وهو ما يعرف بحرب العصابات والتي لايكون فيها للسلاح الجوي وجود مؤثر وكل هذا سيؤدي إلى فوضى عامة في أفغانستان وهذه الفوضى تحظى بدعم أمريكي حيث تسعى الإدارة الأمريكية إلى تغيير مواقف القبائل الأفغانية عن طريق التأثير المالي بما يمكنها من الوصول لما تريده من معلومات حول تنظيم القاعدة وابن لادن وقيادات طالبان،

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved