أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st November,2001 العدد:10646الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,رمضان 1422

مقـالات

رجعٌ في أدلجة الصّدع..!
إبراهيم عبدالرحمن التركي
(1)
** إن أخوفَ ما أخافُه أن يظهر في العالم العربي محمدٌ جديد..
بن غوريون
***
** الوحدةُ الإسلامية نائمةٌ لكن النائم يستيقظ..
آرنولد توينبي
***
** وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟!
لاكوست
«وزير المستعمرات الفرنسي سابقاً»..
***
** اقتلوا العرب، سنبني حضارتنا الخاصة على أنقاض حضارتهم، وسنحاربهم حتى لو وقَّعوا معنا معاهدة صلح..
مناحيم بيجن
***
(2)
** هو القلمُ المطفأُ المستكينُ
إذا اغتربت فيه روحُ الثقهْ..!
يقول مُعاداً، ويذكي رماداً
ويهدمُ في حِسِّنا أروقَهْ..
أحاديثُه من فراغ الحواشي
وأفعالُه ظلمةٌ مُطبقهْ..
يسوم هوى خطوهِ المُفلسون
وترقبُه أعينٌ مشفقه..
ويُدْمي بأشواكه العابرين
وتمقتُه رؤيةٌ مشرقه..
***
3/1
** لم يكنْ «هانونو» وزير خارجية فرنسا الأسبق «مجاملاً» حين رأى قوةَ الإسلام في اجتيازه الحدود، وانتشاره رغم السدود، وكونه الدين الوحيد الذي يميل الناسُ إلى اعتناقه أكثر من سواه..!
** حقيقةٌ جعلت «الإسلامَ» حاضراً في كل المعادلات «العالمية» بمختلف أبعادها ليظلَّ الطرف الأهمَّ رغم أن «أتباعه» هم الطرفُ «الأضعفُ» و«الأخوف» وربما «الأجوف»..!
** بقي «الإسلام» دون أنْ يتأثرَ «بالأعاصير»، واحتمى «المسلمون» في ظلاله فلم يتحولوا إلى بقايا حطامٍ متناثرٍ، ولولاه لانقرضوا، ولولاهم لساد وقاد..!
(3/2)
** توطئةٌ تتساوق مع «قراءاتٍ» متعددةِ «الوجوه» و«الألسنة» تقدِّر «الكامن» في «المستتر»، وتُثَمِّنُ «الفعل» مع «التفاعل»، وتؤمنُ مع مونتغمري وات المستشرق البريطاني الذائع أن الإسلام يحتاجُ فقط إلى القائد المقتدر على تقديمه بالصورة الأليق بحقيقته، وهذه «النظريّة» لا تفترقُ عن «تحليلاتٍ» أخرى استنتجها غزاةُ الشرق والغرب الذين رأوا ملامح «الخطر»، وتحدَّثوا عن حتميَّة «الاستعداد» من أجل «المواجهة» القادمة التي لا مناص منها استهداءً بدورة الحضارة ودروسِ التاريخ..!
***
(4/1)
** تمتازُ الاقتناعات «العقديَّة» بأنها اقتناعاتٌ تسليميّةٌ/ يقينيّةٌ/ ذاتيّةٌ/ شعوريّةٌ/ اكتفائيّةٌ/ ذاتُ بناءٍ معنوي رمزي يسيِّجُ حدوده، ويحمي وجوده، ويمنع «الانشقاق» و«الاختراق»..!
** هنا ينطلق المفهومُ الإيمانيُّ العَقَديُّ ليمثِّل إحساساً «بالقيمة»، وتعظيماً «للأنا»، وإجابة عن «المغلق» وتغذية «للمتخيَّل»، مما يجعل «الذات» جزءاً من «المعنى» والمعنى مرتبطةً بالذات، والمحصلةُ شعورٌ «فرديٌّ»/ «جمعيٌّ» يمنحُ معتنقيه «تفوقاً» دائماً لا يتبدل في أزمنة الهزائم والانكسارات..!
** وفي مقابلة تجيء المواقف «العلمانيّة» مرتكزة على «معارف» غير مستقرة تشهدُ تحولات وتبدُّلات، وتستسلمُ «للنفي» و«الإثبات»، وتخضع للمناهج «التجريبيَّة»، والفلسفة «النظريّة» والتعليلات «المنطقيَّة»، وتبقى مكوناتُها منفصلةً فلا يرتبط الخارجُ بالداخل، ولا يتوقفُ عند «الماورائيّات» و«الحجب»، ولا مكان فيه لما يتجاوز حساب الزوايا، والمتجهات، والاحداثيّات..!
** وفي ظلِّ هذا «التناقص» يصبح الجمعُ بين الفكرين متعذِّراً في «التصوُّر» فلا مكان في الدين للعلمنة، ولا موقع للدين لدى المعلمنين، والنطقُ بغير ذلك خلل وافتئات..!
***
(4/2)
** جاء مفهوم «العلمنة» توصيفاً للأحداث التاريخيّة التي عاشها المجتمع الأوربي عند انتقاله من عصوره الظلاميّة «الوسطى» ( التي هي عصورنا الزاهرة) إلى نهضته الماديّة الحديثة، ومبتدؤها صراعٌ «داخلي»، وتكوينٌ «طبقيٌّ»، ونشوءُ تكوينات «اجتماعيَّة» تجاريَّة/ رأسماليَّة/ صناعيَّة أفرزت دوائر «اقتصادية»، وتولد من هذه كيانات «سياسيَّة»، وانفصلت جميعها عن الدائرة «الدينيَّة» التي خرجت عنها الدوائر «الثقافيَّة» الفكريَّةُ والأدبيَّةُ والفنيَّةُ ، واستقلت كل هذه المسارات لتبني عوالم مستقلةً عن «الدِّين»، ولينأى هذا الدين بالتالي عن الحياة..!
***
(4/3)
** الحديثُ هنا لا يتصل بدراسة مقارنة، فالمسافة لا تُردم بين من يعمل بتوجيهٍ «لاهوتي» ومن يسيرُ وفق «براغماتيَّة»، «ناسوتيَّة»، كما هو غير معني بحوادث أو أحداث تاريخيَّةٍ، إذ هي قريبة المتناول لمبتدئي المعرفة، وإذن فهو إشارةٌ إلى واقع العلمانيين العرب الذين ما فتئوا منذ بداية الحركات التحرريَّة / الثوريَّة في مطلع القرن الماضي يخسرون مواقعهم رغم ما يتاح لهم من إمكانات تضمن علوَّ «أصواتهم» وذيوع «صيتهم» ووجودهم في مقدمة الركب العربي على مدى عقود إذا اقتصر الحساب على مرحلة ما بعد سقوط الخلافة..!
***
(5)
** فشل «العلمانيُّون» العرب ومَنْ في ركابهم في أن يُسجِّلوا «مواقف» ليضمنوا «مواقع» لهم في نفوس مريديهم، أو «المترددين» بشأنهم بعد أن تعرّوا منذ زمن أمام «الفكر» المواجه أو المضادّ لهم...!
** وفي تسارع التحولات العربية / الاسلامية الحديثة والمعاصرة بدءاً من احتلال فلسطين، وحروب 56/67/73/ وظهور بعض الحركات الشعبية الخارجة أو المختلفة، مروراً بغزو ثم تحرير الكويت، وانتهاءً بالعدوان على «البوسنويين» و«الشيشانيين» و«المقدونيين» و«الأفغان» لم يستطع العلمانيّون العرب أن يتَّخذوا موقعاً ثابتاً فتمايلوا يمنةً ويسرةً، وانضمُّوا إلى «الضحيِّة» يوماً، وإلى «الجلاّد» يوماً، وأدخلوا القضايا في متاهاتٍ «براغماتية» حسبما يملي عليهم تناقض الحياة ذاتها التي «لا يدوم على حال لها شأنُ» كما قرر أبو البقاءِ الرندي ..!
** أصمَّ ضجيجُهم الآذان حين فتحت أمامهم كلُّ المنافذ وتفرج الآخرون أو معظمهم على فلسفاتٍ «عبثيَّة» تقول ثم تتراجع، وتثبت ثم تنفي، وتعتقد ثم تنتقد، ففقدت «المصداقيَّة» و«الموثوقيَّة»، ولم يشفعْ لها وجودها في أغلب دوائر القرار العربية، و«ضعفُ» أو «انغلاق» أو «إغلاق» التيَّارات الفكريَّة المنافسة..
***
(6/1)
** يرفض «العلمانيُّون» أدلجة «الهيمنة» كما غيرُهم أدلجة «المصلحة»، وبينهما يحتدم الصراع، وتنحشر أجيالٌ في طرقٍ ضيِّقةٍ تنتهي باستفهاماتٍ عن «الجدوى» من السير خلف هذا الركب أو سواه مما تتولد معه لدى «طُلعةِ» الأمة عدم فهم «الذات»، وعدم التعايش مع «الآخر»، وتدني نسبة «الرضا» و«الأمل» وانتظار «الغد»..!
** في ظلِّ هذا التشويق توارت «الانتلجنسيا» التي تمثل التيَّار الاجتماعي المثقف لوقوفها في خانة المتفرجين، أو لخضوعِها لتوجهات الحزبيين، أو لترددها بين «العلنيَّة» و«الصمت»، وبين «المبدئيَّة» و«الاستلاب»..
** أصبحت «الانتلجنسيا» العربية مجرد رمزٍ يدَّعيه الجميعُ، وبات من الممكن الحديث عن انتلجنسيا «العلمنة» و«القومنة»، و«الأسلمة»و«الغربنة» كما «الشرقنة»، ولم يعد المجتمع المدني قادراً على تمييز من يقفُ على بوابات الوطن والأمة مدافعاً ضد الغزاة أو داعياً داعماً لهم..!
(6/2)
** اختلطت الصور والملامح، وتشاكلت المغانم بالمذابح، ولم تستطع التيَّارات العربية الظاهرة على السطح رغم تصادم منطلقاتها أن تأخذ لها مكاناً، أو تضمن مكانة لدى الأجيال الناشئة التي تبحث عن وميض لمستقبل مضيءٍ وسط الليالي المدلجة، والأيام المدلهمَّة..!
** ذابت الفوارق بين التيَّارات، وانضمَّ أربابُها رغم عداواتهم وربما دون درايتهم في خندق واحد لمجابهة الأمل بوجود صوتٍ مختلف يبحث في الظلام عن غدٍ مختلف..!
** التقى «اليمينُ» العربي «باليسار» العربي بحضور «الوسط» العربي، واتحد المفترقون رغم بغضهم، وتنازل «الشعاريُّون» رغم غلوائهم، وانكفأ المنفتحون رغم دعواهم، وانفتح المغلقون رغم غلوِّهم.. وبحث الحائرون عن مسمَّى يجمع هذا «المزيج» العجيب فلم يجدوا سوى الرداءة والتدني والخضوع والخنوع في عالم لا يعرف سوى القوة، ولا يعترف بغير الأقوياء..
***
(7)
في رأي العلاَّمة محمد حسين الطباطبائي كما ينقل عنه علي حرب في «نقد الحقيقة» أن الكون لا يوجد فيه خطأ، بل إن كل فكر أصلي وإدراك حقيقي صواب طبق على مورد خطأ، ونقل رؤية شاعر يطالب بعدم الاعتراض على كلام إنسان، فالقلم لا يخطُّ شيئاً خطأً.. وكذا رأى «بول ألويار» أن الكلمات لا تكذب..
** وإذن فالمدار هو «المعنى» وبهذا حمل الجميع المتصارعون «الألفاظَ» ذاتها، وداروا بها وأداروها، ودُرنا معهم بسببها، ففقدت الكلمات مدلولاتها، والمعاني مفرداتها، والتأويل مبرراته، والخلاف والاختلاف مضامينه..!
** ومنذ زمن لم نختلف على مفردات «الفئة الباغية» فلم ننفِ «نصَّها» لكننا احتربنا في «جولات» «قصِّها»، ومن لدنها ونحن نفهم الكلمة «الخشب» حمَّالة «الصخب» لتبرير «العتب» على مداراةِ «الغضب» إذ تُصلى الأمةُ «باللهب»..!
* «السجعُ» لا يغطي «الصَّدع»..!
ibrturkia@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved