أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st November,2001 العدد:10646الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,رمضان 1422

مقـالات

خواطر رمضانية
1 الكلمة الواعية
د. عبد الرحمن سليمان الدايل
شهر رمضان هو شهر الرحمة وشهر المغفرة، ومع حلوله المبارك يستبشر المسلمون بمطلعه الميمون فيكفيه شرفاً وفضلاً أن به ليلة هي خير من ألف شهر وفيه تنزَّل القرآن الكريم هداية للبشرية وانتشالاً لها من الضياع واخراجاً لها إلى حيث الطريق المستقيم؛ طريق الحق والخير والفلاح.
وكم يسعد الإنسان بأن يعيش حتى رمضان فهو شهر تتضاعف فيه الحسنات وتتنزل فيه الرحمة والمغفرة من رب العباد، ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يهنئ بعضهم بعضاً كلما جاء رمضان وكانوا وهم الحريصون على الأجر والمغفرة والرحمة يدعون الله عز وجل أن يبلغهم رمضان وأن يوفقهم فيه لصالح الأعمال.
ومن كرم الله على بلادنا أن الله جعلها مهبطاً للوحي ومنها أشرق نور الإسلام ليهدي الناس جميعاً إلى دين الله المستقيم الذي رضيه الله دينا لنا، وإلى أرض بلادنا تتطلع القلوب وتهفو نفوس المسلمين من جميع أنحاء العالم إلى الأماكن المقدسة حيث الكعبة المشرفة وحيث المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تمثل هذه البلاد رمز الإسلام مكاناً وزماناً ثم زادها أبناؤها وعلى رأسهم قيادة هذا الوطن زادوها بعداً ورمزاً آخر فجعلوها رمزاًلتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة شؤون الحياة. وقد أفاء الله عليها بالخير من باطن أرضها فجعلها بقدرته وكرمه قوة اقتصادية يحسب لها حساب في عالم اليوم.
وإذا كان ذلك كله هو مصدر فخر واعتزاز لابناء المملكة وهو مصدر اعجاب وتقدير من قبل أبناء الإسلام وعقلاء وحكماء العالم إلا أنه في نفس الوقت قد حرك الحاقدين والحاسدين وأغاظ قلوبهم ضد هذه الأرض المباركة بعقيدتها وكيانها وامكاناتها وقيادتها الواعية المخلصة، مما دفع أقلام الحاقدين وألسنة الحاسدين واعلام المغرضين الى شن الحملات المسمومة ضد المملكة منتهزين كل فرصة بل وكل مناسبة لكي ينفثوا عن حقدهم الدفين ولكي يوجهوا سهام فكرهم المسموم ضد المملكة وهم في الحقيقة يوجهونها إلى الإسلام دين الله الخالد الباقي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويجعلون المملكة وهي الرمز المعروف في عالم الإسلام أساساً لحملاتهم على الإسلام.
ولا يخفى ما يمر به العالم من أحداث ومواقف ولا يخفى موقف المملكة الواضح الصريح المتعقل منها مما حرك أعداء الدين عليها يحاولون النيل من مواقفها ويحاولون الإساءة إلى ثوابتها الراسخة.
ولكن العقل والحكمة والروية التي تحكم تصرفات أبناء هذا الوطن كانت لهؤلاء الحاقدين بالمرصاد فنحن ولله الحمد نعايش هذه الأيام مناسبة شهر كريم علمنا منذ أكثر من أربعة عشر قرناً كيف يكون السلوك وعلمنا كيف يكون التصرف في مثل هذه الأمور وغيرها وثبَّت في فكرنا وحثنا على أن نكون من عباد الرحمن فقال تعالى: «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما».
لقد أصبح السلوك الإسلامي هو السمة المميزة لهذا الوطن منذ تأسيس صرحه على يد المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه فكم من المحاولات المشبوهة والحملات المغرضة التي حاولت النيل من المملكة ولكنها فشلت. وكم من المحاولات الدنيئة التي حاولت النيل من علمائها الأفاضل ولكنها ارتدت على أعقابها خاسرة ولم تصبح ذات جدوى حيث أرهقت ألسنة أصحابها وكسرت نصال أقلامهم السوداء دون أن تحقق هدفاً أو تنال غاية.
إن أبناء المملكة يتمسكون بالخلق النبيل القائم على كتاب الله القائل: «واذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه، وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم. سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين».
فالكلمة في هذا الوطن هي كلمة معقولة على كافة المستويات وهي كلمة تتحرى الصدق وتأتي بالروية وتنطق بالحق وهي كلمة تأتي أيضاً بالنصح والتناصح.
ولقد كان لحديث سمو ولي العهد حفظه الله مع أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ أحد أهم هذه المؤشرات التي تحكم توجه الكلمة وصدق النصيحة والتناصح التي تميز المملكة منذ نشأتها، فقد قال سموه الكريم: «اننا نحن الآن في موقف يتطلب منا الحكمة ويتطلب منا الوعي لأنكم في هذه البلاد قدوة لاخوانكم المسلمين ولهذا أوصيكم بتقوى الله فوق كل شيء وخدمة دينكم ووطنكم، والتحري للكلمة المعقولة لخدمة الإسلام. ولا تأخذكم العاطفة ولا يستفزكم أحد لأنكم مسؤولون فرداً فرداً أمام الله جل جلاله وأمام شعبكم ووطنكم وعائلاتكم وأطفالكم وعرضكم وشرفكم لأننا الآن في وقت يلزمنا التحري بالضبط لكل كلمة تطلع منا».وبمثل هذا التوجيه الناصح مع اطلالة شهر رمضان يكون التناصح في بلادنا بين الحاكم والمحكوم وذلك لأمانة الكلمة فالكلمة لها أثرها ولها مكانتها في علاقات الأفراد والأمم والشعوب، فكم من كلمة أشعلت فتنة وكم من كلمة أطفأت خصومة، وكم من كلمة أوقفت أن يتطور الشر ويستطير شرره، وكم من كلمة منصفة أرجعت حقاً،
وكم من كلمة قالت لصاحبها : دعني، وكل ذلك من أجل الإنسان وصالحه في الدارين.ان الكلمة لها حقها قيمتها وبخاصة إذا كانت في خضم التوترات وفي زحمة الأحداث المتتالية.ولكن وبفضل الله تعالى ثم بهذه القيادة الواعية وبهؤلاء النخبة الفاضلة من علماء المملكة الأجلاء نحن قادرون على اجتياز كافة الظروف بتوفيق من الله سبحانه.
وإن كانت هذه الخاطرة قد جاءت لي مع بداية شهر رمضان المبارك فان الخواطر الإيمانية في ميدان الكلمة كثيرة وتتهادى في أيام هذا الشهر الكريم وهذا بعون الله موضع حديث قادم وأسأل الله التوفيق.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved