| مقـالات
ولد الملك فهد بن عبدالعزيز في عام 1340ه/ 1921م ابناً للقائد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من زوجته حصة بنت أحمد السديري، وغني عن البيان أن شخصية الملك عبدالعزيز رحمه الله ذات الخصائص القيادية قد أثرت في تربيته لأبنائه واعدادهم لمهمات المستقبل،
وبما أن الملك عبدالعزيز قد حظي بكثير من الأعمال التي تناولت كل جوانب حياته فان الحديث عنه في مثل هذه المقالة الموجزة لا داعي له، لإمكانية الرجوع إلى مئات الكتب والبحوث التي تركزت على التعريف به،
ومن هنا فقد وجدت أن من المناسب أن أتحدث عن والدته أستعرض جوانب من حياتها واسهاماتها ومدى تأثيرها على ابنائها وخاصة الملك فهد، فقد عرفت هذه الأميرة الجليلة بقوة الشخصية ويذكر انها ظلت حتى وفاتها عام 1389ه/ 1969م تحرص على جمع ابنائها يومياً حولها تسدي إليهم النصح والتوجيه، كما أنها كانت تهدف من وراء ذلك تقوية اواصر الأخوة بينهم وتلاحمهم، كما كانت محبة لعمل الخير مسهمة في نشر التعليم فقد كانت تقوم بتوزيع الصدقات على المحتاجين في أيام معينة من السنة خاصة في شهر رمضان أو تتولى بنفسها إيصالها إليهم، وكانت تحرص على الجلوس إلى الفقيرات للاستماع إليهن ومعرفة احتياجاتهن،
إضافة إلى فتح بابها للناس وشفاعتها لهم عند الملك عبدالعزيز، كما سعت إلى نشر العلم بين الأطفال عن طريق تشجيعهم على حفظ القرآن ومكافأة من يحفظ منهم بجوائز تحفز همة الآخرين، كما حرصت على وقف الكتب لتكون بين ايدي الطلاب الذين يصعب عليهم الحصول عليها في ذلك الوقت لندرتها وغلاء ثمنها، ومن أشهر الكتب التي اوقفتها كتاب الفروع في الفقه لشمس الدين محمد بن مفلح الحنبلي، (انظر صورة الوقفية المرفقة)،
ومن السابق وبتتبع المعلومات التي كتبت عن الملك عبدالعزيز نجد أن البيئة التي ولد ونشأ فيها الملك فهد كانت بيئة يسودها حب الخير والعمل على مساعدة المحتاجين والسعي إلى طلب العلم، وهذا الاخير كان ابرز مؤثر في حياته (أي العلم) الذي وفره له والده من خلال المدرسين والعلماء في مدرسة الامراء أولاً، ثم المعهد السعودي في مكة المكرمة كما كانت مكتبة الملك عبدالعزيز الثرية التي كانت تضم الكثير من الكتب في فنون مختلفة عاملاً مساهماً في تعزيز حب المعرفة والسعي إليها في ذات الملك فهد ، وكذلك والدته التي عرفت بحب العلم كما أشرنا سابقاً،
وانعكست تلك التربية على فكر الملك فهد واهتمامه بالتعليم فكان أن اسندت إليه أول وزارة للمعارف في عهد الملك سعود رحمه الله عام 1373ه/ 1953م، ومعروف الدور الكبير الذي قام فيه في هذا المجال،
وإذا كان دور الملك فهد من خلال توليه وزارة المعارف انصب على تعليم البنين فان اهتمامه بتعليم البنات لا يقل عن ذلك بحال من الاحوال من خلال دعمه للمحاولات الأولى لنشر تعليم البنات وإقامة تعليم نسوي في البلاد مثلاً في المدارس التي انشئت في تلك الفترة من مثل دار الحنان في جدة، ومدرسة الكريمات في الرياض، وبعد توليه مهام الحكم في عام 1402ه/ 1982م شهد عهده ازدهاراً واسعاً لتعليم الفتاة السعودية، فوفقاً لآخر الاحصائيات (عام 1405ه) بلغ عدد الملتحقات بالتعليم العام (1690314) طالبة (المصدر، تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام، ص 541)،
كما شهد التعليم الجامعي والعالي نمواً واضحاً في عهد الملك فهد اذ اتيح هذا التعليم لملايين من الطالبات، وحدث توسع كبير في مجالها، من خلال التوسع في انشاء كليات البنات التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات، وما خصصته الجامعات السعودية من اقسام لدراسة الطالبات في جامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة ام القرى في مكة أو جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وجامعة الملك فيصل في الاحساء، وجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض،
وافسح لهن المجال للالتحاق بمعظم التخصصات العلمية والانسانية من مثل كليات الطب والعلوم والزراعة الاداب والعلوم الادارية وغيرها،
ومما يدل على الاهتمام بتعليم المرأة ان ميزانية الرئاسة العامة لتعليم البنات قفزت من عام 1402/1403ه من 000، 085، 055، 6 إلى 000، 616، 787، 17 في عام 1418/1419ه (المصدر: تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام، ص868) وكان ناتج الحركة التعليمية النشطة في عهد الملك فهد والتي توفرت للمرأة ان اصبح لها دور في كل مجالات الحياة في المملكة العربية السعودية، فهناك الطبيبات والمدرسات والصحفيات والاديبات والمهندسات والمتخصصات في الاقتصاد المنزلي وعلم التغذية، والمتخصصات في المكتبات والمعلومات، والممرضات والصيدلانيات، وغيرهن،
وفي الختام فان هذه الرعاية الكريمة التي حظيت بها المرأة السعودية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز جديرة بالتقدير والاعتراف بالفضل، وليس لنا سوى الدعاء له بالصحة وطول العمر،
|
|
|
|
|