| رمضانيات
إثبات الشهر بالحساب
* هل يجوز اثبات الشهر بالحساب؟ واذا كان لايجوز إلا بالرؤية فهل يجوز قبول شهادة الرؤية وعلماء الفلك مجمعون على ان الهلال لم يولد وقت دعوى الرؤية؟
ابراهيم العدل - بريدة
الحمدلله، قال تعالى «فمن شهد منكم الشهر فليصمه»، وقال تعالى «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»، وقال صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً»، وقال صلى الله عليه وسلم «إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة ، والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين»، والحديث متفق عليه.
هذه النصوص صريحة في ان الشهر لايثبت الا بالرؤية، والأخذ بالحساب في الاثبات طرح لهذه النصوص الصريحة الثابتة، وقد صدر قرار حكيم من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بوجوب الاقتصار في اثبات شهر رمضان دخولاً وخروجاً على الرؤية، وعلى هذا القول جماهير علماء المسلمين وفقهاؤهم قديماً وحديثاً.
ولكن يجب ان يعطى طريق اثبات الرؤية ما يستحقه من النظر والتثبت، فعلماء الفلك في جميع انحاء المعمورة من مسلمين وغيرهم لا يختلف بعضهم على بعض في توقيت ولادة الهلال.
وولادة الهلال تعني انفصال الشمس عن القمر بتقدمها عليه، بغض النظر عن امكان رؤية الهلال بعد الانفصال، واتفاقهم على توقيت الولادة كاتفاق الناس على ان الواحد مع الواحد اثنان، وان الخمسة مضروبة في الاربعة هي عشرون، والمجادل في ذلك يلزمه التحقق قبل الجدال حتى لايكون جداله مثار استغراب، اقول: فإذا قال علماء الفلك بأن الهلال لايولد قبل غروب الشمس وجاء من يدعي الرؤية قبل الولادة فدعواه الرؤية دعوى يكذبها الحس والعقل، وكل دعوى كانت كذلك فيجب ردها على صاحبها مهما كان هذا المدعي، حيث انها دعوى باطلة؟.
وقبل أن أدخل في الحديث عن مجموعة حالات للهلال ورؤيته احب ان اذكر التفريق بين ولادة الهلال وبين امكان رؤيته، فتوقيت ولادته قضية علمية لاتقبل الجدل ولا الاختلاف الا عند منكري القضايا العلمية المعروفة لدى العلماء بالضرورة، اما امكان الرؤية بعد الولادة فهذا مما اختلف فيه علماء الفلك: هل يُرى الهلال بعد الولادة مباشرة، ام يكون لرؤيته تقدير معتبر؟ وما ذلك التقدير المعتبر؟ هذا محل نظر بينهم وفيه اختلاف كثير.
وخلاصة رأيي: أن إثبات الهلال يجب ان يكون بالرؤية: وأن الرؤية يجب أن تكون منفكة عما يكذبها، وأفصل هذا في الأحوال التالية:
أولاً: إذا قال علماء الفلك ان الهلال مولود بعد الظهر وقبل غروب الشمس، ولكن لم يتقدم للجهة المختصة بإثبات الهلال من يشهد برؤيته، هذه الحال أرى عدم اعتبار قول علماء الفلك بولادة الهلال ادخالاً للشهر، وأن العبرة بالرؤية الشرعية، وحيث لم تثبت فلا اعتبار للحساب.
ثانياً: إذا قال علماء الفلك ان الهلال لايولد الا بعد غروب الشمس بثلاث ساعات مثلا، وجاء من شهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس أرى رد شهادته ولو كانوا جمعاً حيث ان هذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها فهي شهادة باطلة.
ثالثا: إذا قال علماء الفلك إن الهلال قد ولد قبل غروب الشمس، وجاء من يشهد برؤية الهلال، أرى اعتبار شهادته بعد التحقق من صحتها، فقد اتفق الحساب والرؤية على دخول الشهر، والله أعلم.
************
رؤية الهلال
* هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم والإفطار منه على الحساب الفلكي أو لابد من رؤية الهلال؟
أم خالد - الرياض
الحمد لله، لا يخفى ان الشريعة الإسلامية شريعة سمحة عامة شاملة بأحكامها جميع الثقلين الجن والإنس على اختلاف أزمانهم وطبقاتهم، علماء وأميين، أهل مدر وأهل وبر، ولهذا سهل الله عليهم الطريق إلى معرفة العبادات، فجعل لدخول أوقاتها وخروجها علامات يشتركون في معرفتها، فجعل زوال الشمس إلى جهة الغرب أمارة على دخول وقت الظهر، وغروب الشمس علامة على خروج وقت العصر ودخول وقت المغرب كما جعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر علامة على ابتداء شهر قمري جديد وانتهاء قمري سابق.
ولم يكلفنا تعالى في معرفة بدء الشهر القمري بما لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس كالحساب الفلكي، وبهذا جاءت النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، وقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، وقال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) متفق عليه، فعلق صلى الله عليه وسلم الأمر بالصوم والفطر بالرؤية، ولم يربط ذلك بحساب النجوم وسير الكواكب، وهو صلى الله عليه وسلم رسول رب العالمين وخاتم المرسلين إلى كافة الثقلين الجن والإنس، يبلغ عن الله تعالى ما يأمره به، والله تعالى عليم بأحوال عباده في مختلف أمصارهم وأعصارهم، فلو كان الأخذ بالحساب الفلكي في إدخال الشهور وإخراجها متجهاً ومشروعاً، لبينه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما جاء تعليق الأمر بالصوم والفطر بالرؤية فقط، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، وفضلا عن ذلك فإن علم الحساب مبني على أمور عقلية لا مجال للحس في اعتبارها، وحيث ان التقديرات العقلية تحتمل الخطأ والاضطراب فضلاً عما في تحصيل نتائجها من الكلفة والمشقة، مع أنها ليست ميسرة لكل احد، وحيث ان الشريعة الاسلامية قد بُنيت أحكامها على أمور جلية تستطيع كل طائفة تحصيلها لترتيب الأحكام عليها، فقد علقت الشريعة الإسلامية حكم الصوم والفطر على الرؤية دون الحساب، لكونها في متناول الجميع والله أعلم.
وعليه: فينبغي أن يكون عملنا في ذلك طبقا لما كان عليه العمل زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمن خلفائه الراشدين، وزمن الأئمة الأربعة في القرون الثلاثة المشهود لها بالخير والفضل، فإن الخير كل الخير في اتباعهم والاقتداء بهم في أمور ديننا، وبالله التوفيق.
************
صيام من لم يسمع بدخول رمضان
* ما حكم صيام من لم يسمع بدخول شهر رمضان إلا بعد ظهر اليوم الأول منه، هل يتم إفطاره أم يمسك ويقضي بعد ذلك؟
إبراهيم الأحمد - عنيزة
الحمد لله، من لم يبلغه ثبوت دخول رمضان إلا أثناء النهار الذي هو أول يوم رمضان، فيجب عليه أن يمسك عن مفطرات الصوم من أكل وشراب وجماع وغيرها حتى غروب الشمس أخذاً بحرمة رمضان، ولا يعتبر ذلك اليوم صياماً له، بل عليه أن يقضي هذا اليوم بعد انقضاء رمضان، والله أعلم.
|
|
|
|
|