| مقـالات
ثمة ثراثيا ما يوحي بأن شعراء وأدباء العرب الأوائل لم يزغموا الإحاطة بعلم من العلوم مثلما زعموه من إحاطة (بعلم نفس النساء!). فبكل ثقة باعثها نقيض الثقة!، لم يتردد أولئك عن التغني بوهم تربعهم على قمة (معرفة) المرأة، فكراً وسلوكاً ونفساً وجسداً وقلباً وقالباً.
فهل يا ترى أنهم قد توخوا الموضوعية في ذلك، وإن تكن الإجابة بالنفي، فهل أساء ما تراكم في عصورهم عن المرأة إلى موقع المرأة الثقافي لاحقاً، بمعنى هل أثَّر ذلك سلباً في النظرة إلى المرأة في ثقافات العرب اللاحقين، كعرب زماننا هذا..؟ دعني هنا أدع لك هذا السؤال فأسلك (تحويلة!) أخرى لأقول إنه من الممكن القول بأن التراث العربي لم يطله تناقض في مجال من المجالات يوازي تناقض مواقف الشعراء والأدباء تجاه المرأة. فالمتمعن في ثنايا هذا التراث يجد أن المرأة العربية هي المرأة الوحيدة تاريخياً التي منحها الرجل من كل شيء (شيئاً ونقيضه!)..، أي (اثنين في واحد) على غرار نظرية (الشامبو والبلسم!) ومشتقاتهما من قشرة (قشرا!). فعلى الرغم من أن المرأة العربية كغيرها من النساء تمتلك (نفساً) واحدة فقط، فغالباً ما حظيت (بجوزين!) من هذه النفس، مما ترتب عليه ضرورة حصولها على (علمَي نفس) مستقلين.. بنظريات تقبع على طرفَي نقيض (فصامي!). على سبيل المثال ففي الوقت الذي يشخصها شعرياً علْم نفسها (رقم1) بالقول:
إن النساء شياطين خُلقن لنا
نعوذ بالله من شر الشياطين! |
أقول يسارع علْم نفسها (رقم 2) فيدلي بدلوه قائلاً:
إن النساء رياحين خُلقن لنا
وكلنا يشتهي شم الرياحين! |
إذن فثنائية (الريحانة/الشيطانة) النسوية هذه تحددها معايير الرضا/الغضب الذكوري (عنها وعليها!)..
بل إن ثمة أحياناً مواقف ثقافية (بينية)، أو (بين بين)، أو فلنقل مواقف (غامضة!)، مبهمة السياقات، (معلومة!) البواعث مما هو خارج نطاق منطقية (النشر!)..، فما هو يا ترى التأثير الثقافي/ النفسي (اللاحق) لما فعله الأوائل الشعراء منهم على وجه التحديد حين تغنوا بالمرأة (بعين رضا) أوصلتها الثريا، ليلعنوها من ثم بعين (سخط) أسقطتها إلى حضيض الحضيض الإنساني؟ مرة أخرى دعني أقترح عليك تجاوز مثل هذه التساؤلات (السخيفة!)، لأسأل عن مضامين تشبيه هؤلاء الأوائل جمال كل عضو من أعضاء المرأة ما ظهر منها وما بطن بشبيهه من الحروف الهجائية..؟! هل تريد مني تعليلاً لذلك شريطة ألا تصدقه؟!
حسناً فبالتأكيد أنها (تقليعة!) ظاهرها الترف وباطنها بواعث تتعلق بشغفهم بالعلم والأدب من جهة وضعفهم أمام الجمال من جهة أخرى. بمعنى آخر فحين لم ينجحوا في ميدان (الجمال) قدْر نجاحهم في ميادين العلم، لجأوا إلى مزاوجة أو مزج الجمال بالعلم تعللاً (فلعلّ وعسى!)..، فشبهوا حاجبها بالنون، وعينها بالعين، وصدغها بالواو، وفمها بالميم أو الصاد، وثناياها بالسين، وقامتها بالألف.. إلى آخر حروف الأبجدية، بل دوّنوا في ذلك أشعاراً كقول أحدهم، على سبيل المثال:
نونها الحاجب والعين بها
طرفك الفتان والميم الفم! |
(يتبع)
|
|
|
|
|