| العالم اليوم
ما تشهده افغانستان بعد ازاحة حركة طالبان من ثمانين في المائة من المواقع التي كانت تسيطر عليها، والمعارك الصغيرة التي أخذت تحصل بين الحلفاء الذين نجحوا في طرد طالبان، وفشلوا في طرد حب السلطة والتسلط في النفوس..
هذه المعارك التي لاتزال صغيرة، إلا أن المناورات السياسية التي اشتعلت بعد أول الانسحابات التي نفذتها طالبان، ستغذي هذه المعارك، واذا لم يستطع الأفغانيون الاتفاق على صيغة تفاهم تسمح بتقاسم السلطة وعلى أسس ترضي الجميع، فإن افغانستان عائدة بلا شك إلى دوامة الحرب الأهلية، أو يفرض عليها التقسيم الذي بدأت خرائطه تظهر على الأرض، فالتحالف الشمالي الذي يقوده برهان الدين برباني الذي دفع بقواته إلى العاصمة كابول والذي هدف من وراء هذه الخطوة فرض أمر واقع حيث يتحدث بوصفه رئيساً شرعياً لأفغانستان وهي الصفة التي كان عليها قبل ازاحته من قبل طالبان، ولذلك فإن وزراءه، (الدفاع محمد قاسم فهيم، والخارجية عبدالله عبدالله، والداخلية بسم الله خان)، هم الذين يديرون السلطة في كابول، إلا أن (شرعية رباني)، تحاصرها الشكوك، فالدول المجاورة وبالذات باكستان وإيران لا تمنحانه التأييد بل قد تناصبانه العداء وبالذات باكستان، كما ان التركيبة العرقية لا يمكن أن تسمح لرباني وجماعته وهم من الطاجيك أن يحكموا أفغانستان وأكثريتها من الباشتون الذين يشكلون حوالي اربعين في المائة، وهذا ما جعل جماعة رباني لا تحاول السيطرة على ولايات اخرى باستثناء كابول لأهداف سياسية وتكتيكية، فولاية هرات المهمة اصبحت تحت سيطرة القائد الباشتوني اسماعيل خان، وجلال أباد يتقاسم السلطة فيها قائدان من البوشتان احدهما حجي عبدالقدير شقيق عبدالحق الذي اعدمته حركة طالبان والذي اصبح حاكماً لولاية تنقهار الشرقية التي عاصمتها جلال اباد، في حين عين القائد الباشتوني والمحسوب على معسكر الملك ظاهر شاه قائداً عسكرياً للولاية.
اما في مزار شريف فلا يزال الأمر محصوراً بسيطرة قوات الجنرال الأوزبكستي رشيد دستم.
أما الوضع في ولايتي قندهار وقندز فلا تزال قوات حركة طالبان.
هذا بالنسبة للقوى الأفغانية الوطنية، أما القوات الأجنبية التي واجهت طالبان من الجو وتركت للأفغان التقاتل على الأرض، فهم ايضاً قد تقاسموا المواقع على ارض افغانستان، اذ تتواجد قوات امريكية في مدينة خوجة بهاء الدين وينتشرون في وادي جنشير.
أما في قاعدة بانغرام شمال العاصمة كابول، فتتواجد القوات البريطانية التي أخذت تنتشر وتتزايد غير آبهة باعتراضات زعماء التحالف الشمالي.
ويستعد الفرنسيون للانتشار في مزار شريف وقد بدأت طلائع القوات الفرنسية في اعداد وتهيئة مطار مزار شريف، ليكون المحطة التي يدخل منها الفرنسيون إلى افغانستان.
اما الروس الذين لا يزالون يطالبون المجتمع الدولي بعدم التسرع في ارسال قوات إلى افغانستان، لكنهم في نفس الوقت لا يمكن أن يتركوا (الكعكة) يتقاسمها الحلفاء دون أن يكون لهم نصيب).
أما الدول الإسلامية .. حتى جيران افغانستان وغيرها فلا توجد نوايا ولا رغبة من امريكا ومن تعاونوا معها من التحالف الشمالي في دعوة أي من هذه الدول الإسلامية.
وهكذا وكما نرى عادت أفغانستان مرة أخرى ساحة لصراع الدول.. ولحرب الاقتتال بين الفصائل الافغانية التي يصر زعماؤها على أنهم لا يزالون قادة للجهاد الأفغاني..!!
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|