| رمضانيات
* أبها محمد السيد:
ضيفنا اليوم أحد وجهاء منطقة عسير المعروفين ومن الشخصيات الاجتماعية البارزة فإلى جانب عمله في مجال القضاء لمدة تقرب من اربعين عاماً حتى وصل رئيس محكمة شرعية فهو واعظ وخطيب وداعية ومؤرخ اهتم بالبحث في التاريخ والأنساب للمنطقة وقبائلها وساعده عمله في عدد من مدن ومحافظات المنطقة والقضايا التي عالجها خلال عمله قاضياً في طرق هذا الجانب وتوفر له الكثير من وسائل البحث وشجعته في الاستمرار ودفعه في هذا الجانب، وبرغم تقدمه في العمر حيث تجاوز (84) سنة إلا انه مازال في كامل النشاط الذهني والبدني وهو عضو نادي ابها الأدبي وله اهتمامات ادبيه وفكرية متعددة ومؤلفات ومساهمات كثيرة ومن اصحاب الرأي والمشورة.إنه فضيلة الشيخ هاشم بن سعيد النعمي الذي يحدثنا عن مظاهر صيام رمضان في الحقب الماضية فيقول:
لا شك أن من مظاهر الصيام حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوفات في أيام رمضان طاعة لله ويتميز شهر رمضان بأنه شهر الرحمة والغفران والفرحة والسماحة، وفي الحديث الشريف (للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه)، وتتضاعف الحسنات في شهر رمضان الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في فضل رمضان:« شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار».
وفي سنن الترمذي وصحيح مسلم من حديث محمد بن العلاء بن كريب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار..»
وعن ذكريات الصيام يقول:
لاشك أن عصر الطفولة أو سن المراهقة له سلبياته وايجابياته وإذا كان المراهق يرى أن كل شيء يعمله حسن أو كما يحلو له يظن أن كل جمرة ثمرة فما ذلك إلا نتيجة لعامل زمنه، وقد نشأت نشأة ريفية سعيدة وسط عائلة غنية بالنسبة لتلك الحياة الهادئة في أحضان أبوين صالحين سيما والدي رحمة الله عليه الذي كان عالماً ومرشداً في محيطه رحمه الله. ففي أول شهر صمته كان الوالد حريصاً على أن نصوم ولو طرفاً من نهار رمضان لا لأنه يجب في حقنا أنا وبعض العائلة فأعمارنا لاتتجاوز السنة التاسعة ولكن من أجل أن نتمرن على الصوم مستقبلاً إذا أصبح واجباً علينا في حالة البلوغ ونحن في المقابل نداوم على أداء الصيام لكيلا تفوتنا وجبة السحور المفضلة التي تتشكل من السمن والعسل والبُر واللبن التي تعد بالنسبة لسكن الأرياف في المنطقة من أرقى الأكلات المفضلة ويليها في الجودة العريكة الممزوجة بالسمن والعسل وهذه الأكلات المفضلة كانت قبل أن يطرأ على العسل والسمن ما طرأ من الغش المعروف بالتغذية التي غيرت من وجه تلك الواجهة المضيئة.
وعن ظروف تلك المرحلة يقول:
إذا عبرنا عن ظروف المنطقة في تلك الحقبة السحيقة من الناحية الاقتصادية فإن الأمطار إذا نزلت بأمر الله في مواسمها المعروفة فليس هناك ما يدعو إلى الخوف من ضائقة تحدث للخصب الذي يسد ضائقة المجتمع الريفي.
ويضيف أن ليالي رمضان كلها فرح، يتجمع الصوام في مسجد القرية وقت الإفطار ليتناولوا القهوة العربية مع التمرقبل صلاة المغرب ثم بعد الإفطار تقام الصلاة في المسجد ثم بعد الصلاة يتجه كل إلى بيته لتناول طعام العشاء مع أفراد أسرته في جو روحاني رباني يتبادلون الدعوات بأن يتقبل الله صيامهم ثم يتناولون وجبة العشاء في جو تسوده السكينة والعطف والحنان ووجبة العشاء وجبة رئيسية تضم ما لذ وطاب من اللحم المُعد من غنم ربت مع أهل البيت ترعى في مغالي القرية وتحظى بعناية طيبة لم تعرف الأعلاف المستوردة وإلى جانب اللحم الطيب أنواع كالخبز واللبن والعبيلة والفواكه المحلية والفركس والتين والعنب وكلها من المنتوج المحلي بعد التمتع بهذه النعم المألوفة يتجه أهل كل بيت إلى المسجد لأداء الصلاة دون تأخر أو تخلف وبعد أداد الصلاة بما فيها صلاة التراويح يتسابق الكل إلى الزيارات خصوصاً الأقارب في زيارات عفوية ودية عاطفية ليس فيها ما يكدر الصفو الأسري.
|
|
|
|
|