وطَنِي العَظِيمُ يُحِبُّني وأُحِبُّهُ
رُوحي فِداهُ وحَقِّ مَنْ سوَّاهَا
طَالتْ ثلاثي في الغِيابِ وقبْلَها
عشْرٌ تعالى حرُّها ولَظَاها
ضَاقَتْ فِجَاجُ الأسْوَدَيْنِ بقَيْدِهَا
لَكَ أقْبلَتْ تَسْعى بِهَا قدَمَاهَا
هَجَعَ السُّكُونُ فَجِئْتُ نَحْوَكَ هارباً
أطْوِي الوِهَادَ لِنظرةٍ أُعْطاهَا
رُحْمَاكَ ألبِسْها الرِّضَا يا سَيِّدي
قَسَمَا فأنْتَ رجَاؤُها ومُنَاهَا
اسقِ العِطَاشَ بكَفِّ رَاحِكَ إنَّها
غَرْثى، وبعْضُ حيَائِهَا يَنْهَاهَا
وطَغَتْ شَياطِينُ القُنُوط بِنُونِها
والبُعْدُ يا مولايَ شفَّ جَوَاهَا
أسْعِفْ يدي والبحرُ أزْرَقُ دُونَها
والمُستَحِيلُ أمَدَّها فتَنَاهى
يَا بَحْرُ دُوني معْشَرٌ مِنْ وائلٍ
ملأَ الفضَاءَ سُيُوفُها وقَناهَا
عِلْمي بِهِمْ صِدْقُ اللقاءِ وإنَّهمْ
مِمَّنْ إذا هَزَّ القَناةَ رواهَا
مِنْهُم قَسَاورةُ الجزِيرةِ والوَغَى
مِنْ يوْمِ ذي قَارٍ تَجُرُّ رِداهَا
ماذا أقُولُ والجوَى مُسْحَنفِرٌ
فِي صَدْرِهِ آهٌ تُصَعِّدُ آهَا
وَتَحجَّرتْ تَحْتَ السنين محَاجِرِي
وبَكَى اليَراعُ عُرُوقَها ودِماهَا
يا مَنْ دَعَاها جَالِساً في مُلْكِهِ
وأتَتْ تَجُوبُ فَيافِياً وتِياهَا
ولَطَالما بِكَ هَدَّدتْ هذا الزَّما
نَ وَرَيْبَ كُلِّ مُصِيبةٍ تَلْقاهَا
يا حَسْرتَا والليْلُ أقْبلَ دُونَها
ويَدُورُ في قلبِ السَّوادِ رَحَاهَا
حَرَّى لِمنْ ملَكَ الفُؤَادَ وحَسْبُها
نَطَقتْ بِصِدقِ ولائِهَا شَفَتاهَا
مُتَعَبِّداً، والوِتْرُ في مِحْرابِهِ
صَلَّى وسَبَّح وانْبَرَى يتَبَاهَى
الوائليُّ الشَّامِخُ البَرُّ الرَّحِي
مُ الثَّابِتُ الأرْجاءِ يا بُشْراهَا
الوَاهِبُ النُّوقَ الرِّتَاعَ وكُلَّ مَا
عَرَضتْ لَه بِفَصيلها ورُغَاهَا
الثَّاقِبُ الحُجُبِ التي رُفِعَتْ هُنا
بِسِنانِ جُودٍ عَفَّ عنْ أسْراهَا
فَخْرُ الأراقِمِ، أُمَّةٌ في مَجْدِهِ
كَم مِنْ دُرُوبٍ للمَنُونِ مَشَاهَا
ولقَدْ ذَكَرْتُك والجِراحُ اسْتأسَدَتْ
في هُرْمُزٍ والأرضُ حلَّ دُجَاهَا
فدَنَتْ لنا بَعْضُ الشُّموسِ وبَعضُها
مأْسُورةٌ في نُورهِ بِمَدَاهَا
أمَّا النُّجومُ فكُلُّها في تَاجِهِ
لَمَعَتْ عليْهِ نُقُوشُها ويَدَاها
وتَخَضَّبتْ في وِرْدِهِ تحْتَ الدُّجى
سُحُبٌ بَكتْ لِتُرابِهِ فَسَقاهَا
يَا قُصَّةً سُحِرَ الرَّبيعُ بِروْضِها
والطيرُ يَحْكِي سِحْرَها وشَذَاهَا
هِي أُمُّنَا الأرْضُ التي هِيَ آيةٌ
فُتِنَتْ بِهَا أرْكانُنا لِتُقاهَا
صَلَّتْ وراءَ مُحَمَّدٍ وطَهُورُها
هذا الأريجُ وَلا يَرُومُ سِواهَا
هي أُمَّنا الأرض الطَّمُوحُ وقدْ سَقَتْ
مِنْ عَيْنِهَا ظَمأَ الطِّلى فرَواهَا
لِبَنَفْسجِ الأيَّامِ أحْلَى قُبْلةٍ
وجَثَا الخُلودُ لَهَا فَأشْعَلَ فَاهَا
طَرَباً يميسُ اليَاسمينُ بِعُودِها
حتَّى تَوَرَّدتِ الدُّنى بِرُبَاهَا
فإذا الحَيَا والأُقْحُوانُ وَطَلُّهُ
والزَّعْفَرانُ وتِبْرُهُ بِثَرَاهَا
مَوْلايَ مُسْتَسْقى الجُفُونِ الباكيا
تِ مِنَ النَّوى ونَشِيدُهَا وَدَوَاهَا
عشْرُونَ عاماً يا أَبَانَا والنَّدى
يَرْوِي الشُّمُوخَ بأَرْضِهَا وسَمَاهَا
رَمَضَانُ للتاريخِ يَتْلُو سِفْرَهَا
والمُعْجِزاتِ تَرَبَّعتْ بِعُلاهَا
انْظُرْ تَجِدْ لكَ في عُيُونِ الكَوْنِ مَا
قَطَعَتْ بِهِ يا سَيِّدي ثَقَلاهَا
هُمْ يَحْضُنُونَكَ فِي صُدُورٍ مِنْ زَبَرْ
جَدِهِمْ فَأنْتَ ولَيُّهَا وَغَلاهَا
فِي مُلْكِهِ يَا لَيْتَ شِعْرِي لَوْ دَرَى
أنَّ القُلُوبَ تَذَكَّرتْ مَوْلاهَا
فَهْدٌ هُوَ الوَطَنُ الذي اشتاقت لَهُ
وَسَمَتْ هُنَا فَوْقَ الذُّرى لِيَراهَا