| مقالات في المناسبة
قليلة هي الشخصيات الفذة التي تستطيع أن تلعب دوراً رائداً وفعالاً في مختلف مجالاتنا الحياتية التي نعيشها، وقليل هم العظماء التاريخيون الذين يتركون بصماتهم مؤثرة وقوية على وجه الأض وفي سجل ثنايا التاريخ، وإذا ما نحن تتبعنا صفحات التاريخ في مختلف عصوره، لوجدنا أن هناك رجالاً عظاماً يسهمون في صنع الحضارات المتقدمة، هذه الحضارات التي هي في أصلها تكرس جل اهتمامها وجهدها من أجل الارتقاء بالبشرية إلى مستوى إنساني أفضل من الماضي، ومن ثم العمل على ارساء دعائم الخير ومن ثم أيضا دفع هذا الحاضر إلى الأمام، كي يصبح شعلة مضيئة تنير طريق المستقبل.
وقد اعتادت البشرية منذ مختلف عصورها أن تكرم أعضاءها وتخلدهم في سجلات تاريخها المجيد، وفي زمننا الحاضر أيضاً دأبت كل الأمم على تكريم هؤلاء الأفذاذ الذين يسدون إلى البشرية ولشعوبهم عملا إنسانياً نافعاً. هذا التكريم يكون عادة على شكل جائزة معنوية أو شهادة فخرية، أو نصباً تذكارياً علاوة على ما تسجله صفحات الكتب من تمجيد وتخليد، حيث تكون تلك بمثابة مكافأة لهم على إنجاز عظيم أسدوه للبشرية، سواء في المجالات السياسية أو الفكرية أو الاجتماعية أو غيرها من المجالات الأخرى المتعددة.
وها هو خادم الحرمين الشريفين، حينما نقف على إنجازاته الرائعة خلال العقدين الماضيين، في مختلف المجالات خاصة في هذه الحقبة التاريخية القصيرة المعقدة من الزمن. تلك التي قدمها لمجتمعه أو لمختلف الشعوب العربية والإسلامية ولشعوب الأرض قاطبه. هذه الإنجازات والاسهامات التي تعني بالإنسان لإنسانيته فقط والتي لا نستطيع أن نحصرها في إطار واحد أو على صعيد واحد، وإنما هي تندرج في أطر متعددة تتوازى كلها في النسق المتصاعد على الرغم من تعددها بشكل لا يستطيع أن يتجاهله أي إنسان مهما بلغت صفته. فلو رجعنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله كان أول رائد للتعليم، أرسى دعائم النظام التعليمي في هذه المملكة الفتية بمختلف هيئاتها وأشكالها التي أنجبت هذا الجيل السعودي المؤمن بربه وحبه لمليكه وتمسكه بتراب وطنه.
وعلى صعيد النهضة الحضارية والعمرانية لهذا الوطن فيعجز المقام عن تعداد الإنجازات والاسهامات التي رعاها حفظه الله بيده الكريمة في سبيل خير ورفاهية المواطن ويكفيه شرفاً ما ناله من خلال التوسعة العظيمة للحرمين الشريفين وعن جهوده الإنسانية الدؤوبة المتواصلة لمختلف الشعوب والأمم، علامة على ما يحظى به شعبه من رعاية كريمة فقد امتدت لتشمل جميع أبناء الأمة العربية والإسلامية، فهو لا ينفك حفظه الله يولي جل اهتماماته الإنسانية، نحو تلك الشعوب وقضاياها المصيرية وما تتعرض له من نكبات ومحن، وانطلاقاً من تلك الوقفات الكريمة العملاقة الرائعة فإننا نجد لشخصية خادم الحرمين الشريفين احتراماً وتقديراً لا نظير لهما وذلك لما تحويه شخصيته من العبقرية النادرة التي لا تتوفر إلا في أمثاله من العبقريين الذين لا يظهرون إلا نادراً.
وخير شاهد على ما نقول اهتمامه حفظه الله بالقضايا الإنسانية المصيرية للمجتمعات الإسلامية قاطبة، على مختلف أشكالها وثقلها السياسي كالقضية الفلسطينية، والأزمة اللبنانية التي ظلت عالقة نيران حربها الأهلية طوال أربعة عشر عاماً بقيت خلالها دماء الاخوة اللبنانيين نازفة دون أن تستطيع أي جهة من الجهات ان تقوى على ايقاف النزيف الدامي.
وها نحن ما زلنا نجلي غبار انتهاء الأزمة الكويتية التي وقف لها حفظه الله بجميع امكاناته ومدها بأقصى ما يستطيع من جهد مادي ومعنوي وضحى بالغالي والنفيس من أجل ضمان نجاحها والارتقاء بها وقد تكللت جهوده والحمد لله بالنجاح وعادت الكويت تلك الجهود الرائعة على مختلف الأصعدة سواء منها الفكرية أو الاجتماعية أو السياسية أو الإنسانية محلية كانت، أم خارجية، التي حققها خادم الحرمين الشريفين بكل كفاءة واخلاص وعلى المستويات الرفيعة، تستحق منا ومن العالم أجمع أن تقدر هذه الشخصية الفذة التي تعطي دائما وأبداً دونما كلل أو ملل، خاصة ونحن نطوي صفحة عقدين من الزمن لهذا العطاء ولابد في مثل هذه الحالة أن يكرم هذا الأب القائد على ما بذله للمجتمع الإنساني من وقفات حازمة وثابتة تجاه قضاياه الإنسانية لابد لهذه المجتمعات سواء السعودي منها أو غيرها من المجتمعات الأخرى، متمثلة في مؤسساتها وهيئاتها الجامعية الكبرى ان تسدي لخادم الحرمين الشريفين حقا له من ضمن حقوقه الكثيرة، وذلك أن يكرس كتَّابُها جل اهتمامهم لتاريخ حياته ومنجزاته أيده الله ومنحه الشهادات الفخرية، لجهوده الإنسانية الرائعة التي سجلها، حيث ستظل إن شاء الله مضرب الأمثال للأجيال القادمة لكل عمل إنساني خيِّر.. والسؤال مطروح لجامعاتنا وروادها ومفكريها.. ماذا أعدوا لتكريمه حفظه الله..؟!
|
|
|
|
|