| عزيزتـي الجزيرة
تعتبر ظاهرة اطفال الشوارع ظاهرة عالمية موجودة في مختلف دول العالم بما فيها الدول الصناعية الغنية ولكنها في دول العالم الثالث التي تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية اكثر وضوحاً وتحولت الى مشكلة كبيرة تعاني منها هذه الدول.
بالنسبة للمملكة انتشرت فيها هذه الظاهرة منذ عدة سنوات ولكنها ازدادت بشكل واضح في السنوات الاخيرة وخاصة داخل المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية نسبياً واصبحنا نشاهد هؤلاء الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 615 سنة يقفون عند اشارات المرور وعلى الارصفة وعند مداخل الاسواق يعرضون للبيع بعض البضائع البسيطة ذات الاسعار المتدنية كمناديل الورق زينة السيارات المشروبات الغازية.
تلفح وجوههم حرارة الشمس صيفاً وزمهرير البرد شتاءً في الوقت الذي كان من المفروض ان يكونوا على مقاعد الدراسة او يلهوا بألعابهم وقت الفراغ اسوة بأقرانهم بدلاً من الشقاء الذي يقاسونه يومياً الامر الذي يتطلب من مختلف الجهات ذات العلاقة دراسة هذه الظاهرة وايجاد الحلول المناسبة لها ولاشك ان مراكز الابحاث سواء في جامعاتنا او الجهات الاخرى يقع عليها مسئولية اعداد الدراسات والابحاث حول هذه الظاهرة لانه بمعرفة اسبابها يمكن معالجتها قبل أن تتحول الى مشكلة كبيرة يصعب السيطرة عليها بحيث توضح مثل هذه الابحاث الفئة العمرية لهؤلاء الاطفال الوضع الاجتماعي والمادي لاسرهم نسبة السعوديين منهم الظروف الحقيقية التي دفعتهم لهذا العمل وفي هذا العمر المبكر.
بعد توضيح الاسباب واقتراح الحلول يأتي دور المؤسسات التنفيذية مثل وزارة العمل والشئون الاجتماعية من حيث ايجاد مصدر رزق لهم ولاسرهم من خلال الضمان الاجتماعي او غيره او تأهيل احد افراد الاسرة ليكون له مصدر رزق ثابت ايضاً الجمعيات الخيرية في بلادنا يقع عليها دور في مساعدة هؤلاء الاطفال واسرهم.
كذلك وسائل الاعلام المختلفة يقع عليها دور في ابراز هذه الظاهرة وطرحها للنقاش على مختلف المستويات ونشر الابحاث والدراسات حولها لان ترك هؤلاء الاطفال على قارعة الطريق يترتب عليه مخاطر كبيرة لا تخفى عن الجميع وفي مقدمتها الانحراف الخلقي ايضاً براءتهم وحاجتهم الماسة للمال قد تستغل من قبل بعض ضعاف النفوس ومعدومي الضمير في توزيع وبيع بعض الممنوعات كالمخدرات وما شابهها او استغلالهم في السرقة الامر الذي ينتهي بهم الى دور الاصلاحيات والسجون فيما بعد وبالتالي تكون مسئولية الجميع مشتركة فيما حدث لهؤلاء الابرياء وان اختلفت نسبتها.
وسأقدم نموذجاً واقعياً من هؤلاء الاطفال في أحد أهم شوارع الرياض التجارية كانت الساعة تشيرالى الحادية عشرة مساء طفل لا يتجاوز عمره ست سنوات يحمل بعض البضائع ويستجدي قائدي السيارات للشراء منه يقترب مني افتح زجاج السيارة واطرح عليه السؤال التالي:
لماذا انت في الشارع في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ وكان رده وببراءة الاطفال ارجوك اشتر مني! وكأنه اراد ان يقول لي انه لا يوجد لديه وقت لطرح الاسئلة والاجابة عليها. قلت له انا مستعد لشراء جميع ما معك بشرط الاجابة على اسئلتي وافق دون تردد لان هذا العرض يعتبر صفقة بالنسبة له سلمته قيمة كامل البضاعة فرد على سؤالي السابق دون ان اعيده انا اعمل من اجل الصرف على اسرتي قلت والدراسة قال انا لا ادرس.
اضاءت الاشارة الخضراء وانطلقت السيارات في سباق مع الريح وتوارى بجسمه النحيل وسط هذا الموج الهائج من السيارات.
على كل واحد منا ان يتصور ان هذا الطفل ابنه ويتصور في نفس الوقت حالة أسرة يقوم على رعايتها والصرف عليها طفل لا يتجاوز عمره ست سنوات.
اتمنى كما يتمنى كل مخلص لهذا الوطن ان تكون لدينا جميعاً الشجاعة الادبية لطرح جميع مشاكلنا علي بساط البحث ومناقشتها بكل تجرد وموضوعية بدلاً من تجاهلها واهمالها وان يتحمل الجميع المسئولية الملقاة على عواتقهم.
بعيداً عن الانانية وتحقيق المصالح الذاتية الضيقة لأن ترك مثل هذه المشاكل او الظواهر دون معالجة سوف ينعكس سلباً على كافة افراد المجتمع وليس على اصحابها فقط والشواهد على ذلك كثيرة ولا تخفى على احد مع تمنياتي للجميع بالتوفيق والسداد ودمتم بخير والسلام.
م/ مشاري خالد الدعجاني
شقراء
|
|
|
|
|