| متابعة
* واشنطن (د ب أ):
بينما كان رئيسا روسيا والولايات المتحدة يبحثان موضوع الحرب ضد الارهاب، قرر فلاديمير بوتين الذي كان سجل بلاده في أفغانستان نموذجا للفشل، أن يختبر معدن الزعيم الامريكي الذي لا يزال حديث عهد بالحكم.
وكان لابد للمهمة أن تستكمل. ومن ثم راح الرئيس الروسي يحاضر جورج دبليو بوش بينما كبار مساعديهما ينظرون في قاعة الاجتماعات الوزارية بالبيت الابيض، وقال بوتين انه يجب تدمير تنظيم القاعدة، وأضاف أنه مع سقوط كابول في يد التحالف الشمالي، فإن مواصلة الولايات المتحدة هجماتها واستكمال مهمتها حتى النهاية في اقتلاع جذور الارهاب من أفغانستان، صار أكثر أهمية من ذي قبل.
ومال بوش إلى الأمام ووضع أصبعه السبابة على منضدة الاجتماع المزخرفة ليؤكد قائلا: لن نرحل قبل إحضار تنظيم القاعدة أمام العدالة، ثم قال بوش لبوتين: إنك من النوع الذي أحب أن يكون معي في جحر الثعلب.
وقصد بوش من هذه الكلمات المأخوذة من الفولكلور والتراث الامريكي، التعبير عن الثقة التي صار بوش يوليها لبوتين بعد الاجتماعات الاربعة التي جمعت بينهما منذ كانون الثاني /يناير الماضي، ومن منظور الحرب الباردة يبدو غريبا أن يوجه مثل هذا الكلام من سياسي أمريكي محافظ إلى واحد من كبار العاملين السابقين بالمخابرات السوفيتية السابقة (كي.جي.بي).
كذلك طفا الفولكلور الامريكي على السطح مرة أخرى حين استضاف بوش بوتين في مزرعته في تكساس لتناول المشويات المتبلة على الطريقة الامريكية وعلى أنغام فرقة تعزف موسيقى الكاوبوي. وتعد هذه ذروة جهود بوش في مجال العلاقات العامة لبناء علاقة شخصية وثيقة مع بوتين الذي يعرف عنه قلة الكلام، وتلقى حكاية جحر الثعلب التي رواها مسئول أمريكي بارز حضر الاجتماع الضوء على مدى ما أحرزته العلاقات الامريكية الروسية من تقدم أو تحول في ظل حكم بوش وبوتين وعلى السرعة المتزايدة التي يسير بها هذا التقدم منذ هجمات 11 أيلول /سبتمبر الارهابية على الولايات المتحدة.
وبعد ذلك بساعات وفي خطاب ألقاه في السفارة الروسية أبدى بوتين اندهاشه حول الكيفية التي حولت بها أحداث 11 أيلول /سبتمبر/ مقاييس العلاقات الثنائية الامريكية الروسية. وقال بوتين إنه في اجتماعاته مع بوش التي سبقت أحداث أيلول /سبتمبر كانت ثمة نوايا وحسب، وكنا نعتقد أن أمامنا وقتا طويلا للتداول ولكي نأخذ قرارات، لم نكن نعرف وقتها أن الولايات المتحدة ستعاني ما عانيناه نحن.
وأعرب بوش مرات عديدة عن تقديره لكون بوتين كان أول من أتصل به من قادة العالم بعد قيام الارهابيين بخطف الطائرات والاصطدام بها في مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاجون، كما أسرف بوش في كيل المديح والاشادة بالروس لقيامهم بإلغاء مناورات عسكرية كانت قد بدأت لتوها عندما وقعت أحداث الحادي عشر من أيلول /سبتمبر رغبة منهم في عدم إثارة شكوك لدى الامريكيين بوجود توتر مع روسيا.
وقال بوش ان ذلك أظهر أن حقبة الحرب الباردة قد انتهت حقا، ومنذ ذلك الحين جازف بوتين بتحمل مخاطر سياسية داخل بلاده بتأييده علنا جهود الولايات المتحدة ضد الارهاب ومنح الطائرات الامريكية حق المرور في الاجواء الروسية للقيام بمهام إنسانية وعدم اعتراضه على تحركات أمريكية لاقامة علاقات عسكرية مع الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى. وقد أثار ما يبديه بوتين من تأييد واسع النطاق للجهود الامريكية في مكافحة الارهاب دهشة المسئولين الامريكيين.
وعلق مسؤول أمريكي بارز قائلا: إن نوع التأييد الذي نحصل عليه من الروس في الحرب ضد الارهاب في أفغانستان إنما يدل على أن الامر ينطوي على شيء حقيقي للغاية.
وكما قال بوتين في خطاب في جامعة رايس في تكساس فإن التحرك نحو «علاقات نوعية جديدة» كان يتقدم فعلا بيد أن أحداث 11 أيلول /سبتمبر أعطتنا الفرصة لكي نجعل علاقاتنا الثنائية علاقة صداقة حقيقية ودائمة، ولكن بوش وبوتين أخفقا في حل أكثر القضايا المثيرة للخلاف العلني بينهما، وهي مصير معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليسيتية الموقعة عام 1972 وبرنامج الدفاع الصاروخي الذي طرحه بوش، بيد أن المزايا التي عادت على الطرفين من علاقاتهما الجديدة لا تخطئها عين.
وأعلن الرئيسان في بيان مشترك إن الولايات المتحدة وروسيا تغلبتا على ميراث الحرب الباردة. ولم يعد أيهما ينظر إلى الاخر باعتباره عدوا أو أنه يمثل تهديدا.
ولاثبات ذلك تعهد الزعيمان بخفض ترسانتهما النووية بشكل كبير، بدون حتى مفاوضات مطولة للحد من التسلح، كما اتفقا على التعاون ضد الارهاب والذي يشمل الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل وتهريب المخدرات.
وفاز بوتين بدعم بوش لزيادة حجم التجارة مع روسيا ولجهود موسكو للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، كما تعهد بوش أيضا بدعم علاقات روسيا مع حلف شمال الاطلنطي (الناتو). وعبّر بوتين عن رؤيته قائلا: نعتزم التحرك نحو تطوير شراكة متكافئة مع هذه المنظمة، وإلى المدى الذي يكون حلف الاطلنطي نفسه مستعدا للذهاب إليه، وإلى الحد الذي يكون قادرا فيه على وضع مصالح روسيا المشروعة في الاعتبار. وبالنسبة لبوش فإنه فاز بقبول بوتين بعلاقة جديدة ومتنامية للولايات المتحدة مع دول وسط آسيا وربما وهو الاهم اتجاه روسيا المحدد نحو أوروبا بعد مغازلة بوتين للصين في وقت سابق من العام الحالي. وقال بوش لبوتين خلال محادثاتهما في البيت الابيض بشأن الارهاب إننا بوصفنا أمما عظيمة، فإننا أسهل الاهداف.
|
|
|
|
|