| عزيزتـي الجزيرة
تحفل هذه الايام بالكثير من التجارب المهمة في مجال التعليم، بعض هذه التجارب يرتبط بالشكل الجديد للرأسمالية التي تم تسميتها بعد ذلك «بالعولمة» ولقد أصبحت العولمة الآن مفهوماً شائعاً وينتشر على نطاق واسع بين الآمال والمخاوف التي يعبر عنها باستمرار من خلال الدوريات العلمية وبعض تصريحات المسؤولين والسياسيين فأحياناً ينظر الى العولمة على انها من دواعي القلق واحياناً اخرى ينظر اليها على انها تعد بمستقبل وردي واصحاب هذه الآراء يرون انه لابد من التغيير.
ولاشك في أن الاصلاح التعليمي سواء النظري او التطبيقي هدفه وآماله تحسين المنافسة العالمية ويرى الكثير من التربويين ان تحسين امكانات السلام والعدل العالمي لن يتحقق الا من خلال التعليم وبالرغم من التأكيد المستمر على التكامل الاقتصادي الا ان تأثير الموجة الحديثة للعولمة يعتبر ضعيفاً بالنسبة لنظم التعليم وحتى اليوم لا يوجد الكثير مما تم استقدامه او استيراده بالمقارنة بالتغيرات الهائلة التي حدثت في قطاعات أخرى ومن ثم فان غياب التغيير المتقن في نظمنا التعليمية يمثل تحديات لفهمنا للعولمة والسؤال الذي يطرح نفسه أين تأثير العولمة على النظم التعليمية بالرغم من الاهتمام المتزايد الذي تلاقيه؟! فعلى سبيل المثال ليس هناك دولة يمكن لها السيطرة على قيمة عملتها كما أنها لا تستطيع التحكم في تدفق رؤوس الاموال منها واليها وليس هناك دولة تتحكم فيما تصنعه أو تشتريه ولهذا فان التغيرات الكبيرة في الاقتصاد تجعلنا نتوقع ان تحدث العولمة تغيرات عميقة في نظم التعليم. البعض يشير الى انه من المحتمل حدوث آثار غير مقصودة قد لا يكون ذلك بسبب التغيرات المباشرة في نظم التعليم ولكن بسبب التغيرات في البيئة التي تعمل فيها هذه النظم.. فمثلا أشرطة الفيديو والسياح والقنوات التلفزيونية التي تنقلها الاقمار الصناعية تحمل معها صوراً ومعلومات يمكن ان تنقل المعرفة والمهارات والقيم، لكن ليس بالضرورة وجود اي علاقة بين ما ينقل وبين المحتوى التربوي الذي يتم تدريسه في النظام التعليمي. بل وقد يكون هناك تناقض بين المعرفة والقيم التي تكتسب عن طريق وسائل الاعلام هذه وتلك التي نحصل عليها من المدرسة. عموماً فقد بات جلياً ان العولمة تحركها أساساً أهداف اقتصادية غير انه من الواضح أيضاً ان أثرها يتجاوز نطاق الاقتصاد وانها تقوم بتغيير الناس والدول والمجتمعات، والثقافات، والحضارات فلم يعد في الامكان التحدث عن التنمية في اقليم معين دون أخذ المخاطر والاحتمالات التي تصاحب عملية العولمة في اقليم ما في الاعتبار.
ولهذا بات مطلوباً الكثير من البحوث العلمية التي يمكن ان تقدم لنا تقييما للآثار المباشرة للعولمة على النظم التعليمية.
د. محمد سالم
جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|