| أفاق اسلامية
قال صلى الله عليه وسلم « إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولاتشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا(1)، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم.. الحديث» رواه مسلم من حديث أبي هريرة، فهو جل وعلا يرضى لعباده ما ينفعهم ويكره لهم ما يضرهم رحمة بهم وإحساناً، فقد رضي لهم الإسلام دينا وكره لهم الكفر. وفي هذا الحديث يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه يرضى لنا أن نتصف بثلاث خصال، تجمع لنا خيري الدنيا والآخرة.
الخصلة الأولى: أن نعبده وحده لا نشرك به لأن العقيدة هي الأساس.
الخصلة الثانية: أن نعتصم بحبل الله جميعاً ولانتفرق. وحبل الله هو القرآن والسنة والاعتصام بهما أي التمسك بما فيهما بالرجوع إليهما، فإن ذلك ضمان من افتراق الكلمة واختلاف الرأي، قال سبحانه وتعالى (...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً)، ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاعتصام والاجتماع ونهى عن التفرق بجميع أنواعه كالتفرق في الولاية والقيادة والتفرق في الآراء والعمل، فإن التفرق مذموم. قال الله سبحانه وتعالى (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة)، إذ التفرق يفضي الى تمزق الأمة ووقوع العداوة بين أفرادها وبالتالي الى ضعف كيانها ويطمع فيها أعداؤها، ويتمكنون من السيطرة عليها، وديننا دين الجماعة فهو يأمر بالاجتماع تحت قيادة واحدة ويأمر بالاجتماع في العبادات، مما يدل على حرص الإسلام على أهمية الوحدة، والاجتماع في القلوب والأعمال وفي الشعائر والعبادات، وفي الأهداف والغايات.
ولما كان التفرق متوقعاً والاختلاف من طبيعة البشر جاءت هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، آمرة المسلمين بالرجوع للكتاب والسنة حتى ينتهي النزاع، ولا بد أن في الكتاب والسنة ما يحل الإشكال ويُنهي النزاع إذا حصل بين طرفين أو أكثر، فإذا خفي على ذلك الطرف أو تلك الجماعة فلا بد أن يوجد من أهل العلم من يوضحون لهم الحكم ولا بد ان يوجد في الأمة من عنده المعرفة والقدرة على الاستنباط من الكتاب والسنة ويوفقه الله ويبصره في دينه، لأنه لا يوجد مشكلة أو أمر إلا وفي الكتاب والسنة مايدل عليها، ولكن قصور الفهم هو الذي يحول في بعض الأحيان دون الوصول إلى الحكم، مما يدل على أهمية الحرص والاجتهاد في طلب العلم.
الجملة الأخيرة في الحديث (مناصحة ولي الأمر)، وهذا له أدلته الكثيرة فجاءت الأحاديث بالطاعة والمناصحة، أنه لايصلح أمر الدين والدنيا إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة، فالاجتماع تحت قيادة واحدة نطيعها ونناصحها، خير للأمة في دينها ودنياها.
* الرياض
(1) هذا موافقة منه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا) الآية.
|
|
|
|
|