أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th November,2001 العدد:10641الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,رمضان 1422

مقالات في المناسبة

المشهد الإسلامي في (عقدي الفهد)
عيسى بن عبدالله الغيث
تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الحكم بالمملكة العربية السعودية قبل عشرين عاماً بمبايعة من أبناء هذا الوطن الكريم، ومنذ تولى حفظه الله مقاليد الحكم وهو يسعى بجد وهمة وتفانٍ لتحقيق منجزات عظيمة ومكتسبات كبيرة تصب في مصلحة الوطن والمواطنين بل والعالم العربي والأمة الإسلامية.
دين التميز
ولأن الدين الحق الخاتم الكامل الشامل الناسخ لجميع الأديان هو الرأسمال الحقيقي لهذا الوطن عملاً بقوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، فكان الاهتمام بهذا الدين وحمايته وتنميته والدعوة إليه وخدمته من جميع الجوانب، سواء من المؤسسات الحكومية أو الأهلية.
السلطة (التشريعية)
رأينا تطور المؤسسات الإسلامية داخلياً وخارجياً حكومية وأهلية كما أنشئت أجهزة جديدة، ولو نظرنا على سبيل المثال إلى السلطة التشريعية لرأينا إعادة إنشاء مجلس الشورى بستين عضواً في دورته الأولى ثم بتسعين ثم وصوله في دورته الأخيرة إلى مائة وعشرين عضواً، كما قام المجلس بجهود كبيرة في مراجعة الأداء الحكومي وسن الأنظمة وتحديث قديمها والقيام بدور كبير يذكر فيشكر والمقبل بإذن الله أكبر، كما وضع النظام الأساسي للحكم الذي أكد الثوابت وأرسى المبادئ وأعلن القيم، كما أنشأ نظام الوزراء الذي فتح باب تداول المسئولية وتحريك الدماء ضمن مدة محدودة ما بين أربع إلى ثماني سنوات، كما أقيمت مجالس المناطق ضمن نظامها المعلن، إضافة إلى سن أنظمة كثيرة مثل نظام المؤسسات الصحفية ونظام المطبوعات وأنظمة متنوعة تصب في صالح الوطن والمواطنين.
السلطة القضائية
كما رأينا التطور ضمن السلطة القضائية التي تمثلها وزارة العدل حيث التطور الكمي والنوعي من ناحيتي الشكل والموضوع في أعمالها خلال هذين العقدين، بدءاً بالمباني والمقرات الجديدة ولعل المحكمة الكبرى بالرياض أكبر شاهد على هذا والبقية بإذن الله تأتي، والكوادر الوظيفية والدورات التدريبية والتجهيزات المكتبية والخدمات الإلكترونية كما نراه في الحاسب الآلي عبر المحاكم وكتابات العدل، ولعل أكبر مفخرة وتاج على رؤوسنا هو تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها واقعاً معاشاً وليس سطوراً أو شعارات هنا وهناك، وما رأيناه من تطور في الجانب النظامي الإجرائي في أنظمة المرافعات الشرعية والمحاماة والإجراءات الجزائية لأكبر دليل على إنشاء وتحديث الأنظمة والتطوير بما لا يخالف التشريع الإسلامي، بل إن الشريعة الإسلامية حثت على التطور والنماء والأخذ بأسباب العصر المادية والوسائل الكفيلة بإيصال الحقوق إلى الجميع بأسهل طريقة وأسرع وقت، وهذه الأنظمة وما يتلوها من تطبيق سيجعل هناك تطوراً كبيراً في جميع القضايا الحقوقية والجزائية والأسرية والإنهائية والمتخصصة في المرورية والعمالية والتجارية وخلافها مما يقتضيه الحال وتطور الزمان الذي يشخص واقعية صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، ولعل من أهم ما جاء به التنظيم الجديد هو توحيد مرجعية القضاء ضمن مفهوم السلطة القضائية الواحدة واستقلاليتها مع مبدأ الفصل بين السلطات، وربط جميع تلك المرجعية للتشريع الإسلامي، وهذا بحد ذاته مكسب كبير وتحكيم شامل للشريعة الإسلامية، كما روعي فيها درجات التقاضي بدءاً بالابتدائية سواء كانت فردية أو متعددة وسواء كانت جزئية ومتخصصة أو عامة، ومروراً بالتمييز بدوائره وانتهاءً بالمجلس الأعلى بهيئته الدائمة.
النيابة العامة
ومما تميز به عقدا الفهد إنشاء هيئة التحقيق والادعاء العام التي تقوم بدور النيابة العامة الذي كرس مبدأ الفصل بين السلطات واحترام الاختصاصات مع التناغم والتعاون لكفالة الحقوق، والرقابة المتعددة والمتقابلة والمشتركة، بدءاً بالبحث والتحري ومروراً بالقبض والتفتيش ثم التحقيق والاتهام ووصولاً إلى الإدعاء العام ثم المحاكمة بحضور المحامين عبر نظامه الجديد ونظام الإجراءات الجزائية المرتبطة بالحق العام وختاماً التمييز والقطعية ثم التنفيذ والنهاية، كافلاً في كل هذا حماية المصلحة العامة والخاصة للمدعي بنوعيه العام والخاص والمدعى عليه فيهما، وكل هذا يعني البناء المؤسسي وليس الفردي عبر النظامي وليس الارتجالي ليحفظ الحقوق الخاصة والعامة للطرفين ويؤمن الواجبات لمستحقات الجميع في أمن وعدل واستقرار، ومع كل هذا فالطموحات والآمال ما زالت تتوالد بتوالد السنين والأيام وتطورها ونمائها.
الشؤون الإسلامية
ولم يقتصر خير عقدي الفهد في جوانب محدودة وإنما متعددة، حيث أنشأ في عهده حفظه الله وزارة خاصة بالشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد جامعة بين ثلاثة قطاعات سابقة حيث كانت الأوقاف مع الحج فأفرد الحج مع العمرة لأهميتهما حيث إن مشاعرهما في بلدنا، والدعوة والإرشاد حيث كانت مع البحوث العلمية والإفتاء كما طورت رئاستها، كما استحدثت مهمة الشؤون الإسلامية لتلم شعث القطاعات الإسلامية داخلياً وخارجياً وتنشئ المؤسسات المطلوبة والجهود المرغوبة، فقامت بأعمال جديدة وجمعت جهوداً متفرقة وأعادت رسم الخطط والأهداف ووسائلها على جميع الأصعدة المتخصصة بالشؤون الإسلامية داخلياً وخارجياً عبر الملحقيات الدينية في السفارات السعودية والمؤسسات الخيرية والدعوية المنتشرة في قارات الأرض الخمس، ومما تبنته مجمع طباعة المصحف الشريف الذي هو بحد ذاته يعتبر من المنجزات العظيمة لخادم الحرمين الشريفين إذ تحققت أمنيات المسلمين عبر الأجيال بعد أن كانت تطبع مصاحفنا في الخارج وما يحصل فيها من تحريف وتبديل، ومما ضمته الوزارة الجديدة الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي انتشرت في جميع مدن ومحافظات ومراكز المملكة الإسلامية وقامت بإنشاء الأمانة العامة لتلك الجمعيات، كما قامت بلم شعث الأوقاف فأنشأت مجالس خاصة بها في المناطق كما أنشأت المجلس الأعلى للأوقاف، كما أنشئ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والمجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ومجلس الدعوة والإرشاد ومجالس عليا ومركزية وفرعية متنوعة تصب جميعها في خدمة الإسلام. كما أنشأت فروعاً للوزارة في مناطق المملكة الثلاث عشرة بإداراتها الخاصة بالأوقاف والمساجد وكذلك الدعوة والإرشاد ومراكزها وشعب لدعوة وتوعية الجاليات إضافة للمكاتب التعاونية الخيرية المنتشرة في بقاع المملكة، وقامت بواجب المساجد والجوامع وموظفيها وتشغيلها وصيانتها، إضافة لأعمال متنوعة عبر جهاز الوزارة المركزي في خدمة التخطيط والتطوير والمعارض والمؤتمرات وفي جانب الإدارة والشؤون الفنية وجوانب الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمطبوعات والمناشط الموسمية عبر المخيمات الصيفية ولجان الحج والعمرة والمطارات والمواني والمنافذ.
البحوث العلمية والإفتاء
كما طُوِّرت رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، أسس منصب المفتي العام وعين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله أول مفتٍ عام بعد مفتي الديار السعودية الأول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ووسعت هيئة كبار العلماء بتعيين أعضاء جدد في هيئتها العامة وفي هيئتها الدائمة عبر اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الحسبة والاحتساب
كما شمل التطوير جهاز الحسبة عبر الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث أعيد تشكيل جهازها وهيكلها الإداري عبر التوزيع المناطقي الجديد في ثلاث عشرة منطقة بمدنها ومحافظاتها ومراكزها. وقيام هذا الجهاز بهذه الفريضة التي تميزت المملكة الإسلامية به من سائر البلاد.
خدمة الحرمين
ومما شمله التطوير الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين حيث تطور بها الحرمان الشريفان في إدارته وتشغيله وصيانته ومناشطه وخدماته الموجهة للحجاج والمعتمرين والزوّار، وجرى ترميمهما وتوسيعهما بمستوى لم يشهد التاريخ مثيلاً له، حتى وصلت طاقة استيعابهما إلى أكثر من مليون للمسجد الحرام وقرابة المليون للمسجد النبوي، وشملت التنمية كامل المدينتين المحرمتين والمشاعر المقدسة وجميع الخدمات المتصلة بهذه الشعائر الدينية، كما أنشئت في عقدي الفهد وزارة خاصة بالحج والعمرة وصدر نظام العمرة الذي يفتح الباب للمعتمرين طوال العام ونظام تملك الأجانب للعقارات وأنظمة وإجراءات أخرى تسهل على الحجاج والمعتمرين والزائرين من الداخل والخارج، حيث جاز للحاج والمعتمر التنقل داخل المملكة كما جاز للسائح ضمن نظام التأشيرات السياحية وهيئته العليا بالتنقل كذلك شاملاً الحرمين للمسلمين.
تعليم المرأة
وعند الحديث عن المشهد الإسلامي لابد من ذكر الرئاسة العامة لتعليم البنات التي خصص لها هذا الجهاز إمعاناً في الثبات على المبادئ واحتراماً لخصوصية المرأة وعدم اختلاطها بالرجال في جميع مراحل التعليم، مع خصوصيتها في حاجتها المنهجية العلمية والتربوية والفكرية والثقافية، ومع ذلك فقد وصل عدد الطالبات في التعليم العام أكثر من الطلاب حيث قارب عددهن الثلاثة ملايين، مع وصول تعليم المرأة إلى قمم الجبال وتلال الرمال وسهول الأودية وهضاب الصحارى مع التزام بالثوابت كلها، كما فتحت الأبواب لتعليم المرأة في جميع جامعاتنا الثمان وفي الكليات والمعاهد والمدارس المتخصصة عبر جميع قطاعات الدولة، حتى وصلت المرأة إلى معالي العلوم وكبريات التقنية خادمة دينها ووطنها دون تفريط في المبادئ أو تعدٍ على القيم.
الإسلام العالمي
كما تميز عقدا الفهد بتطور أعمال منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ومجمعه الفقهي العالمي والبنك الإسلامي للتنمية وبقية فروع وقطاعات المنظمة،كما نشط العمل في جميع الأجهزة الإسلامية كرابطة العالم الإسلامي وذراعها الإغاثي عبر هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ومناشط الرابطة المنتشرة في الخارج، كما دعمت الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ورخص لفتح مكتب إقليمي للرابطة العالمية للأدب الإسلامي، كما أنشئ في هذه الحقبة مجموعة كبيرة من الجمعيات والمؤسسات الخيرية كمؤسسة الملك خالد الخيرية ومؤسسة الأمير سلطان الخيرية ومؤسسة الشيخ إبراهيم آل إبراهيم الخيرية ومؤسسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية ومؤسسة سماحة الشيخ محمد بن عثيمين الخيرية ومؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية وغيرها من المؤسسات الداخلية ضمن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو وزارة الشؤون الإسلامية أو غيرهما.
مثالاً لا حصراً
والناظر والمتابع للمشهد الإسلامي يرى حجم الجهود العظيمة التي قامت في عقدي الفهد حفظه الله والمحلل يدرك مستقبل هذه الأعمال ودورها على الإسلام والمسلمين من المواطنين والعرب وغيرهما، وما هذه إلا أمثلة ونماذج لا حصراً وتتبعاً وإلا لطال بنا المقال ولكن حسبنا أن الله هو العليم الخبير، ومع هذا كله فلا يعني أننا سنتوقف عند هذه المصالح والمكاسب الدينية والدنيوية بل علمنا ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على الطموح والجد والعمل الدؤوب الذي لا يعرف الكلل ولا الملل حتى لا نكون في مصاف كبرى دول العالم فحسب وإنما في قمة الأمم وفي عالي القمم كما أرادنا ربنا جل وعلا، ولأجل أن نثبت لغيرنا أن ديننا هو سبب تميزنا وتفوقنا وعلة رقينا وتقدمنا، والله وحده المستعان وبه التوفيق وعليه نتكل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
كاتب ومفكر إسلامي سعودي، وقاضٍ بالمحكمة المستعجلة بتبوك
ص.ب 3399 تبوك/ فاكس 044285404
issag@naseej.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved