أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th November,2001 العدد:10641الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,رمضان 1422

متابعة

المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد يثحدث لـ «الجزيرة »:
شارون ليس أكثر إجراماً من باراك والأخير قتل أعز أصدقائي
حاوره في القاهرة: محمد مختار
المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد صاحب وجهة نظر لا يمكن إغفالها فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى الرغم من معارضته الشديدة لخيار أوسلو وما أسفر عنها إلا أنه لا يرى بديلاً عن السلام لوضع حد للأوضاع المتفجرة حالياً في الأراضي الفلسطينية.
ولد إدوارد سعيد بالقدس عام 1935م وانتقل ما بين لبنان ومصر قبل أن يستقر في الولايات المتحدة، حيث يعمل بالسلك الأكاديمي في جامعة كولومبيا، وله إسهامات بارزة حول العلاقة بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، وطرح في كتاب له ما بين عام 1993 و 1998م أفكاراً عن إنشاء دولة واحدة بقوميتين على كامل فلسطين يتعايش فيها العرب واليهود جنباً إلى جنب. لذا التقته «وكالة الصحافة العربية لصالح جريزة الجزيرة» وكان معه هذا الحوار حول الوضع المتفجر داخل فلسطين.
* الموقف المتفجر الآن في الأراضي الفلسطينية ومسيرة سلام الشرق الأوسط انتكست إلى درجة لم تكن متوقعة في خيال أكثر المتشائمين منها، وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر.. في رأيك كمفكر سياسي أولا وفلسطيني ثانيا، كيف يمكن الخروج من مثل هذا المأزق؟
منذ زمن وأنا أقول: إنه ليس ثمة خيار عسكري للصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فالحرب لم تحل أبداً مشكلة بمثل هذا الزخم القومي والسياسي، وخلال مؤتمر عام 1979م ببيروت قلت مثل هذا الكلام، وهاجمني البعض عندما قلت: إنه ينبغي علينا أن نقبل التقسيم، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك مستوطنات في الأراضي المحتلة بعد يونيو 1967م تقريباً، وهوما حدث عكسه تماماً بعد عشرين عاماً، حتى أن المستوطنات تكاثرت لدرجة أن الفلسطينيين والإسرائيليين تداخلوا واختلطوا بشكل يصعب معه فصلهم الآن إلا بتضحيات قاسية من الجانبين، وستصبح المشكلة بعد سنوات قليلة هي كيف يمكن خلق دولتين على هذه المساحة الصغيرة من الأرض، وخاصة عندما يتساوى الفلسطينيون والإسرائيليون في غضون 10 سنوات قادمة أو حتى أقل من ذلك؟ مع الأخذ في الاعتبار الإشكالية التي تؤرق العرب واليهود معاً بنفس الدرجة وإن كان ذلك من زوايا مختلفة حيث إن 20% من المواطنين في دولة إسرائيل هم من العرب أساسا الآن، وهي نسبة مرشحة للزيادة باستمرار.
معارضة لأوسلو
* ولكنكم كنتم من المعارضين بالأساس لاتفاق أوسلو 1991م ومسيرة مفاوضات السلام التي جرت على أساس هذا الاتفاق، ألا تعتقد أن هناك تناقضا في موقفك حيال هذه المسألة؟
كنت معارضاً لطرح أوسلو، لأن الإسرائيليين ضغطوا على الفلسطينيين للقبول بتنازلات متتالية مستغلين فترة ضعف تاريخي كانت تمر به القضية الفلسطينية في ذلك الوقت، وكان ذلك راجعاً بدرجة كبيرة إلى الخيارات السياسية التي تبناها عرفات خلال حرب الخليج الثانية، حيث وجد نفسه في نهاية المطاف ضمن معسكر الخاسرين، ووجد نفسه أيضاً في تونس وقد تجاوزته الانتفاضة ولم يكن أمامه من خيار سوى التفاوض سرا مع الإسرائيليين والقبول بالظهور سياسياً مع الإسرائيليين في أوسلو وغيرها لكي تظل له اليد العليا في قيادة الحركة الفلسطينية، أكثر من ذلك كانت هناك أخطاء فلسطينية صارخة على المستوى السياسي والإجرائي، فالفريق الفلسطيني المفاوض كان لا يضم أي قانوني بين صفوفه، كما أن أعضاءه كانوا لا يجيدون الإنجليزية وهي لغة التفاوض والصراع بشكل كاف، لقد كانت مأساة أن يرسل عرفات معاونيه لأوسلو ليحصلوا على أي شيء يمكنهم من الاستمرار في لعب دور رئيسي على الساحة الفلسطينية، لقد قبل عرفات كل شيء عرضه عليه الإسرائيليون أو طلبوا منه أن يقبله، وبخلاف أن أوسلو اعترفت بالشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، فإن كل بنودها كانت غامضة بشكل يصعب معه بناء أي شيء آخر عليها، وعرفات الآن يستجدي الغرب من أجل المال وشعبه يذبح كل يوم في غزة ومدن الضفة، بينما يستمر في مفاوضاته السرية مع الإسرائيليين كل يوم.
إسرائيل في خدمة أمريكا
* ولكن لا يمكن استبعاد الدور الأمريكي من كل ما حدث، الولايات المتحدة هي التي ضغطت على العرب ليضغطوا بدورهم على عرفات ليقبل هذه الأوضاع، وهي أيضا التي تدعم الإسرائيليين في مواجهة الفلسطينيين وكل العرب أيضاً، ألا ترى أنك تظلم عرفات بتحميله كل هذه الاتهامات؟
المصالح هي التي تحدد الدعم الأمريكي لإسرائيل أو لغيرها، فالبنتاجون لا يعطي الإسرائيليين سلاحاً ليقتلوا الفلسطينيين وكذلك البيت الأبيض لا يدعم شارون أو غيره في مواجهة العرب بدون أن يكون ذلك حيوياً للمصالح الأمريكية في المنطقة، ونذكر أن بريطانيا هي التي زرعت إسرائيل من قبل وفتحت لها أبواب العالم، وضمتها إلى المنظمات الدولية، وكان ذلك في الأساس من أجل ضمان مصالح بريطانيا، بعد أن تنسحب من المنطقة، وبعد ذلك استمرت الولايات المتحدة في لعب نفس الدور، فالطائرات الحديثة التي تباهي بها إسرائيل جيرانها العرب وتهددهم بها في نفس الوقت هي طائرات أمريكية، وكذلك العتاد والسلاح والمال فأكثر من 5 مليارات من الدولارات تخرج من الولايات المتحدة سنوياً إلى إسرائيل، ولا يمكن تفسير كل ذلك إلا على أساس من اعتبارات المصالح وحدها، لا أحد يملك تفسيراً عقلانياً آخر في تقديري لذلك إلا المصالح، وأنا لا أبرئ الولايات المتحدة هنا بقدر ما ألقي باللوم على العرب لعجزهم عن التعاطي مع السياسة الأمريكية بنفس المنطق على الرغم من امتلاء سلة المصالح الأمريكية لدى الدول العربية.
فهم الإسرائيليين
* وكيف ترى من وجهة نظرك الخروج من المأزق الذي تقوله أنت إن عرفات والعرب وضعوا أنفسهم فيه، هل بالانتكاس على مقررات أوسلو والعودة لحمل السلاح من الخارج أم بالدخول في حوار جديد على أسس جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
أنا لست مطالبا بطرح حلول سياسية لمثل هذه المسألة.
* عفواً ولكنك تنسف كل شيء فلا بد أن يكون لك طرح بديل لما تنسفه، ألا ترى ذلك؟
أنا في الأساس أتحدث على خلفية أني مثقف حر أنتمي إلى حركة شعبية تحررية بالأساس والتي هي حق للشعب الفلسطيني في أن ينال حريته، أنا أرفض كوبنهاجن «من الألف إلى الياء» وأرفض أوسلو أيضاً، وأنتقد كل هذا علناً وأرى أنه لكي ندخل في مفاوضات مثمرة مع الإسرائيليين ينبغي علينا أولا أن نكون أقوياء بما فيه الكفاية أو حتى لدينا الحد الأدنى من القوة المطلوبة لمثل هذا الطرح التفاوضي، نحن حتى الآن لا نعرف الإسرائيليين الذين نتفاوض معهم على الرغم من أننا نحتك بهم كل يوم، عندنا داخل الأراضي الفلسطينية 65 منظمة وهيئة للأبحاث ليس بها دائرة واحدة مخصصة للدراسات الإسرائيلية، فهل هذا معقول؟! لا بد أن نفهم هؤلاء الناس جيداً قبل أن نتحاور معهم، وبدون هذا الفهم فأي محاولة للتفاوض ستكون مثل حوار الطرشان، وستكون النتيجة كما نرى الآن، ففي كل مرة يجتمع الطرفان ويتفقان ثم يفشلان حتى في تنفيذ ما اتفقا عليه، وهكذا.
جرائم شارون
* ولكن ما يحدث الآن هو نتيجة تولي شارون السلطة في إسرائيل وعودة الليكود مرة أخرى إلى سدة الحكم في إسرائيل، ألا ترى أن الأمور كانت تسير إلى الأفضل لولا ظهور شارون على الساحة؟
وأين كان شارون قبل ذلك؟ ألم يكن نجماً إسرائيلياً ساطعاً ووزيراً في حكومة إيهود باراك؟! شارون لم يفعل شيء أكثر من قيامه بتطوير خطط إيهود باراك، ومن قبله سلك نتنياهو ورابين وحتى شيمون بيريز الذي اقتسم جائزة السلام مع عرفات نفس المسلك، باراك هذا عندما كان جنرالا قتل أعز أصدقائي، المسألة أن نعي هذا ونحدد ثوابتاً لنا غير قابلة للتفاوض عليها فضلاً عن التنازل عنها، والقيادة الفلسطينية غير قادرة على فهم ذلك، بل هي أيضاً غير واعية لما يحدث حولها والدور المطلوب منها، وتتصرف على أساس رد الفعل على ما يفعله الإسرائيليون.
* ولكن هناك قضايا حساسة ومصيرية تعترض محاولات الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني معا للوصول لحل دائم ونهائي للصراع بين الجانبين مثل قضية القدس مثلاً، كيف ترى حلا لمثل هذه القضية الشائكة؟
في الحقيقة أنا متشائم حيال هذه القضية، فالقدس هي شعار رئيسي في خطابات الطرفين، ومثلت باستمرار نوعاً من التابو الذي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه سواء الفلسطينيين أو الإسرائيليين أو حتى العرب والأمريكيين أنفسهم، وفي المدى الطويل قد يكون التقسيم حلاً مناسباً لهذه القضية الشائكة، وقد تصبح بعد تقسيمها عاصمة للشعبين، وهذا يستوجب مفاوضات طويلة وإجراءات معقدة، وأنا نفسي لا أعرف كيف سيتم ذلك في النهاية، ولكن ما أعرفه أنه ينبغي التوصل إلى ذلك بطريقة سلمية وبدون القفز على المعضلات الأساسية في هذا الملف وبدون أن نترك نقاطاً شائكة في هذا الصدد تهدد بإعادة تفجير الأوضاع مثل ما يحدث الآن.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved