| مقـالات
العاقل هو الذي يبحث عن الفائدة ويتطلع الى اخذ الدروس والعبر وتزيده الايام خبرة وتجربة ويستفيد من غيره يوماً بعد آخر فيتدرج في سلم الحكمة ويكون من العقلاء الذين جاء المثل بمدحهم فقيل «العاقل من يتعظ بغيره».
وسواءً كانت هذه العظة او الاستفادة التي حصل عليها من غيره عن طريق القول او الفعل اي ان يتعظ بقول القائل او بفعله فكلاهما محمود، لكن الاشكال عند بعض الناس من الاستفادة القولية اذ يحكرها على طبقة من الناس فيستنكف ان يستفيد ممن هو دونه وسواء كانت هذه الدونية التي يراها بسبب مال او جاه او منصب او علم او غيره.
وينسى او يتناسى ان «الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو احق بها».
وعلامة تمام العقل ان يأخذ الحق ممن جاء به دون النظر الى حال حامله فالحق احق ان يتبع والحق لا يعرف بالرجال انما الرجال يعرفون بالحق ان هذا الكبرياء الذي لا مبرر له يحرم صاحبه من خير كثير ويتسبب له برد الحق وغمط الناس وهذا السبب هو الذي جعل اعداء الانبياء يصدون عن الحق ويتمادون في الباطل قال تعالى «فاما عاد فاستكبروا في الارض بغير الحق وقالوا من اشد منا قوة او لم يروا ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون».
ان المرء ينبغي ان يربي نفسه على قبول الحق واخذه ممن جاء به وان يسعى للاستفادة حتى ممن هو دونه فربما جاء الحق على لسان صبي او امي بل احياناً كما قيل «خذ الحكمة من افواه المجانين» وقد روي ان وفداً قدم على سليمان بن عبدالملك الخليفة الاموي فقام فيهم صبي يتلكم عنهم فقال الخليفة: أليس في القوم اسن منك ليتكلم عنك؟
فقال يا أمير المؤمنين لو كان الامر بالسن لكان في الامة من هو اسن منك!
لكن المرء باصغريه قلبه ولسانه.
الاستفادة والعظة يأخذها الانسان حتى من الحيوان الذي لا يعقل فالنمل مثال للجد والعمل والمثابرة وعدم اليأس.
والاسد رمز للشجاعة والقوة والاباء.
ولاريب ان الانسان يمدح ويثنى عليه اذا شبه بالاسد مع انه حيوان لا يعقل.
بل لقد كان خليفة من خلفاء المسلمين يفتخر بلقب «الحمار» الذي لقب به لصبره وجلده وقوة تحمله وهو آخر خلفاء بني امية مروان بن محمد.
وقد قال الشاعر الحكيم:
لا تحقرن الرأي وهو موافق
حكم الصواب اذا أتى من ناقص
فالدر وهو اجل شيء يقتنى
ماحط قيمته هوان الغائص |
جامعة أم القرى مكة ص.ب 13663
amrrsa@hotmail.com
|
|
|
|
|