| متابعة
* نيويورك واس:
أكدت المملكة العربية السعودية مجددا ادانتها القاطعة وشجبها الشديد للأعمال الارهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الامريكية في الحادي عشر من شهر سبتمبر الماضي والتي لازال المجتمع الدولي يعيش اثارها والتي راح ضحيتها آلاف الابرياء ونجم عنها خسائر مادية هائلة واضرار بالغة يصعب حصرها او تحديدها.
جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها السادسة والخمسين المنعقدة في مقر الامم المتحدة في نيويورك والتي وزعت أمس على الوفود المشاركة.
وأوضحت المملكة في كلمتها أنه مع عظم تلك الكارثة وعمق نتائجها برز توجه عالمي جاد للوقوف بحزم وصرامة أمام كل من تثبت مسئوليته او علاقته بذلك العمل الاجرامي المشين ولطرق كل السبل والوسائل الكفيلة بالقضاء على ظاهرة الارهاب الدولي التي تفشت مؤخرا وعانت منها مختلف الشعوب والدول بغض النظر عن انتماءاتها وجنسياتها.
وبينت أن المملكة العربية السعودية التي كانت من اوائل الدول التي عبّرت عن ادانتها القاطعة لتلك الاعمال الارهابية لم تتردد في الاسهام في أي جهد او تحالف يهدف إلى القضاء على تلك الآفة الخطيرة التي تهدد الجميع مؤكدة أن ذلك الموقف من المملكة يأتي منسجما مع سياستها الدائمة والمستمرة ضد الارهاب ومرتكبيه.
واشارت إلى أن المملكة نفسها عانت من الارهاب واتخذت في سبيل مكافحته والقضاء عليه الكثير من الاجراءات الادارية والقانونية والامنية للحد من تلك الاعمال والممارسات الارهابية او على الاقل تقليص امكانات حدوثها.
وقالت ان انعقاد دورة الجمعية العامة للامم المتحدة الحالية والتي تأتي بعد نحو شهرين من حدوث كارثة نيويورك وعلى بعد امتار قليلة من موقع الحادثة يجب أن ينقل العالم من مرحلة الذهول والاسف إلى مرحلة العمل الجدي وانتهاج السبل العملية والفعالة لمكافحة الارهاب واجتثاث جذوره ومسبباته مشيرة إلى انه من المناسب في هذا الصدد الاخذ بالروحية التي عبّر عنها فخامة الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش في كلمته أمام الجمعية العامة للامم المتحدة يوم السبت الماضي والتي تؤكد أن الوقت قد حان لنتحرك جميعا بكل الحزم والقوة في مواجهة هذا العدو المشترك وعدم الاكتفاء بلغة التنديد والاستهجان والتعبير عن الاسى.
واضافت أن المملكة العربية السعودية اتخذت من جانبها بالفعل وقبل حادثة الحادي عشر من سبتمبر سلسلة من الاجراءات والانظمة التي تدلل على جديتها في المسعى المناوىء للارهاب فعلى سبيل المثال سنت المملكة جملة من الانظمة والقوانين المرتبطة بمكافحة الارهاب وانزال العقاب الصارم بمرتكبيه كما تبنت اجراءات مالية ومصرفية للحد من امكانية استفادة الجماعات المتطرفة من وسائل الدعم المالي التي تسهل لهم تنفيذ خططهم وكذلك كانت المملكة من اوائل الموقعين على المستوى الاقليمي على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب الصادرة عن الجامعة العربية عام 1998م وكذلك على معاهدة منظمة المؤتمر الاسلامي لمكافحة الارهاب بالاضافة إلى انضمامها على المستوى الدولي إلى العديد من اتفاقيات الامم المتحدة الخاصة بالارهاب وهي في سبيلها إلى الانضمام إلى اتفاقيتي قمع اعمال الهجمات الارهابية بالقنابل ومكافحة تمويل الارهاب.
وأوضحت المملكة أن هناك حقيقة يجب أن لاتغيب عن الاذهان في اطار الاهتمام الدولي المتنامي بموضوع الارهاب وفي سياق بلورة السياسات وابرام الاتفاقيات الدولية الرامية لمكافحته وهي أن مجرد سن القوانين والانظمة لمواجهة الارهابيين امر ضروري ولكنه لايكفي في حد ذاته لمنع حدوث الاعمال الارهابية لان القضاء على الارهاب يستدعي التوجه لازالة بنيته الاساسية التي تعتمد عليها جماعات الارهاب المنتشرة في انحاء العالم لما توفره لهم هذه البنية من وسائل الدعم والدعاية.
وقالت انه في هذا الصدد فان علينا أن نتذكر أن بعض الدول تمنح لمن يلجأ إليها تحت غطاء المعارضة السياسية بعض الامتيازات والحصانات التي تتيح لهم امكانية التحرك بحرية داخل البلدان التي تستضيفهم مستغلين انظمتها في الترويج لدعاياتهم واجراء الاتصالات وبعث رسائل الكراهية ومحاولة التأثير على العامة واستثارتهم للقيام باعمال العنف والارهاب داخل بلدانهم ولذلك فاذا ماكانت هناك جدية في محاربة الارهاب فانه يتعين سد هذا الباب أمام كل من يريد استغلاله لتحقيق مآرب قد تبدو في نظر البعض مشروعة الا انها في حقيقتها وسيلة من الوسائل المؤدية إلى العنف والارهاب.
واضافت أن الامر الآخر الذي يتعين على الجميع ادراكه والانتباه إليه خصوصا في ضوء المشاعر التي افرزتها احداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي هو ضرورة أن لاتأخذ عملية مكافحة الارهاب شكل القاء التهم ونشر الادعاءات ضد فئة دينية اوجنسية معينة بدافع التحامل ومن زاوية التعميم المجرد من المبررات والدلائل القاطعة لان التسرع في القاء التهم ونشر الادعاءات الباطلة مثل ربط الارهاب والارهابيين بالاسلام لن يستفيد منه سوى من يهدف إلى ترويج فكرة صراع الحضارات وهو ما تعتقد المملكة انه هدف اساسي لمرتكبي احداث سبتمبر.
وشددت المملكة على أن الانسياق في مثل ذلك الاتجاه التصادمي لن يترتب عليه سوى الاسهام في تحقيق ما كان يهدف إليه الارهابيون ذاتهم ولذلك فانها تتطلع إلى منظمة الامم المتحدة بصفتها الهيئة التي تمثل جميع الدول دون استثناء لان تجعل من الجهد الدولي المناوىء للارهاب خالصا مجردا من التمييز والتحامل وان يكون مؤداه خدمة جميع اعضاء المجتمع الدولي وحمايتهم من شرور الارهاب بما في ذلك الارهاب الرسمي المدعوم من الدول. واكدت المملكة العربية السعودية انه في اطار سعيها لمحاربة الارهاب فقد ايدت جميع الجهود الدولية التي انبثقت عن هيئة الامم المتحدة سواء من خلال الانضمام للاتفاقيات الدولية كما ذكر انفا او عن طريق تأييد القرارات ذات الصلة بهذا الموضوع ومن بينها قرارا مجلس الامن رقم 1368 ورقم 1373 لعام 2001م كما انها تؤيد الدعوة لعقد مؤتمر دولي للارهاب يعقد تحت مظلة الامم المتحدة ويكون من مهامه الرئيسية وضع تعريف محدد للارهاب يفرق بين الارهاب كظاهرة خطيرة تهدد امن واستقرار المجتمع الدولي وحق الشعوب في النضال والمقاومة ضد الاحتلال وفق ما نص عليه القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة. واشارت المملكة إلى أن مكافحة الارهاب تتطلب من الجميع العمل الدؤوب من اجل حل القضايا العالقة التي من شأنها اثارة الاحقاد وزرع البغضاء وتعميق الشعور بالظلم وانعدام العدالة مبينة انها حين تذكر هذا الموضوع فانها لاتقصد ربط الارهاب باي قضية اخرى لانها تدرك حق الادراك أن مكافحة الارهاب والتصدي له قضية تستدعي من الجميع تضافر الجهود من اجلهابغض النظر عن أي اعتبار اخر غير أن ما يجب الالتفات اليه واخذه بعين الاعتبار هو ضرورة أن لاتترك فرصة للارهابيين يتسنى لهم من خلالها استغلال القضايا العالقة في تبرير اعمالهم الارهابية وبالتالي ايجاد روابط بين ممارساتهم وتلك القضايا. وأوضحت انه لابد في هذا الصدد أن يتم العمل على فك مثل ذلك الارتباط بطريقة ايجابية تحرم الارهابيين من أي مبررات قد يستندون عليها في تنفيذ خططهم ولذلك ومن هذا المنطلق فان الدعوة إلى الاسراع في ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يجب أن لاينظر اليه على انه استجابة لضغوط الارهابيين وانما ضغط من جانب المجتمع الدولي لحرمان الارهابيين من استغلال استمرار بقاء تلك القضية عالقة دون حل وهو الامر الذي يجعل الجميع ينظرون بعين التقدير إلى ما ورد في كلمة الرئيس الامريكي أمام الجمعية العامة حينما اشار إلى أن العنف في فلسطين هو مسئولية جميع الاطراف وليس طرفا واحدا وان من حق اسرائيل وفلسطين على حد سواء العيش المشترك كدولتين مستقلتين . وافادت المملكة العربية السعودية أن عملية السلام يجب أن لايحول دون استمرارها حدوث اعمال عنف هنا وهناك اذ أن السبيل الامثل لايقاف اعمال العنف يكمن في ايصال عملية السلام إلى غايتها المنشودة وذلك عبر احيائها وتنشيطها وفق مبادئها واسسها المستندة على قرارات الشرعية الدولية وبخاصة القرارين 242 و 338 ومبدأ الارض مقابل السلام . وتطرقت المملكة إلى الحرب الدائرة حاليا في افغانستان وقالت انها تمثل احد تداعيات الوضع الذي انتهت اليه المشكلة الافغانية وما ادت اليه من ظروف وجد فيها الارهاب الدولي ارضية لتنفيذ مخططاته واهدافه معربة عن خشيتها رغم تفهمها لدوافع التحالف الدولي في شن حملته العسكرية ضد معاقل الارهاب في افغانستان أن تظل تلك الحملة محصورة في اطارها العسكري وما يستتبع ذلك من تعريض المدنيين الافغان لمزيد من المعاناة والتشرد دون أن تحقق الحملة أي اهداف او نتائج مقبولة وقد تعرض مستقبل افغانستان لمزيد من القلاقل والانقسام وعدم الاستقرار.
واكدت المملكة انها لذلك فقد سعت إلى بذل ما تستطيع لتجنيب افغانستان هذا المصير المؤلم وفي نفس الوقت الاسهام في توجيه التحالف الدولي إلى الوجهة التي تنسجم مع مضمون قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة بموضوع افغانستان حيث طرحت على معالي الامين العام للامم المتحدة تصورا يشمل جملة من الافكار التي يراد منها حماية استقلال افغانستان ووضعها على الطريق المؤدي إلى استقرارها وانمائها ومن جانب اخر المساعدة على القضاء على الارهابيين ومن يتعاون معهم ويوفر لهم الحماية والمأوى على ارض افغانستان لان العمل العسكري من وجهة نظر المملكة العربية السعودية لوحده لايمكن أن يؤدي إلى تحقيق الاهداف المرجوة في افغانستان وبالتالي فلا مناص من الارتكاز على منظور سياسي يساعد على تحقيق اهداف التحالف من ناحية ويضمن لافغانستان المستقبل السياسي المستقر. وشددت المملكة في ختام كلمتها على أن المجتمع الدولي احوج ما يكون اليوم إلى التكاتف والتعاون من اجل وضع حلول يكون الاتفاق عليها نتاجا لفكر جماعي ومحصلة للعمل المشترك على أساس من العدل والمساواة كما أنه لابد من السعي إلى التوصل لتوافق حول ضوابط الحياة الدولية يستند على احترام ما استقر في وجدان البشرية من قيم واعراف ومبادىء ويحقق الامن والاستقرار والتنمية ويشجع على اقامة حوار خلاق وتفاعل ايجابي بين ثقافات العالم مما يحقق التفاهم ويعزز التعاون الدولي بغية تحقيق الامن والسلام والاستقرار والرفاهية لجميع الامم والشعوب.
|
|
|
|
|