| مقـالات
يبدو أن هناك حرباً شعواء تشن علينا هذه الأيام بشكل معلن وغير معلن من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية أو بعض الكتاب بمختلف أوضاعهم إعلاميين أو سياسيين أو حتى اقتصاديين واجتماعيين.
وهذه الهجمة التي تتعرض لها بلادنا في الخارج هي احد المخططات التي يجيد الغرب إعدادها مؤسسياً وحبكها في الأوقات والظروف المناسبة بغية تحقيق أهدافها بشكل أدق ولهذا نرى أن هذه الحملة تتزامن وأزمة الحرب في أفغانستان كأحد إفرازاتها وانعكاساتها علينا ليشغل المملكة عن مواقفها الثابتة وأثرها في الحد من هذه الحروب والأزمات من ناحية وليضرب الإسلام في معقله باعتبار ان المملكة تمثله بحق ومن ثم حربها باللسان هي جزء أو جبهة من الحرب الدائرة في أفغانستان بالسنان وإذا كانت الثانية هي شيء ضد لا شيء وسوف تزول كثير من آثارها في افغانستان بمجرد أن تضع الحرب أوزارها فإن آثار الثانية أي اهداف الحملة بعيدة الغور وطويلة المدى فمعروف ان ما تتركه مثل هذه الحملات من آثار اعلامية وتربوية واقتصادية يصعب محوها لعدة عقود هذا إن لم تكن ارهاصاً أو مقدمات لحرب عسكرية ضدنا قادمة والحرب اولها كلام ومن ثم فإن هذه الحملة وخلفياتها ونتائجها المبتغاة هي تهيئة الرأي العام الغربي ومن يدور في فلكه لها ذلك ان المملكة مقصودة حتماً لرسالتها التي تحملها ومبادئها الثابتة التي تقوم عليها والغرب يعرف خطورة تلك الرسالة والمبادىء عندما تقوم عليها دولة مثل المملكة وشعب مثل شعبها ولهذا وضعها هذه الايام ضمن دائرة الصراع وإحدى جبهاته مستغلاً الانشغال والزج بالإسلام في الحرب القائمة ومن ثم فرصة النيل من كل القوى القائمة عليه وعلى رأسها المملكة.
وفات على الإعلام الغربي انه بشن هذه الحملة ضد المملكة وتشويه صورتها هناك انه يكشف هدف الحرب الحقيقي القائمة الآن وهو الإسلام وأن الارهاب وظف وعد وسيلة والغاية اكبر. والسؤال الملح هو ما العمل؟
في البداية ينبغي ان نستفيد من دروس الأزمات وأن نخرج منها بخطط وبرامج وسياسات لما بعدها ولما يمكن ان يحدث من أزمات أخرى والغرب لم يعد ذلك اللغز المحير أو المارد الذي لا يمكن مواجهته أو التأثير فيه.
إن أهم ما يفهم الغرب و يؤثر فيه هو الإعلام ومفهوم المصالح وهي وسائل اليوم متاحة لنا أكثر من أي وقت مضى ولم يبق إلا حسن التوظيف والإدارة المناسبة لها انطلاقاً من مبدأ ومبادرة عصرية مهمة وهي ألا تكون دائما خططنا وبرامجنا موسمية بعبارة أخرى ردود فعل للأزمات والظروف الآنية فإنه إذا ما نجح الغرب في وضعنا في خانة رد الفعل فإن ذلك سوف يؤدي إلى فشل مواجهتنا له من ناحية واستعداده للرد عليها بما يخترقها ويخدم أهدافه ويحقق غاياته وسياساته فينا دونما مقاومة نوعية مضادة لموقفه منا.
إن الإعلام الخارجي المواجه للغرب بالذات بلغاته المشهورة كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية وحتى الروسية وبنفس وسائله وأدواته وتقنياته اصبح ضرورة وجبهة لا تقل أهمية عن مجالات أخرى كالدفاع والتعليم في الإنفاق عليها والاهتمام بها ضمن برنامج استراتيجي بعيد المدى لا يحد بخطة تنمية معينة أو أزمة راهنة، إن جهود المملكة وسماحة وسمو الأسس التي تقوم عليها داخلياً وخارجياً وعربياً وإسلامياً هي المنارة المفقودة التي يبحث عنها الرأي العالمي مع إدلاج ليل حضارة الغرب وتخبط فلسفاته ونظرياته وتعقد أزماته ومظاهر الانتقاء والتميز والغطرسة التي تمارس في حقه في كل عقد بل في كل عام وفي كل محفل. وما الحملة التي تشن عليها ومن ورائها الإسلام في هذا الوقت هي نوع من حماية الذات والخشية من الاختراق لأنهم يدركون تماماً بوعي وفهم عميق أن لا شيء يعادل سمو الإسلام وصدق مبادئه وثباتها وصلاحها للإنسانية وأنه مرشح لإنقاذها في هذا العصر اذا قدم بكل وسائل هذا العصر وتقنياته وحسن توجيهها وتوظيفها ومن ثم يرون خطورة ان ترعاه وتقدمه دولة مثل المملكة في اهميتها وجهودها وموقعها ورصيدها التاريخي وإمكاناتها المعاصرة المختلفة. اما الخطوة الأخرى المضادة فهي توظيف المفهوم الاقتصادي في العلاقات بين العالم العربي ومن ضمنه المملكة والغرب فهو يدرك خطورة ذلك بقدر حرصه عليه وتقدير أصحابه وتوثيق العلاقة والمحالفة على اساسه، وإن إعادة ترتيب الأولويات والأفضلية في الاستثمار والتعدين والتسويق والاستيراد والتصدير تدريجياً ولبعض السلع ايضاً على أساس من الاحترام الحقيقي المتبادل والاعتبار الملموس وحماية الحقوق وعدم النيل من الآخر لدى الجانبين أصبح مطلباً وورقة مجدية في الكف عن هذه الحملات عن المملكة والنيل من مبادئها والتشكيك في مواقفها وإذا كان الغرب لا يقبل أو يستطيع أن يمد يداً في الوقت الذي يصم فيه أذنا فإننا لا نقبل ذلك ايضا في حقنا. إن من البديهيات أن يقال إن الثقة وحفظ المصالح بين الجانبين هي أساس العلاقة بينهما ولا شيء غير في وقت أصبحت الحريات والديمقراطيات المزعومة موجهة ولها حدود في العلاقات بين الدول إذا ما أرادت.
|
|
|
|
|