| العالم اليوم
دفعت صحفية فرنسية ثمن جرأتها الزائدة عن الحد، وأيضا لانسياقها وراء مغامرات العسكريين الذين يندفعون اكثر من اللازم في حروب الكر والفر مثل التي تجري حاليا في أفغانستان بين قوات التحالف الشمالي الافغاني وبين قوات حركة طالبان، فقد دفعت الصحافية الفرنسية جوانا سوتون العاملة في إذاعة فرنسا الدولية (R.F.E) مساء يوم الاحد حياتها على الجبهة الشمالية الشرقية في أفغانستان عندما وقعت قوات التحالف الشمالي التي كانت ترافقها الصحفية ومجموعة أخرى من زملاء المهنة في كمين نصبته قوات حركة طالبان. وقتل صحافي فرنسي آخر يعمل في إذاعة وتلفزيون لوكسمبرج كان برفقة جوانا سوتون وصحفي ألماني ثالث وصحفيون أجانب آخرون كانوا على متن دبابة.
حالة هؤلاء الصحفيين الذين فقدوا ثلاثة من زملائهم قد يكونون قد وقعوا في الأسر أو لم تستطع قوات التحالف الشمالي استرجاع جثثهم إن كانوا قد لاقوا حتفهم مثل جثث الصحفيين القتلى الثلاثة التي استرجعها جنود التحالف الشمالي، تذكرني بما جرى لنا في تغطيتنا للحرب العراقية الايرانية في بداياتها، وكنا مجموعة من الصحفيين العرب والأجانب، وقتها أعلنت العراق استيلاءها على مدينة عبادان واصطحب الجنود العراقيون مجموعة من الصحفيين لتأكيد استيلائهم على مدينة عبادان، حيث أخذونا الى إذاعة عبادان التي كانت تقع في النطاق الجغرافي لمدينة الحمرة التي كان العراقيون قد احتلوها قبل ايام، وما كنا طبعا نعرف هذه المعلومة الجغرافية، وعندما وصلنا الى مبنى اذاعة عبادان وفيما كان الضابط العراقي يشرح لنا ويؤكد أن عبادان أصبحت تحت سيطرة القوات العراقية فتحت النيران علينا من كل صوب وكانت المدفعية الإيرانية وصوت طلقات الرشاشات تثير الهلع والخوف في صفوف الصحفيين وتثير الاحراج والقلق بين الضباط العراقيين الذين كانوا يرافقون الصحفيين، وكان لا بد من إخلاء مبنى اذاعة عبادان من الصحفيين قبل أن يقتلوا جميعا وتصبح فضيحة للعراقيين خاصة ان بينهم مراسلي وكالة رويتر ووكالة الأنباء الفرنسية ومحطات تلفزيون امريكية وبريطانية ومراسلين عرباً ويوغسلافا وروسا، وهكذا فقد جمعنا ضابط عراقي وأخذ يشرح لنا كيفية الخروج من المبنى والاتجاه الى مبنى مقابل يبعد قرابة ألفي متر عرفنا فيما بعد أنه كلية تمريض للطالبات الإيرانيات وأنه يعد آمناً خاصة انه يقع في الجانب الذي تسيطر عليه القوات العراقية.
أخذ الضابط يشرح لنا أن نبدأ الجري أولاً واحدا بعد الآخر واذا ما بدأ إطلاق النار فعلى الجميع أن يرتمي أرضاً ويكمل المسافة زحفاً، وبعد أن تم ترتيب الصحفيين تطوّع صحفي يوغسلافي بأن يقود مسيرة الانسحاب مدعياً أنه كان أحد أفراد المقاومة الشعبية في بلده وفعلا بدأ قائدنا الصحفي اليوغسلافي قيادة قافلة الصحفيين وكنت خلفه مباشرة، وبعد أن قطعنا نصف المسافة انهمر الرصاص علينا من كل صوب واتجهت إحدى الرصاصات الى رأس الصحفي اليوغسلافي الذي ارتعش جسمه عدة رعشات ثم خمد مما دعاني الى الزحف بكل قوة غير مبالٍ بالتراب الذي أعماني تماماً عن رؤية أي شيء أمامي حتى وصلت الى مبنى كلية تمريض البنات لاعناً السبق الصحفي، وادعاءات العسكريين..!!
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|