رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 13th November,2001 العدد:10638الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,شعبان 1422

متابعة

تواجه وضعاً حرجاً داخلياً وخارجياً
المنشآت النووية الباكستانية.. هل تكون ضحية الحرب في أفغانستان؟
واجهت باكستان بعد أحداث 11 سبتمبر وضعاً حرجاً على المستويين، الداخلي والخارجي، سواء بالنظر الى متاخمتها لأفغانستان أو علاقاتها الوثيقة بحركة طالبان الحاكمة بها.
فعلى المستوى الخارجي، كانت إسلام اباد أمام خيارين كلاهما صعب: إما تحدي الولايات المتحدة وعدم التعاون معها في ضرب افغانستان ونظام طالبان الحليف لها، وبالتالي تعريض نفسها للاستهداف عسكرياً وإعطاء الهند فرصة لتوثيق علاقاتها مع واشنطن وبالتالي مزيد من الضغوط عليها، وإما الاستجابة لكل طلبات الولايات المتحدة وبالتالي اتقاء ضغوطها وربما ضرباتها العسكرية والحصول على مساعدات اقتصادية كبيرة ولو الى حين، وقد اختار الرئيس الباكستاني برويز مشرف الخيار الثاني.
وعلى المستوى الداخلي، أدى موقف الرئيس الباكستاني المؤيد بالكامل لواشنطن في حربها ضد افغانستان الى معارضة داخلية شديدة وخاصة من قبل التيارات الاسلامية المؤيدة لطالبان، وبالتالي بروز مخاطر الحرب الأهلية والاطاحة به عن طريق الانقلاب العسكري او الثورة الشعبية، وقد اشارت بعض الانباء بالفعل الى محاولة انقلابية داخل الجيش الباكستاني ثم اجهاضها، وكانت السبب وراء حركة التغيرات التي اجريت في صفوف قيادات الجيش.
وعلى الرغم من ان الحفاظ على البرنامج النووي من اي اعتداء، كان احد المبررات التي ساقها برويز مشرف لتفسير موقفه المؤيد للولايات المتحدة امام معارضيه في الداخل فإن مؤشرات عديدة تؤكد على ان هذا البرنامج قد أصبح بالفعل في دائرة الخطر مما يدعو الى التساؤل: هل يكون البرنامج النووي الباكستاني ضحية الحرب في أفغانستان؟ وهل جاءت الفرصة المناسبة للولايات المتحدة والهند وإسرائيل للتخلص منه او من «القنبلة النووية الاسلامية» كما يسميه البعض في الغرب على اساس ان باكستان هي الدولة الاسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي؟
برنامج باكستان النووي:
من المعروف ان البرنامج النووي الباكستاني قد بدأ موجهاً بالأساس الى الهند، متأثراً بعاملين أساسيين:
اولهما: تاريخ العداء الطويل بين البلدين والذي شهد ثلاثة حروب دامية أعوام 1947، 1965، 1971.
وثانيهما: إقدام الهند على إجراء تجربتها النووية الأولى عام 1974.
وكانت باكستان تراقب عن كثب المحاولات الهندية لامتلاك السلاح النووي، وهو مادعا ذا الفقار علي بوتو، ابو القنبلة النووية الباكستانية، الى القول في عام 1965 «إذا قامت الهند بصنع قنبلة نووية، فإن الباكستانيين سيأكلون العشب وأوراق الشجر، بل يجوعون إذا اقتضى ذلك للحصول على قنبلة نووية مقابلة» وهذا هو نفس ماقاله رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف بعد اجراء باكستان لتجاربها النووية في مايو 1998، حيث أكد ان بلاده سوف تلجأ، اذا اضطرتها الظروف، لبيع مكاتبها الحكومية لمواجهة آثار العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها.
وبدأت باكستان فعلاً بعد عام 1974 في محاولة الحصول على وحدة إعادة معاملة اليورانيوم وتخصيبه، إلا ان جهودها لم تكلل بالنجاح بسبب الخطر التكنولوجي الذي فرض على شبه القارة الهندية بعد اجراء الهند للتجربة النووية في عام 1974، حتى ان كندا قد اوقفت تعاملاتها مع الهند وباكستان في هذا المجال، وحذت حذوها دول عديدة اخرى، وكان عام 1975، نقطة تحول كبيرة في السعي الباكستاني للحصول على التكنولوجيا النووية، ففيه عاد اليها من هولندا عالم الذرة الباكستاني الذي يوصف بإينشتين باكستان الدكتور عبدالقادر خان حاملاً معه اسرار تخصيب اليورانيوم التي استخدمها في بناء قاعدة نووية في باكستان اعتماداً على معمل التخصيب المقام في كاهوتا، وفي عام 1984، وفي تصريح ذي مغزى، اكد عبدالقادر خان ان ماتوصلت اليه بلاده من تكنولوجيا نووية يعد انجازاً كبيراً في ظل ظروف الحصار المفروضة عليها، لأن عملية تخصيب اليورانيوم تعد من اصعب المراحل في دورة الوقود النووية الكاملة، وأضاف قائلاً: «ليس هنا ما يقتضي بالضرورة ان يكون الاختبار دائما على الأرض بل يمكن ان يجري في المعمل او عن طريق اجهزة المحاكاة»، ولأن هذا التصريح كان بمثابة «إعلان غير رسمي» عن قدرات باكستان النووية، وقدرتها على صناعة القنبلة الذرية، بدأ الحديث يتزايد في الغرب عن إمكانات اسلام اباد النووية حيث نشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية في عام 1987 تحقيقاً أشارت فيه الى وجود معمل لتخصيب اليورانيوم في كاهوتا يعمل بنظرية الطرد المركزي التي طورها علماء بريطانيون وهولنديون وألمان يعملون في مؤسسة «Almelo» في هولندا، وهي نفس المؤسسة التي كان يعمل بها عبدالقادر خان.
وأضافت الأوبزرفر أن «الخبير البريطاني فرانك برنابي قدر أن مفاعل كاهوتا به حوالي ألف طارد مركزي قادر على انتاج 45 كجم من اليورانيوم 235 المخصب بدرجة عالية كل عام، وهو ما يكفي لصنع قنبلة نووية قوتها 20 كيلو/طن، وإضافة لمفاعل كاهوتا، تمتلك باكستان مفاعلاً نووياً استوردته من كندا تبلغ قدرته 125 ميجاوات، ومفاعل آباد للأبحاث الصغيرة وتصل قدرته 50 ميجاوات، ومحطة قوى نووية في كاشيا قدرتها 600 ميجاوات قامت إيطاليا ببنائها في عام 1980، ويوجد ايضا معهد العلوم والتكنولوجيا النووية وبه مفاعل صغير بإمكانه إنتاج من 10 إلى 20 كجم بلوتونيوم، ويقدر الخبراء المخزون الباكستاني من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب بما يمكنها من صنع 21 قنبلة نووية عيارية قوتها 20 كيلو/طن. كما تمتلك الحواسب الالكترونية فائقة القدرة التي تمتلك القدرة على تصغير الكتلة الحرجة للقنبلة النووية العيارية الى اسلحة ذات قدرات أكبر «من نصف كيلو/طن الى 15 كيلو/طن» يمكن اطلاقها من صواريخ أرض/ أرض.
وقد ساعد باكستان في سعيها لامتلاك السلاح النووي عاملان هما:
1 تحالفها مع الولايات المتحدة الامريكية في فترة الحرب الباردة، وبصفة خاصة بعد الغزو السوفيتي لافغانستان في 1979، في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع الهند، وفي إطار ذلك انشأت الولايات المتحدة لباكستان معهداً للابحاث النووية عام 1963م. إلا انه ابتداء من عام 1990 اوقفت واشنطن برنامج معوناتها لاسلام اباد بسبب ما اطلقت عليه «نواياها النووية»، وكان ذلك امراً طبيعياً بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، وتشير التقارير هنا الى تجاهل واشنطن للخطوات الهندية في المجال النووي لمواجهة الصين، القوة النووية المناوئة للولايات المتحدة في آسيا.
2 التعاون العسكري مع الصين، فقد ذكرت المخابرات المركزية الأمريكية في فبراير 1996 ان الصين قد باعت وحدات مغناطيسية متطورة لمركزالأبحاث النووية الباكستاني، واتهمت الهند باكستان ببناء مفاعل بحثي صغير تتراوح قوته بين 50 100 ميجاوات بمساعدة الصين في منطقة خو شاب.
ومن هنا يتضح ان انتظار باكستان لفترة 17 يوما بعد إجراء الهند لتجاربها النووية عام 1998 حتى تقوم بالرد عليها بتجارب مماثلة، لم يكن لغرض فني بقدر ما كان لغرض سياسي، وهو معرفة رد الفعل الدولي، والامريكي بشكل خاص، على التجارب الهندية، والذي جاء ضعيفاً، حيث لم تستطع الولايات المتحدة اقناع الدول الاوروبية بالاشتراك معها في فرض العقوبات الاقتصادية على الهند، وحتى العقوبات الأمريكية لاقت معارضة من العديد من الشركات ورجال الأعمال الأمريكيين الذين نظروا اليها على انها لمصالحهم. وفي كل الأحوال فإن تجارب الهند قد وضعت باكستان او بمعنى اصح الحكومة الباكستانية أمام خيار واحد هو المضي قدما في الرد عليها مهما كان الثمن وبصرف النظر عن ردة الفعل الدولية في هذا الشأن وهذا ما لوحظ منذ اليوم الأول للإعلان عن التجارب الهندية، حيث قطع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف زيارته لقازغستان وعاد الى بلاده، ثم اجتمع على الفور مع مدير البرنامج النووي عبدالقادر خان الذي أعلن ان بلاده يمكن ان تقوم بتفجير نووي خلال اسبوع فقط. وكانت باكستان في ذلك مدفوعة بعدة عوامل أهمها:
1 الضغط الشعبي الكبير الذي مورس على رئيس الوزراء نواز شريف من كافة القوى السياسية، حيث اتفق الجميع على ضرورة الرد مهما كانت العواقب، وكانت زعيمة المعارضة ورئيسة الوزراء السابقة بناظير بوتو واضحة في تعبيرها عن الموقف الشعبي حينما خيرت نواز شريف بين الرد على الهند او الاستقالة. ومن الأمور الجديرة بالملاحظة هنا هي: انه في الوقت الذي تقابل به التجارب النووية بالرفض والاستنكار في معظم دول العالم على المستوى الشعبي، فإنها قوبلت بالترحاب واقامة الاحتفالات في كل من الهند وباكستان، مما يعكس عمق الإدراك الشعبي في كلا الدولتين للتهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي في كل منهما، واهمية السلاح النووي في درئها، اضافة الى تجذر العداءات في المثلث الهندي الصيني الباكستاني.
2 سيطرة حزب بهارتيا جاناتا الهندي المتطرف على الحكم في الهند، وتعيينه لأحد أكثر الوزراء في الحكومة تطرفاً لشؤون كشمير، حيث تعهد «بتلقين باكستان درساً قاسياً» اضافة الى اتجاهات الحزب المتطرفة تجاه المسلمين في الهند.
3 انه لم يكن من الممكن سكوت باكستان عن الرد على الهند، بعد ان وجدت نفسها وقد احيطت بسياج من الدول النووية يتمثل في الهند والصين وروسيا وكوريا الشمالية.
4 ما تأكد لباكستان من تواجد اياد اسرائيلية خفية في القضية، حيث ذكرت بعض المصادر ان شاشات الرادار الباكستانية قد رصدت قبيل ساعات من إجراء إسلام اباد السلسلة الثانية من تجاربها النووية طائرات مقاتلة معادية تشبه طائرات إف 16 الامريكية تنتهك المجال الجوي الباكستاني، وبما ان سلاح الجو الهندي لا يستخدم هذا النوع من الطائرات، فقد توصلت باكستان الى ان هذه الطائرات هي طائرات إسرائيلية كانت تستطلع امكانية ضرب المنشآت النووية الباكستانية لصالح الهند، وأكدت هذه المصادر انه على الرغم من نفي إسرائيل لذلك فإن الهواجس الباكستانية لم تكن بلا أساس.
مخاوف ومخاطر:
بدأت عملية التكهن وإثارة التساؤلات حول مستقبل البرنامج النووي الباكستاني في ظل الحرب ضد أفغانستان، بتقرير أشار إلى أن هناك وحدات عسكرية أمريكية وإسرائيلية خاصة تتدرب على التدخل لفرض السيطرة على المنشآت النووية في باكستان في حالة سقوط الرئيس مشرف للحيلولة دون وقوعها تحت سيطرة متشددين إسلاميين من داخل الجيش مؤيدين لطالبان، ولم تنف أو تؤكد الولايات المتحدة صحة هذا التقرير من عدمه، مما اعتبر من قبل الكثير من المراقبين دلالة على صحة هذه المعلومات خاصة في ظل أمرين.
الأول: عبرت الولايات المتحدة علنا عن مخاوفها من سيطرة عسكريين إسلاميين على السلاح النووي في حالة الإطاحة بمشرف في ظل المعارضة الشديدة له في الداخل، والانقسام داخل الجيش، إضافة إلى المظاهرات العديدة المؤيدة لطالبان، ودعوة بعض العلماء إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
الثاني: أن إسرائيل تضع باكستان ضمن معادلة القوى المعادية لها في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إيران والدول العربية، ولذلك فإنه عندما أعلن رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق ذو الفقار علي بوتو عن نية بلاده لإنتاج قنبلة نووية عام 1972، تحركت إسرائيل على أكثر من اتجاه لمنع حدوث ذلك، فسعت للتقارب مع الهند، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما، وتعاونا سراً في شأن المسائل الدفاعية والاستخبارية، إضافة إلى مد إسرائيل للهند بالخبرات الخاصة بمقاومة الثوار المسلمين في كشمير، كما طلبت من الولايات المتحدة التحرك بشدة لمنع باكستان من امتلاك سلاح نووي، ومن هنا ضغطت واشنطن على فرنسا للحيلولة دون قيامها ببيع مصنع إعادة تجهيز البلوتونيوم لإسلام اباد، وعندما فشلت في ذلك ذهب وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر إلى باكستان لإقناع بوتو بالتوقف عن المضي قدما في البرنامج النووي، وعرض عليه بيع 110 طائرات مقاتلة مجهزة بالمدافع والصواريخ، ومع رفض بوتو لهذه الإغراءات قال كيسنجر «سنجعل منك عبرة رهيبة». ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما امتد إلى إلغاء كافة المعونات للدول التي تحاول دخول النادي النووي عام 1981، وكانت باكستان هي المقصودة في المقام الأول، وبعد ذلك مات بوتو مقتولا حيث تعددت التفسيرات للأسباب التي أدت إلى اغتياله.
وتتخوف إسرائيل من تعاون باكستان عسكرياً مع دول أخرى في المنطقة وخاصة إيران وبعض الدول العربية، وكانت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي لإسلام اباد بعد إجراء الأخيرة لتفجيراتها النووية بأيام، ذات دلالة خاصة بالنسبة لإسرائيل، حيث قدمت إدارة البحوث بالمخابرات العسكرية الاسرائيلية لرئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو تقريراً أشارت فيه إلى أنه لم يبق أمام ايران سوى فترة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات لتطوير قدرات نووية عسكرية، وبمجرد امتلاك طهران لقنبلة نووية فإنه من المحتمل ان يسارع العراق ببناء قنبلة مماثلة، يضاف إلى ذلك ان الترحيب الذي قوبلت به التفجيرات النووية الباكستانية على المستوى الشعبي العربي وجولة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في بعض الدول الخليجية، هي أمور كانت تعي الكثير بالنسبة لاسرائيل لتطورات الأوضاع خلال الفترة القادمة وفي هذا الاطار أشار شيمون بيريز أحد المؤسسين الأوائل للبرنامج النووي الإسرائيلي، في لقاء مع صحيفة معاريف الاسرائيلية إلى ان «القنبلة الإسلامية ليست ذخراً اسراتيجياً للعرب بل ذخراً نفسياً لهم، القنبلة النووية ستجعلهم أكثر غروراً وستثير لديهم الشهية للقضاء على إسرائيل، وهذا هو الخطر الأكبر» وعبر عن اقتناعه بان امتلاك باكستان للقدرة النووية سوف يشجع كلا من العراق وإيران على السعي نحو تعزيز محاولاتهما للحصول على سلاح نووي.
وبعد التقرير الذي أشار إلى تدريبات أمريكية إسرائيلية مشتركة للسيطرة على السلاح النووي الباكستاني، تعددت الإشارات التي تؤكد على خطورة وضع هذا السلاح والغموض الذي يحيط بمستقبله ودور أمريكا وإسرائيل والهند في ذلك، أهم هذه الإشارات هي:
1 اعتقال باكستان لثلاثة من علماء الذرة البارزين بعد إعراب الحكومة الأمريكية عن قلقها من احتمالات نقلهم معلومات نووية مهمة إلى حركة طالبان، وأشارت صحيفة نيويورك تايمز في 3/11/2001 إلى ان أحد هؤلاء العلماء معروف بتأييده لطالبان، وقد ذكرت تقارير الصحف الباكستانية ان محققين أمريكيين من مكتب المباحث الفيدرالي، ووكالة المخابرات المركزية، قد شاركوا في التحقيقات مع هؤلاء العلماء.
2 ذكرت إحدى الصحف الهندية «هندوستان تايمز» في أحد تقاريرها، ان أمريكا لديها خطط جاهزة لمحاربة الجيش الباكستاني إذا ما أطاح بالرئيس برويز مشرف وقالت مجلة نيوزويك الأمريكية في عددها الأخير ان الولايات المتحدة تنوي ارسال إحدى وحدات مشاة البحرية المكونة من 2200 جندي لحماية الأسلحة النووية الباكستانية في حالة الإطاحة بمشرف، ويرتبط بذلك ما جاء في تقرير للاستخبارات الروسية مؤخرا من ان الرئيس الباكستاني قد يكون سلم فعلا ما بحوزة بلاده من قنابل نووية إلى الولايات المتحدة بعد ان كشفت المخابرات الأمريكية عن محاولة الانقلاب التي كان بعض قادة الجيش ينوون القيام بها ضده.
3 أشارت بعض التقارير إلى ان الولايات المتحدة متخوفة من احتمالات إقدام باكستان على نقل الأجزاء الأكثر حساسية من البرنامج النووي على متن طائرات هليكوبتر إلى الصين لتكون في مأمن من أي مخاطر مستقبلية، وذلك في ظل العلاقات العسكرية الوثيقة بين باكستان والصين في مقابل العلاقات المتطورة بين روسيا والهند.
وبشكل عام فإن هذه المؤشرات تستدعي الاشارة إلى ملاحظتين هما:
أ أنه من أهم السياسات التي تتبعها الدول الكبرى على مر التاريخ، هي سياسة «الليمونة المعصورة» وتعني الاستفادة من شخص ما «رئيس، زعيم سياسي...» لخدمة أهدافها الاستراتيجية «عصره» وحتى إذا ما انتهت من تحقيق أهدافها وأصبحت في غير حاجة إليه تخلت عنه أو تخلصت منه، والولايات المتحدة تستخدم هذه السياسة مع برويز مشرف، حيث ستحافظ عليه حتى الانتهاء من حربها في أفغانستان، وعند هذه المرحلة إما تتركه لمعارضيه في الجيش للانقلاب عليه وبالتالي يتوفر لها المبرر للتدخل والسيطرة على الأسلحة النووية بحجة الحيلولة دون وقوعها في أيدي متشددين إسلاميين، أو تقوم هي بنفسها من خلال مخابراتها باغتياله أو ترتيب عملية الاغتيال، والبرنامج النووي هو الهدف أيضاً.
ب انه على الرغم من ثناء الولايات المتحدة على تعاون باكستان معها في الحرب «ضد الارهاب» وتأكيد المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن في تقرير أصدره مؤخراً على أهمية باكستان الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة فإن كل ذلك يبدو صالحاً للتطبيق خلال المدى القصير، أما على المدى البعيد، فإن الولايات المتحدة تدرك أن طالبان قد خرجت من الرحم الباكستاني، وأن لها مؤيديها المتغلغلين في مراكز السلطة المهمة والحساسة داخل باكستان، وبالتالي فإن القضاء على طالبان لا يعني القضاء على أعدائها في المنطقة، ومن هنا فإن من أهم أهداف واشنطن في اطار الحرب ضد أفغانستان، ليس فقط اطاحة حكم طالبان والقضاء على تنظيم القاعدة، وإنما أيضاً اعادة تشكيل التوجيهات والسياسات الباكستانية على المستويين الداخلي والخارجي، والخطوة الأولى لتحقيق ذلك تتمثل في التخلص من برنامجها النووي أو السيطرة عليه، لأنه بدون ذلك لن تستطيع واشنطن أن ترتب الأوضاع في شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى بما يتفق مع خططها واستراتيجياتها في المنطقة.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved