| العالم اليوم
وإن بدأ العد التنازلي لاسقاط حكومة طالبان في أفغانستان، إلا أن الحرب على أرض هذا البلد المنكوب بقادته ستتواصل جالبة مزيدا من الآلام والمآسي لشعبها الذي كتب عليه أن يعيش في ظل ويلات الحروب الداخلية بين «أمراء الجهاد» ثم حرب اقليمية يشنها أفغان نيابة عن دول الجوار.. ولأن حرب دولية يتكاتف في أتونها الأفغاني مع الأجنبي ضد أخيه الأفغاني المسنود أيضا بأجنبي آخر، كل له أهدافه، وكلٌّ له أطماعه، وكل من تلك الأطراف تبرر حروبها بنوايا طيبة جميعها لا تنفع الأفغان الذين يدفعون الثمن يومياً: قتلى، وجوعاً، ورعباً وخوفاً، وتدميراً للبلاد وتشريداً للعباد.
الآن بدأت الدائرة تدور على حركة طالبان والأفغان العرب، وبعد أن كانت السيطرة لهؤلاء على أكثر من تسعين بالمائة من أرض أفغانستان، بدأت المعارضة الشمالية، وهي مجموعة متناقضة أتنياً وفكرياً ومذهبياً مدعومة بقوات أجنبية، وخبراء وأسلحة وطيران مهد بقصفه الرهيب لمواقع طالبان للتقدم الذي تحرزه قوات المعارضة.
وهكذا أصبحت أفغانستان أرضاً لحرب عالمية بأدوات أفغانية وهذا ما سيرفع حصيلة ضحايا الشعب الأفغاني، وكما أن للنيران حطبها فإن حطب الحرب الحالية هو شعب أفغانستان. والذي يخرج من الدول والمنظمات في ظل هذه المحرقة التي طالت الأخضرواليابس، والتي لا توفر الطفل الرضيع ولا الشيخ العاجز، كل ما يخرج أماني وطلبات بأن يجنب المقاتلون المدنيين أهوال الحرب، وأن تراعي الجيوش الغازية لأفغانستان والمتقاتلون بإرادة الأجانب والمدافعون عن أوضاع شاذة أوصلت أفغانستان الى ما وصلت إليه الى الحد الذي يهدد بتفتيت هذه البلاد ويشرد أهلها في بقاع العالم ان يراعي كل هؤلاء حرمة القتال في تلك البلاد التي تدين بدين الاسلام.
ونحن هنا لا نملك إلا أن نضم صوتنا الى أصوات الخيِّرين في العالم فنقول لكل الذين يخوضون الحرب في أفغانستان.. حرب الانابة عن الأجانب.. نقول:
«اتقوا الله في دينكم الذي يأمركم بالمجادلة الحسنة مع أعدائكم من غير المسلمين فما بالكم وأنتم تقتلون اخوانكم المسلمين في الأشهر الحرم.
اتقوا الله في أهلكم وأبنائكم الذين أصبحوا في حالة يرثى لها، فالذي لا تقتله القذائف يقتله الجوع والمرض».
اتقوا الله فيمن تأسرونه من أعداء هم اخوانكم وأهلكم، واذكروا وتذكروا ان التنكيل بالأسرى والتمثيل بالقتلى ليسا من أخلاق المسلمين ان كان المقاتلون الذين يخوضون الحرب فوق أرض أفغانستان لا يزلون يتحلون بأخلاق المسلمين.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|