أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 12th November,2001 العدد:10637الطبعةالاولـي الأثنين 27 ,شعبان 1422

محليــات

يارا
كارثة السنبوسة ومستقبل اللقيمات
عبدالله بن بخيت
بصفتي كاتباً مسكوناً بهموم الامة وبصفتي رب اسرة اخذت عائلتي الكريمة (زوجتي وأطفالي والشغالة) في جولة بانورامية على اسواق الأرزاق في مدينة الرياض، لكي يتسنى لي الوقوف عن كثب على استعدادات المخازن الكبرى والسوبر ماركات واسواق الربوة وعتيقة والشمال لشهر رمضان الكريم، ولم ننس ايضا سوق اللحم الجديد في الحلة الذي افتتحته البلدية مشكورة العام الماضي. ككاتب جاد قررت أن أكون من السباقين في طرح هموم مواطنينا ومناقشة قضاياهم الخطيرة، الشيء الأول الذي لاحظناه في البداية هو أن السلاسل التجارية الكبرى التي انشئت هذا العام شكلت دعما اضافيا كنا في امس الحاجة اليه، ورغم هذا التقدم الملحوظ فان الحيطة والحذر واجبان. لأننا ما زلنا حتى الآن نتذكر الكارثة التي مر بها مجتمعنا في أول رمضان تلا حرب تحرير الكويت على أثر رحيل اخواننا اليمنيين الجماعي. لا يمكن لربات البيوت الصغيرات أن يتصورن الفاجعة التي مررنا بها عندما فوجئنا بالنقص الحاد في شرائح السنبوسة. من يتصور أن المجتمع السعودي يستطيع أن يفطر في رمضان في ظل غياب مثلثات السنبوسة المقرمشة الراشحة بالزيت. نعم لقد حدث هذا قبل عشر سنوات. في ذلك الحين يعتبر شارع جرير بالملز المركز العالمي لانتاج شرائح السنبوسة. أتذكر في عصريات الرمضانات التي سبقت حرب الخليج، كان ذلك الشارع لا يقل حركة وصخبا عن مدينة ديترويت في أمريكا التي اشتهرت بتصنيع السيارات، والشيء الطريف اننا اقتسمنا خبرات اخواننا اليمنيين مع أمريكا. فقسم منهم ذهب إلى امريكا ليسهم في صناعة السيارات في ديترويت، والقسم الآخر جاء إلى بلادنا ليسهم في إنتاج شرائح السنبوسة في الملز. ويا سبحان الله مازلنا حتى الآن ننافس أمريكا على العمالات. فالعمالة الهندية المتعلمة تجدهم يخترشون في وادي السليكون ينتجون لأمريكا برامج الكمبيوتر. وفاقدو المواهب من الهنود تجدهم يخترشون أمام مدارسنا أو ينتظرون نساءنا عند مداخل الاسواق. الشيء المؤسف ان الامريكان حافظوا على وحدة ونشاط ديترويت، أما نحن فبعد رحيل اليمنيين تبعثرت اماكن تصنيع شرائح السنبوسة. ولأني لست خبيرا في الاقتصاد الصناعي لا أستطيع أن أحدد أثر هذه البعثرة على الاقتصاد الوطني.. ولكن الشيء الذي يهمني ككاتب مسكون بهموم الشعب هو ضمان توفر شرائح السنبوسة طوال الشهر الكريم. بدأت بقضية شرائح السنبوسة للتحذير من تكرار مأساة السنبوسة. صحيح أن بلادنا اتخذت كل الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار الكارثة، ولكن كما يقول إخواننا المصريون من (يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي). وفي خضم جولتي الميمونة لم يفتني أن شوربة كويكر (أم عسكري) تأخذ نفس أهمية السنبوسة. لذا كان لها نصيب كبير من اهتمامي واهتمام العائلة التفقدية. أحب أن أطمئن كل المواطنين أن أماكن التموين أمنت ما يكفي الشعب الصيني من هذه الشوربة.
بالنسبة للقيمات فمن المؤكد أن الوضع تحت السيطرة الكاملة، ففي أي سوبر ماركت حتى البقالات الصغيرة ترى كراتين عجينة اللقيمات تتراص وتتضاغط بشكل يغريك ويسيل لعابك. وقد كتب على كراتينها الزاهية (لقمة القاضي). أتمنى من كل قلبي أن يقوم بعض دكاترتنا بتتبع تاريخ اللقيمات حتى نعثر على اسم هذا القاضي الجليل الذي وضع هذا الاختراع العظيم على موائدنا. فمن حقه كقاض ومن حقه كمخترع أن يدخل التاريخ باسمه الصريح. ولأننا امة لا ترهن مصيرها لتقلبات الزمان ولا سيما وقد تعلمنا من درس السنبوسة القاسي قام تجارنا الافاضل مدفوعين بغيرتهم الوطنية بفتح مراكز لبيع اللحوم في معظم شوارع الرياض. فأينما وليت وجهك سيقابلك مركز بيع لحم يتوفر على كل الانواع التي تريد (غنم، حاشي، بقر، عجول) (اطلب تجد). في الوقت الذي يبقى فيه شارع عسير وجهة العشاق الذين لا تستقر افئدتهم. إلا إذا اجتمعوا على لحمة حاشي. أما التوت فلا أخفي عليكم قلقي تجاهه، فقد لاحظت أن بعض التجار من عديمي الضمير (وهم قلة في مجتمعنا ولله الحمد) يرصون قواريره إلى جانب قوارير الفيمتو مما ضلل الجيل الجديد الذين لم تسمح لهم اعمارهم شرب التوت على قاعدة (اشرب التوت قبل ما تموت). وهذه الظاهرة ليست وليدة هذا العام فقد لاحظناها في الاعوام الماضية، كما لاحظناها في كثير من المناسبات التي نكون فيها معزومين عند عائلات من صغار السن أو من السذج من مواطنينا حيث نجد أن هذه الأسر تقدم لك فيمتو على أساس أنه توت. لا أعرف من هو المسؤول عن مثل هذا التلاعب. علينا أن نكون حريصين في هذه الأمور الخطيرة. فالتوت هو التوت والفيمتو هو الفيمتو ولا يجوز الخلط بينها. أنا لا أعارض شرب الفيمتو حتى في رمضان شريطة أن تشربه كفيمتو لا كتوت. صدقوني اذا كنا اليوم نتسامح في التوت فسيأتي ذلك اليوم الذي نتنازل فيه عن السنبوسة ثم يأتي اليوم الذي نتنازل فيه عن شوربة (أم عسكري). وقد علمتنا التجارب أن التنازل يجر التنازل، وبصفتنا أمة مستهدفة فربما يأتي اليوم الذي يدس لنا فيه أعداؤنا حلاوى مدربحة فنأكلها على أساس أنها لقيمات.
yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved