أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 12th November,2001 العدد:10637الطبعةالاولـي الأثنين 27 ,شعبان 1422

مقالات في المناسبة

في ذكرى البيعة (3)
الفهد وزيراً للداخلية
د. محمد بن عبدالله آل زلفة
من خلال مشاركة الفهد في أول وزارة شكلها أخوه الملك سعود رحمه الله ميز نفسه كرجل دولة له رؤية ثاقبة وبرنامج واضح وذو عقل راجح وقوة من الشخصية ومهابة فطرية وعقلية متفتحة وبصيرة نيرة وهمة وصبر وجلد على العمل وفوق هذا وذاك معرفة واسعة بأحوال وظروف وطنه ومواطنيه، معرفة اكتسبها من خلال خبراته السابقة في معرفة كل تفاصيل أوضاع مجتمعه ووطنه.
فكان خلال مشاركته في وزارة الملك سعود الأولى كوزير للمعارف نعم الوزير ونعم العضيد لأخيه الذي كان يشاركه طموحه في النهوض بالمستوى التعليمي لوطن اصبح محط أنظار كل العالم، لما له من مكانة في العالمين العربي والإسلامي والدولي، فالمملكة مهبط الوحي ومولد العروبة ومخزن العالم البترولي وبلد هذه مواصفاته لا بد أن يكون محط أنظار الجميع.
شهدت المملكة والعالم العربي خلال فترة الخميسينات أحداثاً ومتغيرات عربية ودولية كان أهمها الثورة المصرية في 1952م، وحلف بغداد 1956م وحرب قناة السويس عام 1956م ثم ثورة العراق عام 1958م ووحدة مصر وسوريا عام 1958م، كل هذه الأحداث أفرزت معطيات سياسية وفكرية واقتصادية على المنطقة لم تكن المملكة في منأى عنها بل كانت مستهدفة في كثير من هذه المتحولات.
بلغ اقصى التحديات لامن واستقرار المملكة ذروته في مطلع الستينات الميلادية، متزامناً مع انفصال الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961م وقيام ثورة اليمن عام 1962م. وأصبحت المملكة أمام تحديات كبيرة تستوجب إعادة ترتيب للأوضاع الداخلية تتناسب مع ضخامة تلك التحديات، التي لم تكن سياسية فقط بل واقتصادية واجتماعية. فاقتضت الأحوال تنحي الملك سعود رحمه الله عن الحكم وتولي الملك فيصل رحمه الله مقاليد الملك في عام 1384ه/1964م، وشكل وزارته الجديدة وعين الملك فهد وزيراً للداخلية بالإضافة إلى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. وكان اختيار الفهد لهذا المنصب الحساس والمهم وخاصة في هذه المرحلة الحساسة يمثل ثقة هرم القيادة في الشخص الكفء الذي يملك المؤهلات الكافية والعقل المدبر والسياسي والحكيم في إدارة الشئون الداخلية، للإبقاء على الجبهة الداخلية قوية ومتماسكة في مواجهة التحديات. وتعد حكومة الفيصل الأولى وبداية حكمه مرحلة هامة وانتقالية في تاريخ المملكة بل يعتبرها الكثير من المؤرخين والسياسيين المرحلة الإصلاحية الأولى في المملكة منذ عهد المؤسس التي شملت برنامجاً سياسياً جديداً للحكم والإدارة والتوجهات جاءت في النقاط أو المبادئ العشرة التي أعلنها الملك فيصل برنامجاً لعهده ولحكومته وهي كما يلي:
1 سن القوانين بما يتوافق ونصوص القرآن الكريم وسنة النبي عليه السلام.
2 تنظيم الإدارة المحلية في مختلف مناطق المملكة كي تساهم في التقدم الإداري والسياسي والاجتماعي للمواطن.
3 تأسيس وزارة للعدل، ومجلس أعلى للقضاء وسلطة قضائية مستقلة.
4 إعلان مجلس للفتوى من العلماء للنظر في شئون المسلمين وإصدار الفتاوى المناسبة عند الحاجة.
5 العمل على نشر رسالة الإسلام وتعزيز أسسه والدفاع عنه بالقول والعمل.
6 ممارسة الأخلاق الفاضلة تمشياً مع الأهداف الإسلامية العليا.
7 تحسين مستويات المعيشية بتقديم الخدمات الطبية المجانية والتعليم وبدعم المواد الغذائية الأساسية، كي يتيسر للمواطنين الحصول عليها بأسعار معقولة. كذلك تأسيس ضمان اجتماعي يكفل للمتقدمين في السن وللعمال العناية اللائقة.
8 تنظيم التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
9 تنفيذ البرامج لبناء الطرق والسدود والتنقيب عن المياه وبناء والوحدات الصناعية لقيام صناعات ثقيلة وخفيفة وتأسيس مؤسسة عامة للبترول والمعادن (بترومين).
10 إلغاء الرق إلغاءً كاملاً واعطاء الحرية للجميع.
فبقدر ما اثبت الفهد جدارته وقدرته في مجال التعليم واخراج ابناء وطنه من الجهالة الى النور، استطاع وبكل اقتدار على حماية وطنه وعلى حماية حدوده وسلامة أمن واستقرار المجتمع، والحفاظ على المكتسبات الوطنية من أي اهتزاز.
وبقدر ما أعطى الفهد مفهوماً معاصراً للتعليم والخروج به من التقليدية الى التحديث وجعله برنامج حياة شاملاً يأخذ المجتمع نحو التطور والرقي. نجده يعطي مفهوماً مختلفاً لمهمة رجل الأمن أو الجهاز المسئول عن الأمن فيحدث في وزارته تطويراً حديثاً في هذا الجهاز المهم، فيطور مدرسة الشرطة البسيطة في امكاناتها في مكة المكرمة الى كلية عصرية تنشأ في مدينة الرياض تخرج الكفاءات الوطنية من حاملي الشهادة الثانوية رجال أمن مقتدرين، واذا بجهاز الداخلية يعنى بتخطيط المدن واعمال البلديات ويخرجها من العمل الروتيني النمطي التقليدي الذي كانت عليه قبل توليه جهاز وزارة الداخلية. ويطور جهاز خفر السواحل وجهاز الأمن العام وجهاز الجوازات وأجهزة الأمن الأخرى التي شهدت نقلة نوعية في عهد قيام الفهد بمسؤولية وزارة الداخلية.
وفوق هذا وذاك اضطلع بمسؤولية تنفيذ ما نصت عليه النقطة الثانية من مبادئ الإصلاح التي أعلنها الفيصل المتعلقة بتنظيم الإدارة المحلية في مختلف مناطق المملكة كي تساهم في التقدم الإداري والسياسي والاجتماعي للوطن. فاستعان بالخبراء ومنهم الدوليون في وضع الأسس لتنفيذ هذه السياسة ووضع نظاماً متكاملاً ومتطوراً لنظام المقاطعات.
وبحكم منصبه نائباً لرئيس مجلس الوزراء فكان شريكاً كاملاً في رسم السياسات العامة للدولة في ضوء المبادئ المنصوص عليها في النقاط العشر. كما وساهم مساهمة فاعلة في تبني سياسة وضع الخطط الخمسية التي لم تكن معروفة في المملكة، حيث راعت هذه الخطط التي كان يرعاها الفيصل والفهد بعناية خاصة ومعاونيهم من رجالهم المخلصين، نتاج مدرسة الفهد التعليمية، التوازن المتكامل في رسم خطط التطوير التي عمت كافة أنحاء المملكة.
برز دور الفهد كمهندس في بناء دولة عصرية بدأها بالتعليم وبمخرجات التعليم ذلك الغرس الذي زرعه بنفسه واشرف على سوقه حتى أتى أكله ماثلاً في بناء دولة عصرية.
مع بداية عهد الإصلاح الذي قاده الفيصل بمشاركة الفهد شهدت هذه المرحلة نقلة هامة ومتطورة في سبيل تعليم المرأة، هذا النصف الكامل من المجتمع الذي حرم من التعليم، بسبب مواقف أملتها رواسب الماضي على شريحة قليلة من المجتمع، وتعودت ان تفرض رأيها على الأغلبية، فبحنكة ومهارة قطبي الإصلاح والتعليم تم إقناع اصحاب المواقف المعارضة وانتشر تعليم المرأة في كل ركن من أركان المملكة، وأخذت المرأة تساهم في بناء مجتمعها وخاصة بنات جنسها.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved