| الاخيــرة
يحتار المواطن كثيراً هذه الأيام، دون أن يجد من يخرجه من حيرته، ويتساءل كثيراً، لكنه لا أحد يجيب عن تساؤلاته، فيلجأ إلى التساؤل الصامت ويغرق فيه إلى أذنيه، ظناً منه أنه بذلك يعبر عما في داخله من تضاد أو اعتراض، وينسى في زحمة السؤال الصامت هذا، أنه في حاجة إلى من ينقذه من غرقه الذي لا يدري به سواه!!
السلع الاستهلاكية التي أصبحت تتوسط حياتنا بل وتتسنمها، تلعب بأعصابنا ليل نهار، ونغضب، ونصرخ أو نحتج... لكننا لا نجد منها مخرجاً، أو فراراً، ربما لأنه ليس منها بد!
«الجوال».. هذا الاختراع العجيب، لم يبق العجيب منه فيه، بل تعداه إلى أخطاره، المادية والصحية، ولم يقف الأمر عند هذين الحدين، بل تعداهما إلى الخطر النفسي، الذي صار لازمة من لوازم مستخدميه.
أنواع الجوالات لا تحصى ولا تعد، أما أسماؤها فمنها «الرهيب» «المسكت» «العنيد» «الرشيق»، وأشكالها وألوانها ليس لها حصر، و«اكسسواراتها» تشد العيون والجيوب، ولكن إلى أي مدى تظل هذه المظاهر تطغى على الناس؟ وإلى أي حد يمكن أن تتفاقم مشكلة «الاستغفال» في كثير من الحالات والأحوال؟!
أتصور أن كل ما يستورد «لنا» في هذا الإطار الاستهلاكي، إنما تم صنعه «مؤقتاً»، وبعد هذا «المؤقت» الذي لا يتجاوز في العادة عاماً واحداً، عليك أن «تجدد»، والتجديد يعني مزيداً من الدفع ... ولكن هل يتناسب ذلك مع ما يعود عليك من نفع؟!
«بعد عام» وهو العمر الافتراضي لأجهزة الجوال المستورد خصيصاً لنا وأكاد أجزم أن مصانعها قامت بناءً على دراسة مسبقة لحالنا وأحوالنا الاستهلاكية العبثية، أقول : بعد عام إن تجمل الحال فجأة يختفي الإرسال ويصمت الجوال، فنطير به إلى مراكز الاتصال لتصليح الجوال، فنذهب ظانين «بالمصلحين» ظن الخير، لكننا نجدهم في انتظارنا لا يعرضون علينا خدمات الصيانة، وإنما يفردون على طاولاتهم آخر صيحات «الإنتاج المؤقت»، فننسى سبب زيارتنا لمراكز أجهزة الجوال للصيانة، ونبدأ بالبحث فوراً عن محافظنا، فنخرج ما فيها من «كاش» أو بطاقات ائتمان، أو شيكات وتحت نشوة الاستهلاك «الجميل» ننسى أننا ندخل في خسارة مركبة تقع تحت بند «قصر العمر الافتراضي» لوارداتنا ويزداد الأمر تعقيداً حين نتهافت على الجديد لجدته فقط، وكأننا جميعاً في هذا المجتمع ممن تغويهم الأزياء.. والتي كانت مقصورة قبل «الجوال» على النساء!!
حياتنا أصبحت «مصفحة» بالإكسسوارات «قصيرة العمر» مع أننا نعلم علم اليقين بأنها «من فوق خلاخل .. والبلى من داخل»... وتاليتها؟!!
Hendmajid@hotmail.com
|
|
|
|
|