| الاقتصادية
* الرياض خالد الفريان:
تستورد الدول الاوروبية 20% من احتياجاتها النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي وتشكل عائداتها الضريبية احد اهم بنود تمويل موازناتها السنوية وتضع هذه الدول قيودا عدة على الصادرات الخليجية بينما لا تفرض دول مجلس التعاون أي قيود او رسوم اضافية على وارداتها من اوروبا، وقد ادى هذا الخلل الى تفاقم العجز التجاري بين بلدان المجموعتين لصالح اوروبا من 5، 6 مليارات يورو عام 1990م الى 5، 22 مليار يورو عام 2000م،
جاء ذلك في تقرير مصرف الامارات الصناعي لشهر اكتوبر، وفيما وفيما يلي نص التقرير:
تسعى دول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 1988م الى اقامة منطقة للتجارة الحرة مع بلدان السوق الاوروبية المشتركة، وذلك بهدف تطوير تجارة السلع والخدمات بين بلدان المجموعتين الخليجية والاوروبية وتفادي العديد من العراقيل التي تعيق انسياب الصادرات الخليجية لبلدان الاتحاد الاوروبي،
لقد بذلت دول المجلس جهوداً مضنية اثناء محادثاتها مع بلدان المجموعة الاوروبية على مدى سنوات العقد الماضي للتوصل الى اتفاق شامل حول منطقة التجارة الحرة، الا ان جهود دول المجلس والتي كان آخرها في شهر ابريل 2001م اثناء الاجتماع الخليجي الاوروبي والذي عقد بالمنامة باءت بالفشل وذلك بسبب الاصرار الاوروبي الخاص بطرح قضايا مستجدة بين فترة واخرى،
ونظرا لعدم التوصل الى اتفاق حول منطقة التجارة الحرة بين المجموعتين حتى الآن، فان الصادرات الخليجية، وبالاخص منتجات الالمنيوم والبتروكيماويات تواجه صعوبات تسويقية ناجمة عن الرسوم الجمركية المفروضة عليها في البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي،
وتعيق هذه الرسوم نمو الصادرات الخليجية بشكل عام لدول الاتحاد الاوروبي، بل ان حصة المنتجات الخليجية الرئيسية تتراجع في السوق الاوروبية لصالح منتجات بلدان اخرى، بما فيها منتجات الالمنيوم الواردة من دول الكومنولث واوروبا الشرقية،
وفي نفس الوقت فان دول مجلس التعاون لا تفرض اية قيود او رسوم اضافية على وارداتها من البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، حيث تستحوذ دول المجلس على ما نسبته 5% تقريبا من صادرات البلدان الاوروبية لتحتل المرتبة الثالثة في حجم هذه الصادرات بعد الولايات المتحدة واليابان،
وبالاضافة الى ذلك تشكل دول المجلس مصدرا هاما لحصول الدول الاوروبية على جزء من احتياجاتها من مصادر الطاقة، حيث تشكل عائدات الضرائب على النفط في دول الاتحاد الاوروبي احد اهم بنود تمويل الموازنات السنوية في هذه البلدان، والتي تستورد 20% من احتياجاتها النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي،
ولم تستغل دول المجلس حتى الآن اهميتها التجارية لبلدان المجموعة الاوروبية وتسخير هذه الاهمية لاقامة منطقة للتجارة الحرة بين المجموعتين، فالضغوط الخاصة بتأجيل اقامة هذه المنطقة تأتي من الجانب الاوروبي والذي يسعى الى الحد من الصادرات الخليجية لصالح صادرات بلدان او مجموعات اقتصادية اخرى،
وتؤدي القيود التي تفرضها دول السوق الاوروبية المشتركة على صادرات دول المجلس إلى تفاقم العجز التجاري بين بلدان المجموعتين والذي تضاعف بمقدار مرتين ونصف خلال السنوات العشر الماضية ليصل الى 5، 22 مليار يورو في عام 2000م، مقابل 5، 6 مليارات يورو عام 1990م،
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه صادرات دول المجلس الى البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بنسبة 3، 21% فقط خلال سنوات العقد الماضي، فان قيمة واردات دول المجلس من هذه البلدان تضاعفت تقريبا وارتفعت بنسبة 2، 92%،
واذا ما استمر نمو هذه النسب بنفس معدلات التفاوت التي كانت عليها في السنوات الماضية، فان حجم العجز في الميزان التجاري سيواصل ارتفاعه لصالح المجموعة الاوروبية،
وتعتبر هذه الوضعية نتيجة طبيعية للتأجيل المتواصل للاخذ بالتعرفة الجمركية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشترط بلدان الاتحاد الاوروبي ضرورة ايجاد جدار جمركي موحد بين دول المجلس تمهيداً لابرام اتفاق حول منطقة التجارة الحرة بين المجموعتين،
ونتيجة لعدم الاتفاق على اقامة المنطقة الحرة، فقد ادرجت دول المجموعة الاوروبية شروطاً جديدة في اجتماع المنامة الاخير، وبالاخص تلك المطالب المتعلقة بحقوق الانسان وتحرير تجارة الخدمات، بما فيها الخدمات المصرفية، مما ادى الى فشل المفاوضات وتأجيل اقامة منطقة التجارة الحرة الى اجل غير مسمى،
واذا كانت دول المجلس تتحمل عواقب النتائج الناجمة عن تأجيل التوصل الى تعرفة جمركية موحدة فيما بينها، فان البلدان الاوروبية المنضوية تحت راية الاتحاد الاوروبي تتحمل مسؤولية تعقيد المفاوضات ووضع العراقيل امامها من خلال طرح مطالب غير تجارية وذات طابع سياسي،
ومع التطبيق التدريجي للاتفاقيات الواردة في نطاق منظمة التجارة العالمية، فان الامور ستزداد تعقيدا للجانب الخليجي، مما سيتطلب اتخاذ اجراءات خليجية سريعة بهدف ترتيب البيت الاقتصادي الخليجي والتجاوب بشكل مرن مع المطالب الاوروبية، وبالاخص المطلب المتعلق بايجاد الاتحاد الجمركي والذي اجل حتى عام 2005م،
وسوف تؤدي الاجراءات الخليجية اذا ما تم الاسراع بتطبيقها الى قطع الطريق امام استمرار التمييز الذي تمارسه البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ضد الصادرات الخليجية، والتي يتوقع ان تنمو نتيجة للعديد من المشاريع البتروكيماوية والنفطية المتوقع تنفيذها بدول المجلس في السنوات القادمة،
|
|
|
|
|