* تحقيق - منصور بن عبد العزيز البراك:
تعد عملية التربية والتعليم عملية معقدة يقوم بعضها على بعض تتسلسل في حلقات شديدة التأثر والتأثير وهي عمل بشري يحتاج الى كثير من التأني عند اصدار القرار في بعض المواقف التربوية ومن ذلك بعض المواقف التي تحدث بين الطالب والمعلم والتي قد تنتج عن سوء فهم من قبل احد الطرفين فيتصاعد بينهما الصراع الى سلوك مرفوض من جميع التربويين عندما يعمد احد الطلاب الى التهجم او الاعتداء على معلمه ومربيه بأي اسلوب بالكلام او حتى اكثر من ذلك. حول هذا الموضوع تلتقي الجزيرة مع عدد من الطلاب في المرحلة الثانوية وكذلك التربويين للوقوف على اسباب ذلك.
يقول الطالب محمد بن حسن الشهري في الصف الثالث ثانوي شرعي بثانوية القادسية ان مثل هذا السلوك الشاذ يحدث لأن الطالب قد يكون فاقدا لجزء كبير من التربية الاسلامية في بيئته التي ينضم اليها ويسكن فيها وقد يكون لضعف جانب الصبر لدى الطالب مشيرا الى ان الاساس في ذلك هو التربية الاسلامية واضاف ان المعلم قد يكون له دور في جبر الطالب على الاعتداء عليه عندما لا يثبت شخصيته امام الطالب والعبث بشخصيته كأن تكون هزلية او مبتعدة عن النهج الصحيح وعدم توجيه المعلم للطالب توجيها سليما وتعامل المعلم مع الطالب تعاملا سلبيا مما يورث لدى الطالب الرد على المعلم مشيرا الى ان المعلم قد يكون سليما ولكن الطالب ذو منهج منحرف مما يؤدي الى الاعتداء على المعلم مؤكدا ان هذه النوعية من الطلاب يفتقدون للجانب التربوي الاسلامي وقد يكونون من الافراد المتعاطين لبعض المحرمات من المسكنات وغيرها.
اما الطالب مبارك يسلم بن حويل فيشير الى ان الاعتداء على المعلم غالبا ما يحدث بمزاجية الطالب وتفكيره الخاطىء بالاضافة الى التصرف الخاطىء من المعلم نفسه فبعض المعلمين يكون تصرفه مع الطلاب خاطئاً بحيث يولد نفسية انتقامية لدى الطالب مؤكدا انه ليس للمعلم دائما دور في حصول الاعتداء بل احيانا يريد الطالب اظهار قوته انتقاما من عمل مقصود او حتى غير مقصود مستغلا ضعف المدرس او غيابه مشيرا الى ان هذه التصرفات لا تصدر في الغالب الا من الطالب صاحب الاخلاق السيئة والرفقة السيئة في المدرسة او حتى خارجها وهؤلاء غالبا أصحاب التخلف الدراسي.
أما الطالب أسامة صوفان فيقول ان الاعتداء من قبل الطالب على المعلم يكون عادة لعدة أسباب منها ان المعلم يوقع بعض الطلاب في مواقف محرجة امام زملائه فيجعل الطالب سخرية أمام زملائه فيفكر في الانتقام منه على ذلك الموقف او يكون مكان الحصة غير مناسب كالحصة السابعة مثلا فيكون الطالب مشحونا بما سبقها من الحصص فينتظر من المعلم ادنى زلة ضده فيفكر في الاعتداء عليه مشيرا الى ان هذا التصرف في العادة لا يصدر من طالب يبحث عن التحصيل وانما يكون طالبا لا يريد المدرسة او الدراسة وانما يريد اللعب داخل المدرسة لاجبار والديه له على الدراسة. ومن جهته يرى الطالب محمد باحشوان من الصف الثاني ثانوي ان هذا السلوك قد يكون نتيجة للمعاملة السيئة للطالب او حرمانه من بعض الدرجات او تهديده في المشاركة والامتحانات فيكون بذلك ضغطا معنويا عند الطالب مما يثيره ويلجئه الى بعض طرق الاعتداء سرا او بالكلام او بالنوم في الفصل او عدم حل الواجبات او عدم المشاركة.
أما الطالب عبد الرحمن بن مبارك باحميد فيقول ان بعض الطلاب هداهم الله يقوم بالاعتداء على المعلم وهذا يخالف ديننا الحق من حيث سوء الأدب وعدم الاحترام وعدم وجود المحبة والالفة وعلى الطالب ان يدرك ويتفهم ان هذا المعلم الذي امامه ليس مجرد رجل فهذا المعلم ينهج نهج الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء من حيث التعليم والارشاد لتعلم العلم المفيد مشيرا الى ان هذا الاعتداء له اسباب عديدة تصدر من المعلم وتجعل الطالب يتصرف هذا التصرف البذيء فالمعلم قد يهين الطالب أمام اخوته الطلاب اهانة بالغة من حيث تشبيهه بالحيوان ولعنه وفي بعض الأحيان ضربه ضربا مهينا كضربه وصفعه على وجهه.
من جهته يعيد المرشد الطلابي الأستاذ عبد الرحمن البراهيم مثل هذه السلوكيات الى عدم وجود العقوبة الرادعة لمن يقوم بمثل هذه الأعمال مما قد يزيد من انتشارهم على حد قول القائل «من أمن العقوبة أساء الأدب» وكذلك الظلم الذي يشعر به الطالب أو اهانته أمام زملائه مما قد ينتج عنه أحيانا مثل هذه المشاكل وعدم الاهتمام بنفسية الطالب وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب من قبل بعض المعلمين لكثرة الأعمال الملقاة على عواتقهم مما يبعدهم عن تلمس السمات النفسية والسلوكية للطلاب وأيضا سرعة الانفعال من الطرفين نتيجة للضغوطات الادارية والنظامية التي قد تتسم بعدم الواقعية أحيانا وكذلك استخدام بعض المعلمين يده في عقاب الطالب أمام زملائه ويشير الى ان الأسباب التي أدت الى ظهور هذه المواقف الشاذة كثيرة ولقد كثر الكلام والكتابة عن منع ضرب الطلاب حتى أخذ الموضوع أكبر من حجمه مما جعل الطالب في نفسية غير مستقرة فلا يتحمل من المعلم أي كلمة وأذكر قول الشاعر:
لا تأسفن على الصبيان ان ضربوا
الضرب يبرى ويبقى العلم والأدب
الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم
لولا الإخافة ما خطوا وما كتبوا
أما مدير ثانوية القادسية الأستاذ محمد العثيم فيقول ان أسباب هذه التصرفات تحدث اما بسبب عدم الرغبة في الدراسة فيكون حضوره الى المدرسة الزاما من والديه أو من المجتمع المحيط به والروتين الممل في المدارس وعدم التجديد وكذلك عدم وجود أماكن للترفيه ومزاولة الأنشطة والعصبية من بعض الطلاب والغضب وعدم ادراك منزلة المعلم ومكانته الحقيقية واستفزاز الطالب من بعض المعلمين وعدم المعرفة في الكيفية الصحيحة للتعامل معه ويؤكد ان من أسباب مثل هذه التصرفات الشاذة الضغط النفسي بسبب المرض والمشاكل الأسرية والتذبذب النفسي والعصبية ومشاكل مدرسية أمام الطلاب والمدرسون وكذلك المبنى المدرسي فالمباني المدرسية تسبب للطلاب عدم الاستقرار النفسي بحيث انها في الغالب لا يوجد فيها أي وسيلة من الوسائل التي يمكن للطالب ان يزاول فيها الأعمال التي يرغبها ويتقنها مثل الصالات الرياضية وغرفة النشاط المهيأة وعدم وجود الرادع القوي لدى نظام وزارة المعارف وكثرة أعداد الطلبة في الفصول وكثرة الضغط على المعلم بحيث انه لا يستطيع ان يؤدي رسالته التربوية على أكمل وجه.