| مقـالات
قاسم مشترك يجمع بين كثير من مذيعي البرامج الحوارية في إذاعاتنا وقنواتنا الفضائية العربية عندما يكون موضوع الحديث عن الحرب الدائرة على أرض أفغانستان، وهو حديث الساعة وهمُّ السواد الأعظم من المسلمين، ذلكم هو أن المذيع يستضيف المتحدثين في برنامجه وقد أتى بموقف مسبق تجاه القضية المطروحة، ويحاول أن يجمع المنتدين على رأيه أو يحاصرهم ليكون حديثهم في سياق معين يخدم ذلك الرأي، وهو «إرهاب» إعلامي يمارسه المذيعون، ضحيته الضيوف والجماهير من شأنه أن يزيد التوتر المعرفي الذي يسود الآن في الشارع العربي والإسلامي. ولعل الكثير من المتابعين لمثل هذه البرامج يلحظ أن أسلوب كثير من المذيعين في طرح أسئلتهم على ضيوف البرنامج، هو أسلوب يعمد إلى التحقيق مع ضيف البرنامج، وانتزاع المعلومة قسراً وإجباراً، والاعتراف إكراهاً، حتى وإن استدعى الأمر تقويل الضيف ما لم يقله.
إن هؤلاء المذيعين يناورون ويراوغون من أجل توجيه الحديث وجهة لا تحيد عن المقاصد المحددة مسبقاً وذلك قصر للموضوع وتحجير على القضية.
تحديد محاور رئيسة للموضوع أمر مطلوب في كثير من الأحوال، ولكن عندما لا يوضع التأطير في سياقه الصحيح فإنه يعني تهميش الرأي الآخر، وعندما يستضيف المذيع علماء في الشريعة ومتخصصين في السياسة الشرعية وباحثين في الشؤون الدولية والسياسة الشرعية ويريد منهم أن يتحدثوا عن النقاط التي حددها سلفاً؟ فما الفائدة من وجودهم في البرنامج؟ وهل المقصود هو الانتشار الإعلامي للبرنامج ومقدمه عندما ينزع المذيع إلى تحديد مسار البرنامج ووجهته، ويكون همه انتزاع الاعترافات من قادة الرأي على حساب تبصير الأمة بواقعها؟!
إن كثيراً من المذيعين يتجاهل المداخلات الهاتفية من الشخصيات المعتبرة أو من عامة الناس إذا كانت لا تخدم سياق الطرح الإعلامي الذي حدده المذيع مسبقاً، ويقاطع ضيف البرنامج بشكل متعمد وفي سياقات معينة بحجة إتاحة الفرصة للمداخلات والأسئلة الهاتفية، ذلك وغيره يكرس للغموض الذي يكتنف الرسالة الإعلامية في نظرتها للحرب الدائرة على أرض أفغانستان، وهو انحراف بالرسالة الإعلامية عن وظيفتها الأساس في مثل هذه الأحداث الت
اريخية الكبيرة التي تعيشها الأمة.
* أستاذ الإعلام السياسي المشارك جامعة الإمام
|
|
|
|
|