| العالم اليوم
ليس جديداً أن نسمع بين الحين والآخر محاولات من اسرائيل ومن دول غربية، بل وحتى عربية لإزاحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وفرض قيادة فلسطينية جديدة.. ولكن الجديد أن يأتي هذا التأكيد من مسئول امني فلسطيني مهمته وقاية الزعيم والسلطة والشعب..!! فالذي قاله العقيد محمد دحلان مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة «والذي قدم استقالته التي لم يبت بها بعد».
نقول: الذي قاله العقيد دحلان يستمد أهميته ليس كونه صادراً عن هذا الرجل الأمني الوقائي...!! بل أيضا لأنه صادر عن دحلان بالذات، فالرجل معروف عن جرأته ، وصدقه مع نفسه ومع الآخرين وفي ولائه وحبه المطلق لعرفات، وأيضاً لمعلوماته الدقيقة ، وعلاقاته المتشعبة، وأيضاً لتاريخه النضالي والتنظيمي في حركة فتح، وذلك منذ نشأته في مخيم خان يونس قبل إبعاده من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي في عام 1987 وذلك لدوره القيادي في قيادة تنظيم الشبيبة بعد ابعاد ابوعلي شاهين خارج فلسطين.
حيث التحق بالشهيد خليل الوزير «أبوجهاد» في القطاع الغربي وساهم من خلال هذا الموقع في رفد وديمومة الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الاولى وعند عودته الى قطاع غزة بعد توقيع اتفاق أوسلو اسند إليه الرئيس الفلسطيني قيادة الأمن الوقائي ومعالجة الأوضاع الأمنية، واستطاع أن يجسد هيبة السلطة الفلسطينية في قطاع غزة الذي كان كل جنرالات اسرائيل عاجزين عن تحقيقه رغم كل اجراءاتهم القمعية ووسائلهم الإرهابية.. ولايزال الاسرائيليون يخافون «الغزازوة» ويهابونهم وليس العكس.
والعقيد محمد دحلان الذي طرح اسمه اكثر من مرة كخليفة لياسر عرفات، مرة كمرشح امريكي للقيادة.. ومرة كمسنود من الاسرائيليين، ومرات من دول عربية. تعرض لعدة محاولات اغتيال آخرها استهدافه من حاجز اسرائيلي بعد عودته من اجتماع امني اسرائيلي امريكي مشترك شارك فيه الى جانب القيادات الأمنية الفلسطينية الأخرى.
كما ان الاسرائيليين قتلوا ابن أخيه انتقاماً منه، وإن سلطت الأضواء عليه في اوقات معينة وكثرت حوله الترشيحات فلأنه كان الأكثر قدرة على تنفيذ المهام الأمنية التي يكلفه بها الرئيس الفلسطيني اذ كان الوحيد من القيادات الأمنية التي يصطحبها عرفات معه في رحلاته الرسمية الى قادة الدول، ودحلان كان الوحيد ايضا من قادة الأمن الذي شارك في مفاوضات واي ريفر ثم كمب ديفيد مع الرئيس كلينتون وهو الأكثر مشاركة في لجان المفاوضات من بين القيادة الامنيين الفلسطينيين بل كان يشكل اهمية اكثر من بقية وزراء السلطة الفلسطينية في تلك المفاوضات.
إذن فالعقيد محمد دحلان ليس عقيداً في اجهزة الأمن الفلسطينية، وليس لأنه مدير للأمن الوقائي في قطاع غزة، بل لأنه احد القيادات الفلسطينية الشابة المعروف عنها الالتزام المطلق بتوجيهات عرفات واخلاصه الأعمى للضوابط التنظيمية النضالية، وقدرته على ترجمة كل ذلك عملياً ولهذا فإن أقوله بوجود محاولات اسرائيلية ومن دول أخرى لفرض قيادات فلسطينية على الشعب الفلسطيني.. اقوال يجب ان تؤخذ مأخذ الجد، ويحسب لها الف حساب. وهي مؤشر خطير على ان التآمر على الشعب الفلسطيني قد وصل إلى أقصى درجات الخطورة، ولهذا ولكي تجهض هذه المحاولات في مهدها ويقضى عليها تماماً , يفترض على العقيد محمد دحلان ونحن الذين عرفناه جريئاً وصادقاً أن يكشف عن الدول الأخرى التي تعمل على تنصيب عملاء بدلاً من ياسر عرفات رمز
القضية الفلسطينية.
jaser@aljazirah.com
|
|
|
|
|