| مقالات في المناسبة
نحن أمة تدعو إلى الخير والمحبة، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أمة شعارها الإسلام وتحيتها سلام.
بهذه الكلمات الموجزة والمعبرة بدأ خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حديثه لوفد المائدة المستديرة الأمريكي في 15/5/1405ه، مؤكداً حفظه الله على أن المملكة تحاول ما استطاعت أن تكون على مستوى رسالة هذه الأمة، تلتمس طريقها في الحياة من هدى الكتاب ونور السنة، ولا تضمر شراً لأحد، ولا تحاول التدخل في شؤون الآخرين، تتفانى في توثيق صلاتها بالأشقاء، وتحرص على روابط الأصدقاء، من منطلق التعاون المشترك والاحترام المتبادل، وتعمل جاهدة على كل ما يحقق تضامن المسلمين، ويرسّخ دعائم الوحدة العربية، ولا تتردد لحظة في سبيل الذود عن الوطن وحريته وكرامته، ولا تتهاون في ردع المعتدي.
عقدان كاملان مرّا على هذا العهد المبارك، تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في هذه البلاد الطاهرة، لقد اتسمت السنوات العشرون الماضية الممتدة ما بين 1402ه والعام 1422ه حفظه الله بأحداث وإنجازات، وجدت فيه رجل الدولة الذي أجاد فن إدارة شؤون البلاد، بحكم خبرته الطويلة والعريقة في مختلف مواقع المسؤولية، كما أجاد مهمة متابعة الإنجازات التي تمت في عهده، والإشراف على كل ما يهم الوطن والمواطن، ورفع مستوى الأداء الحكومي، بحيث سارت الإنجازات التنموية بغير توقف، وحققت نتائج إيجابية على كافة الأصعدة، وفي مختلف المجالات، وأصبح من العسير حصر تلك الإنجازات التي شملت كل أرجاء الوطن، لكنها تتحدث عن نفسها بنفسها من خلال المردود الحضاري الذي يلمسه المواطن كل يوم على مدار العشرين عاماً الماضية.
إن المملكة حين تحتفي بهذه المناسبة العزيزة، إنما تحاول إبراز التميز السعودي في وحدة الصف، وتلاحم الشعب، وبسط الأمن والاستقرار، كتجربة رائدة ونموذجية يمكن الاستفادة منها، مع تسليط الضوء على الدور الهام الذي قام به خادم الحرمين الشريفين في نصرة ا لقضايا الإسلامية والعربية، وفي توحيد الكلمة وتحقيق التضامن، وحل الخلافات والنزاعات، والدعم المتواصل لكل ما يخدم قضايا الأمة، ويساعد على استقرارها.
إن المتتبع لهذين العقدين الماضيين يدرك أنه لا يمكنه الإحاطة والشمول بكل ما تم إنجازه في هذا العهد المبارك، وإنما هي وقفات القصد منها إلقاء الضوء على مواقف هذا «القائد» المتميز، وإبراز الدور الذي قدمه لأمته ووطنه، الأمر الذي يجعلنا نقدر الدور ونحترمه، فقد حرص أيده الله على السير بهذه البلاد نحو الأهداف التنموية المرسومة دون أن يطغى إنجاز على آخر، وإنما من خلال التوازن والاهتمام بجميع الجوانب التي تهم الوطن والمواطن، وخلال هذين العقدين سعد الجميع باكتمال عشرين عاماً من الإنجاز فكان ذلك مناسبة لاستعادة عطاءات هذا العهد الذي سابق الزمن، واختصر المسافة الطويلة من أجل نقل هذه البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، بما يمثله ذلك من تطورحضاري، وعطاء تنموي.
ولو استعرضنا هذه الإنجازات التي تحققت في مجال التنظيم لوجدنا أن هناك مجموعة من الأنظمة التي كان لها أكبر الأثر في إرساء قواعد التنظيم العام للدولة، ولعل أبرز ما صدر في ذلك الأنظمة الثلاثة التي صدرت عام 1412ه وهي:
النظام الأساسي للحكم.
نظام مجلس الشورى.
نظام المناطق.
والتي صيغت كما أشار خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة في 27/8/1422ه على هدي من الشريعة الإسلامية، معبرة عن تقاليدنا الأصلية، وأعرافنا القويمة، وعاداتنا الحسنة.
وهناك مجموعة من الأنظمة التطويرية التي صدرت قبل وبعد الأنظمة الثلاثة، جميعها تصب في مصلحة الوطن، ولعل من أبرز ما صدر في هذا المجال هو نظام هيئة التحقيق والإدعاء العام الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم (م/56) وتاريخ 24/10/1409ه، والذي شكل نقلة نوعية ومتقدمة في تنظيم وضبط الإجراءات الجنائية، بعد ما أصبح التحقيق والإدعاء على درجة كبيرة من التشعب والتعقيد، وأدى ذلك إلى إطالة البت فيها، فجاء صدور هذا النظام، وفي ضوء هذه المتغيرات بمثابة الإنطلاق نحو الاتجاه التطويري في كافة المجالات، وأنشئت الهيئة «كسلطة مختصة» بالتحقيق والإدعاء، باعتبار ذلك تقليداً سارت عليه البلاد، وحققت في ضوئه نتائج إيجابية يمكن زيادة فاعليتها برفع المستوى العلمي للقائمين بالتحقيق والإدعاء، وتنظيم الإجراءات الخاصة بذلك.
ولم تتوقف الجهود على إصدار هذا النظام فقط، وإنما حرص حفظه الله على أن تتوالى جوانب التطوير، والرقي إلى الأفضل، فتوّج ذلك بصدور مجموعة من الأنظمة المتعلقة بالقواعد الإجرائية، فصدر نظام المرافعات الشرعية، ثم نظام الإجراءات الجزائية، ونظام المحاماة، وجميعها تصب في قالب واحد، هو خدمة الجانب الإجرائي بما يحفظ حقوق الإنسان، ويصون كرامته، ويحقق العدالة لهذا المجتمع، على أساس متين وراسخ من مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، والقيّم العربية الأصلية.
عشرون عاما وخادم الحرمين الشريفين يواصل دوره الريادي في خدمة الإسلام وخدمة الأمة، فسخّر كل إمكانات وقدرات المملكة لنصرة القضايا الإسلامية العربية، وجعل المملكة تتحمل معظم الأعباء المادية لمواجهة المشكلات التي تتعرض لها الأمة، وبنفس الوقت حافظ على مسيرة هذا البناء العملاق لهذه الدولة التي سابقت الزمن، واستفادت من كل معطيات الحضارة الحديثة، حيث أصبحت في قلب الحدث، وفق منهج قائم على العدل والشورى، وبرسالة إنسانية تجاوزت أبعادها حدود الدولة نفسها إلى العالم العربي والإسلامي والمجتمع الإنساني كله.
إن الاحتفاء بهذه المناسبة له أهمية خاصة، وهي بلا شك مناسبة عزيزة وغالية على الجميع.
|
|
|
|
|