| مقالات في المناسبة
لا يسعني في هذه المناسبة المباركة إلا أن أبدأ مقالي هذا بتساؤل مع النفس «كيف يمكن لي أن أوجز عشرين عاماً من العطاء الغامر والمنجزات الباهرة لمولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، في مقال عابر أو زاوية محدودة؟ وكيف لي أن أحيط بجوانب شخصية قيادية فذة في أسطر قليلة، فذلك يحتاج إلى صفحات ممتدة ومساحات غير محدودة» وكيف لا.. فالعطاء الوافر قد اتسع ليشمل آفاقاً رحبةً من خدمة الإسلام والمسلمين إلى دنيا السياسة والاقتصاد والتعليم وغير ذلك من مجالات البناء والتقدم.. ولكنني أحاول قدر طاقتي.. فالكتابة عن شخصية القائد ومنجزاته حفظه الله شرف كبير ووسام على صدر كل مواطن في بلادنا الحبيبة.
على النهج القويم الذي رسمه الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وبعد إرساء القواعد الصلبة لأمة مجيدة تقوم على ثوابت من العقيدة الإسلامية الغراء وتأخذ بأسباب التقدم وتنهل من العلم الحديث، بدأ الأبناء الكرام يستكملون المسيرة حتى جاء هذا العهد الزاهر تتويجاً لمراحل البناء الكبير.
ففي خدمة الإسلام والمسلمين، سجلٌ حافل بالعطاء المتواصل، يأتي في مقدمته توسعة غير مسبوقة للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعمل متواصل لنصرة قضايا المسلمين في كل مكان ورعاية الأقليات الإسلامية في العالم وبناء المساجد في كل مكان وتأسيس أقسام للدراسات الإسلامية في معظم الجامعات العالمية.
وفي خضم السياسة العالمية وتقلباتها، تقف بلادنا راسخة المبادئ واضحة الرؤى، عالية المكانة، نصيرةً للمستضعفين، ومساندةً للحق، جديرة بالاحترام والتقدير.
وفي مجال التعليم، وضع مولاي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله كأول وزير للمعارف أسس الانطلاق لبناء الإنسان السعودي وإعداده للإشراف على تحقيق المنجزات في ربوع بلادنا واستيعاب التقنية الحديثة، فانتشرت الجامعات والمدارس ومعاهد العلم تُخرج أبناء الوطن المتخصصين في جميع المجالات.. واليوم نرى بكل فخر أعلاماً من بلادنا يحققون السبق في ميادين الطب والهندسة والعلوم والاقتصاد ويحاضرون في كثير من الجامعات العالمية والمؤتمرات المتخصصة ممثلين لبلدهم ومقدمين للعالم نماذج فذة وصورا رائعة لتفوق المواطن السعودي في جميع المجالات.
وفي دنيا الاتصالات، واكبت بلادنا كل جديد وارتبطت أجزاؤها المترامية باديةً وحاضرةَ، مدناً كبيرةً وقرى متناثرة، بنظم الاتصالات الحديثة وأصبح المواطن يتابع ما يجري في عالم تحول بسرعة إلى قرية كونية صغيرة.
وفي عالم الاقتصاد، تبنت حكومتنا الرشيدة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله سياسة حكيمة تقوم على مبادئ الاقتصاد الحر وشجعت المبادرات الفردية ورسخت عناصر الجودة في المنتج السعودي ثم بلورت هذا التوجه الحكيم باعتماد الخصخصة خياراً استراتيجياً للحاضر والمستقبل.
أما في عالم الطيران، فقد تم إنشاء المطارات الحديثة في مختلف أرجاء المملكة وفي مقدمتها مطارات دولية تضارع المطارات في أي مكان من العالم.. ولأن الخطوط الجوية العربية السعودية التي تأسست بحكمة القائد المؤسس طيب الله ثراه، كانت دائماً وسيلة الربط والالتقاء بين ربوع بلادنا المترامية الأطراف، فقد حظيت بالدعم الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين عبر سنوات طويلة من مسيرتها، ليبلغ هذا الدعم الكريم قمته بأسطول جديد هو الأحدث في صناعة النقل الجوي، وبإمكانات هائلة للانطلاق وبكوادر وطنية فائقة الاعداد والتدريب وبانجازات غير مسبوقة في نقل الركاب والشحنات بين مختلف مناطق المملكة وإلى جميع أنحاء العالم، بينما يتواصل النمو في مستويات أدائها وشبكة رحلاتها وحصتها التسويقية حتى تبوأت عن جدارة مكانتها بين أكبر شركات الطيران في العالم.
وإدراكاً من الخطوط السعودية لطبيعة الصناعة وتحولها السريع، لم تركن يوماً إلى نجاح تحقق، وإنما واصلت تقديم الجديد من الخدمات المبتكرة التي لا يمكن حصرها في هذا السياق.. ومع امتداد آفاق التطور بلا نهاية، فإن الخطوط السعودية في ظل هذا الدعم الكريم قد تهيأت لتكون دائمة السبق، متميزة الخدمة، جديرة بمكانتها العالمية وباعتزاز المواطن السعودي بها كمؤسسة وطنية تعكس بتطورها المستمر مسيرة الخير والنماء في بلادنا الغالية.
وختاماً.. فإن ما سبق لا يعدو أن يكون محاولة عابرة لتناول جوانب موجزة من عطاء قائد المسيرة المباركة مولاي خادم الحرمين الشريفين.. أما العطاء ذاته والمسيرة بكل جوانبها فذاك ما يعجز عنه القلم مهما أوتي من بلاغة، ويفوق حدود اللغة مهما تزودت من جميل البيان.
* مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية
|
|
|
|
|