أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 10th November,2001 العدد:10635الطبعةالاولـي السبت 25 ,شعبان 1422

مقالات في المناسبة

سنوات التحدي والانتصار
بقلم: محمد بن إبراهيم الماضي
في حياة الأمم والشعوب أيام عز ومواقف مجد وفخار تصنعها وتصيغها قيادات تاريخية مؤثرة.. غيّرت وتغيّر و جه التاريخ بحيث تحقق الرخاء والأمان لشعوبها بما حباها الله من مواهب خارقة وحكمة بالغة.
ومن هنا من المملكة العربية السعودية.. أرض الحرمين الشريفين ومهبط الرسالة المحمدية الخالدة سوف يذكر التاريخ طويلاً خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز باعتباره أحد أبرز قادة القرن العشرين العظام الذين خدموا أمتهم وشعوبهم ومجتمعهم الانساني بشكل كبير، فقد أعطى صاحب القلب الكبير ولا يزال يعطي من وقته وجهده وصحته بحيث يصعب على غيره ان يجاريه في حجم العطاء وتنوعه.
ويكفيه اليوم فخراً ان العالم بأسره يتحدث باعجاب منقطع النظير عن حجم الانجازات الخيرة التي تمت في عهده الميمون «حفظه الله ورعاه».
ولأن الأيام والتواريخ تظل شاهداً حياً على المسيرة الانسانية فإن العام 1402ه عام بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد للحكم في بلادنا سيظل يمثل علامة مضيئة ومشرقة في تاريخنا الوطني الحديث الذي اكتسى بطابع الأمن والرخاء والتقدم فمنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم والمملكة تحقق الانجازات تلو الانجازات واستطاعت أن تتجاوز الكثير من الأحداث الخطيرة التي شهدتها المنطقة دون أن تتأثر خططها التنموية الطموحة أو تنعكس على أمن المملكة أو استقرارها.
فعلى المستوى الداخلي لم يعرف التاريخ قائداً أعطى وطنه وشعبه مثل ما أعطى الملك فهد وبحجم ما بذل وباتساع وشمولية الانجازات العظيمة التي حققها لوطنه.
فقد شملت إصلاحات الملك فهد مختلف مظاهر الحياة في المملكة ففي لحظات تاريخية مهيبة لا تنسى واصل الملك فهد اصلاحاته السياسية بتطوير وتحديث أنظمة الحكم المختلفة في المملكة بحيث صدرت عدة أنظمة عام 1412ه أهمها:
النظام الأساسي للحكم.
نظام المناطق الجديد.
نظام مجلس الشورى.
وفي عام 1414ه صدر نظام مجلس الوزراء الجديد بهدف تحديث وتحسين آليات العمل بما يحقق مصلحة الجميع وذلك انسجاماً مع معطيات الشريعة الإسلامية السمحة.
ولأن المملكة العربية السعودية هي منبع النور وقد كرمها الله ببيته المحرم وببعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد استشعر الملك فهد رسالة المسجد وغاياته العظيمة واتضح ذلك في حبه لعمارة بيوت الله بحيث تجاوز عدد المساجد في داخل المملكة فقط ال«000.60» مسجد.
وفي عهده المبارك شهد الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة أكبر توسعة في تاريخها بحيث بلغت مساحة التوسعة 208 آلاف متر مربع للمسجد الحرام، أما المسجد النبوي فتبلغ مساحة التوسعة 500.98 متر مربع وصرف عليها أكثر من 000.70 مليون ريال سعودي. كل ذلك لتسهيل أمور الحج والعمرة للمسلمين في كل مكان من هذا العالم الواسع.
وضمن هذا السياق يعتبر مشروع طباعة القرآن الكريم بمجمع الملك فهد بالمدينة المنورة من أهم المشاريع التي أولاها خادم الحرمين الشريفين عنايته واهتمامه حيث يقوم هذا المجمع بطباعة ما يتجاوز المائة مليون نسخة من المصحف الشريف بأرقى طباعة.
ولأن التعليم هو الذي يغيّر الانسان إلى الافضل والأحسن أدرك الملك فهد مبكراً أهمية التعليم في احداث النقلة الحضارية في المجتمع السعودي.
لذلك يعد الملك فهد هو صانع البدايات الفعلية للنهضة التعليمية منذ أن تسلم قيادة وزارة المعارف 1373ه كأول وزير لها وهو ما نجني ثماره الآن بحمد الله وفضله، فقد قفز عدد الطلاب والطالبات في مختلف مراحل التعليم العام في المملكة من 856.452.1 طالباً وطالبة عام 1399ه إلى 415.840.2 طالب وطالبة عام 1409ه كما ارتفع عدد المعلمين والمعلمات من 309.78 إلى 184345 معلماً ومعلمة. وبلغ عدد المدارس أكثر من 20 ألف مدرسة كما أن عدد الطلبة الجامعيين بلغ 180 ألف طالب وطالبة.
وفي عهد الملك فهد أصبحت المملكة تمتلك وتتولى كامل مراحل صناعة النفط في البلاد ابتداء من أعمال التنقيب عن البترول إلى مراحل الانتاج إلى تكرير وتصنيع المشتقات البترولية وانتهاء بتوزيع وتسويق المنتوجات في الأسواق العالمية وفي هذه الفترة نجحت المملكة في اكتشاف المزيد من البترول بعد الاكتشافات الجديدة في الحوطة والدلم التي قامت بها شركة أرامكو السعودية.
واعتماداً على توفر البترول بكميات ضخمة في المملكة فقد برزت كمنتج للبتروكيماويات وأصبحت منتوجاتها تغزو أسواق العالم وفي هذا الاتجاه فقد تم انشاء مدينتين صناعيتين بالجبيل وينبع تضاهيان المدن الصناعية في العالم إلى جانب المدن الصناعية القائمة.
وخلال العشرين سنة الماضية من حكم الملك فهد ارتفع عدد المصانع من 200 مصنع إلى 2500 مصنع وقفز استهلاك الطاقة الكهربائية من 300 ميجاوات إلى 18 ألف ميجاوات وارتفعت مسافات الطرق من 8 آلاف كيلومتر إلى ما يزيد على 40 ألف كيلومتر.
كما برزت المملكة كمنتج للقمح واحتلت المرتبة السادسة بين دول العالم المنتجة والمصدرة له، كما حققت المملكة الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان ومشتقاتها وبيض المائدة والدجاج اللاحم.
كما احتلت المملكة المرتبة الأولى بين دول العالم في انتاج التمور حيث وصل انتاجها إلى أكثر من 500 ألف طن سنوياً.
كما احتلت المملكة المركز الأول بين دول العالم في مجال تحلية مياه البحر ووصل انتاجها إلى أكثر من 500 مليون جالون من المياه العذبة يومياً من 27 محطة للتحلية.
وبلغ عدد السدود الموجودة في المملكة 200 سد تبلغ طاقتها التخزينية أكثر من 500 مليون متر مكعب.
ولقد ارتفع نصيب القطاع الخاص في اجمالي الاستثمارات الثابتة في المملكة إلى 5.46% مقارنة بالقطاع الحكومي الذي بلغ نصيبه 5.40 عام 1407ه.
كما ارتفع عدد الشركات والمؤسسات الأهلية في المملكة عام 1407ه إلى 6594 شركة ومؤسسة.
وفي هذه الحقبة المباركة من عهد الفهد وصلت المملكة إلى مستويات متقدمة في مجال الخدمات الصحية وأصبحت أعقد العمليات الجراحية تتم في مستشفياتها وبواسطة أطباء سعوديين مهرة.
كما ان المملكة استطاعت أن تحقق تقدماً هائلاً في مجال الاتصالات.
وبلغ عدد المطارات العاملة في المملكة أكثر من 24 مطاراً منها ثلاثة مطارات دولية في الرياض وجدة والدمام.
والحديث عن الانجازات التي تحققت للمملكة في عهد الفهد حديث طويل ولا يستطيع المراقب المنصف أن يحيط بها لكثرتها وتنوعها وما ذكرناه سابقاً لا يعدو أن يكون غيضاً من فيض من الخير الكثير الذي عم أرجاء المملكة العربية السعودية في عهد الفهد الغالي «حفظه الله ورعاه».
وعلى المستوى الخارجي كان الملك فهد ولا يزال وسيط خير ومحبة وسلام بين الدول العربية حيث وقف إلى جانب كل الشعوب العربية في الدفاع عن قضاياها، فتاريخ القضية الفلسطينية مثلاً يحفظ للملك فهد عملاً متصلاً للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحرصاً منه على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة من غير تفريط في الحقوق العربية المشروعة طرح مبادرته الشهيرة لحل قضية الشرق الأوسط وهي المبادرة التي حملت اسم «مشروع فهد للسلام» والتي تحولت إلى قراءات تبناها مؤتمر القمة العربية الثاني عشر الذي عقد في فاس عام 1982م، ثم تبناها مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد في الدار البيضاء ثم كانت أساساً لمؤتمر السلام في مدريد عام 91م واستمرت المملكة وما تزال تدعم الجهود الدولية لاحلال السلام في المنطقة واستعادة الشعب الفلسطيني أرضه المحتلة واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
أما جهود الملك فهد لحل القضية اللبنانية التي تفاقمت أحداثها منذ العام 1975م فقد أثمرت من خلال احتضان المملكة للبرلمانين اللبنانيين في مؤتمر الوفاق الذي عقد في الطائف عام 1989م والذي أعاد الهدوء إلى لبنان وعمل على المصالحة بين اللبنانيين.
وعلى المستوى الخليجي استطاع الملك فهد مع أشقائه قادة دول الخليج تقديم نموذج لما يجب أن يكون عليه مستوى التعاون بين الأشقاء من خلال دعم واستمرارية مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد أثبت هذا المجلس فعاليته في مواجهة الأحداث التي مرت بمنطقة الخليج ولاسيما الغزو العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس لعام 1990م.
وسيسجل التاريخ للملك فهد وقفته المشهودة التي أعادت للكويت حريتها وسيادتها وذلك بعودة الحق لأهله والأمور إلى طبيعتها.
وخلال هذه الفترة استطاع الملك فهد أن يقضي على كثير من بؤر الخلاف والتوتر بين الأشقاء في الخليج حيث عمل على انتهاء وتسوية مشاكل الحدود القائمة بين المملكة وأشقائها في الخليج بشكل ودي أصبح مضرب المثل.
كما حرص «حفظه الله» على اجراء المصالحة وتهدئة الأوضاع بين بعض الدول الخليجية بما يحفظ عليها وحدتها واستقرارها وفي اطار اهتمام المملكة بالعمل الإسلامي المشترك فقد حرص الملك فهد على تعزيز الدعوة الى التضامن الإسلامي التي تعد من أهم ركائز السياسة السعودية وتبلور ذلك في مؤتمرات القمة الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي وعدد كبير من المؤسسات الإسلامية التي في طليعة أهدافها جمع كلمة المسلمين.
وضمن هذا السياق احتضنت المملكة مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عام 1981م والذي عقد بجوار بيت الله الحرام في مكة المكرمة ومن جانب آخر لا تخفى جهود الملك فهد ومساعيه الدائبة من أجل رفع شأن الإسلام وتعزيز التعاون بين الشعوب الإسلامية وتقوية الروابط فيما بينها.
ومما يجدر ذكره في هذا الصدد مساعيه الخيرة للمصالحة بين القادة الأفغان ومواقفه النبيلة تجاه المسلمين في البوسنة والهرسك وكذلك ما حدث لمسلمي كوسوفو وما قام به من جهود خيرة لمساعدتهم والوقوف إلى جانبهم وكذلك جهوده «حفظه الله» للمصالحة بين الصوماليين لانهاء الحرب الأهلية وتقديم العون والمساعدة للشعب الصومالي.
وعلى المستوى الدولي عمل الملك فهد على تفعيل دور المملكة العربية في المجموعة الدولية سواء من خلال الأمم المتحدة أو المؤسسات الدولية المنبثقة عنها وللمملكة اسهامات عالمية بارزة تتناسب مع رسالتها في المجموعة الدولية سياسياً واقتصادياً وفي كل مجال.
وكان للملك فهد مواقفه المشهودة في التغلب على الأزمات السياسية والاقتصادية وكانت وقفته من قضية أسعار البترول وحجم الانتاج في دول أوبيك موضع تقدير العالم كله فلقد كان دوره الحيوي في علاج هذه القضية عاملاً مساعداً على الاستقرار العالمي آخذاً مسألة السلام ومصالح الدول الأخرى بعين الاعتبار حتى أن كثيراً من رجال السياسة في العالم أطلقوا عليه لقب «رجل السلام» لعقد كامل من السنين نظراً لحرصه على معالجة القضايا المتفجرة بكل حكمة وروية، كما استحق لقب «رجل العام» عدة سنوات من خلال استطلاعات الرأي العام التي قامت باجرائها بعض الصحف والمجلات والمؤسسات العلمية والإعلامية في عدد من دول العالم.
عشرون عاماً مضت من عمر الزمن واجه الملك فهد فيها مجموعة من التحديات الخطيرة التي مرت بها المنطقة سواء من الحروب المدمرة أو من الأوضاع الاقتصادية الحرجة والتي صاحبها هبوط حاد في أسعار البترول هدد بشكل جدي مستقبل الدول التي تعتمد في دخلها على البترول.
ولأن حجم التحدي كان كبيراً فقد استتبع ذلك أن تأتي الاستجابة له بشكل مواز له أو فاقه بحيث استطاع الملك فهد كما نعرفه أن يتجاوز هذه الأخطار والتحديات المحدقة بمجتمعه وأمته وأن يتغلب عليها في النهاية بأسلوبه الحكيم وتجاربه العظيمة.. وحقاً فالعظماء هم الذين يصنعون التاريخ.. والفهد واحد من أبرز العظماء والذي يكفيه فخراً ومجداً أنه أضاف إلى خارطة العالم دولة مهيبة ذات اعتبار في صناعة القرار الدولي، دولة أعادت للإسلام مجده وللمسلم شخصيته واحترامه.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved