| متابعة
* نيويورك واس:
أكدت المملكة العربية السعودية ان الكارثة التي حلت بالولايات المتحدة يوم الحادي عشر من سبتمبر روعت المجتمع الدولي وأدانتها كل الشعوب والحكومات المحبة للسلام وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية التي اكتوت بنار الإرهاب وعانت من التطرف والعنف.
وأعربت المملكة عن أسفها من أن هناك قوى كامنة في الغرب تتربص بالإسلام وبالعروبة الدوائر وترى في المسلمين والعرب الخصم الحقيقي لروح العصر وتربط بينهم وبين الإرهاب وهم منه براء.
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الامم المتحدة السفير فوزي عبدالمجيد شبكشي أمس الاول أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها السادسة والخمسين حول البند 25 المعنون «الحوار بين الحضارات».
وقال شبكشي انه في الوقت الذي أملت فيه الانسانية أن تكون نهاية القرن العشرين مناسبة ملائمة أمام العالم كي يسترجع أحداث القرن الماضي ويقيِّم ماحدث فيه من انتصارات هائلة وانجازات مبهرة وأن يعتبر مما وقع فيه من كوارث مميتة ومآس دامية فان البشرية تطلعت إلى أن يكون القرن الحالي قرن تسامح وتعاون وتكاتف وتعاضد يقوى البناء الانساني ويشيع الامن والسلام ويعمم الخير والرفاهية للجميع.
وأضاف: الكارثة التي حلت بالولايات المتحدة روعت المجتمع الدولي وأدانتها كل الشعوب والحكومات المحبة للسلام.. وأدينت من كل الحكومات المسؤولة وعلى رأسها الدول العربية والإسلامية التي اكتوت بنار الإرهاب وعانت من التطرف والعنف.
وقال انه من المؤسف أن هناك قوى كامنة في الغرب تتربص بالإسلام وبالعروبة الدوائر وترى في المسلمين والعرب الخصم الحقيقي لروح العصر وتربط بينهم وبين الإرهاب وقد استبدلوا ما يسمى الخطر الاخضر أي الإسلام على زعمهم بالخطر الاحمر وزعم البعض من هذه القوى المغرضة أن الكارثة التي حلت بنيويورك وواشنطن توفر القناعة بان افتراضات عولمة قيم التوافق والانسجام والمزايا النسبية لاتنطبق على العالمين العربي والإسلامي المدفوعين بالكراهية للقيم الغربية بحيث أن أفراداً منهم مستعدون لمواجهة الموت وانزال المعاناة الهائلة بالابرياء والتهديد بتدمير المجتمعات الغربية.
وأضاف: إن المغرضين يتغافلون عن حقيقة أن الإرهاب ظاهرة دولية غير مقصورة على شعب أو عرق أو دين وأن الإرهاب وجد في كل حضارة وبين جميع الامم وعلى مر الزمان.
وتابع: إن المغرضين يتناسون أيضا أن المنطقة التي يصفونها بالكراهية هي التي قدمت للعالم أسمى الرسالات السماوية وعلمت العالم المحبة والتسامح وكان لشعوبها المساهمة الكبرى في الحضارة الانسانية.
ومضى يقول: ان الإرهاب لا يمكن أن يكون ظاهرة إسلامية ولا عربية كما يدعى البعض ليبرروا أهدافهم السياسية فالغرب الليبرالي والاشتراكي والشرق بمختلف شعوبه ودوله مليء بحركات التطرف والارهاب وكل ثقافة معرَّضة لمن يبتسرها ويفهمها فهما جانحا عن التاريخ ومختلفا عن الواقع وبعيدا عن الحقيقة
وقال مندوب المملكة الدائم لدى الامم المتحدة: إن الاحداث الارهابيةالاخيرة وما رافقتها وأعقبها من افرازات انعكست سلبا على التواصل الانسانى واعادت إلى الاذهان مقولة الصراع بين الحضارات تؤكد الحاجة الى استمرار الحوار بين الحضارات وضرورة التفاعل بين الثقافات لتجسيد المسافات المتباعدة بين المفاهيم وردم الهوّة بين القيم والتي يسعى المغرضون إلى تعميقها.
وأضاف: إن الذين ينظرون بفكرة الصراع بين الحضارات ويرددون ان التاريخ هو صنيعة العنف ينطلقون من ان الصراع هو أساس العلاقات بين الافراد وبين الشعوب والنظم وان العنف يعكس الطبيعة الغريزية للبشر ويجسد حالة التفاعل والتدافع والتنافس بين المجتمعات الانسانية ولكن الحقيقة تؤكد ان هذا الصراع هو صراع على المصالح والمنافع والغايات وان العنف الممزوج بالكراهية والمقترن بالقوة هو نتيجة فرض المنافع الاقتصادية والغايات السياسية من طرف أحادي مستقو وتجبر في ظل غياب العدالة والانصاف وازدواج المعايير في العلاقات الدولية وان التطرف الذي يدفع صاحبه إلى العنف انما هو نتيجة الخلل الذي يحكم العلاقات الانسانية والدولية على مستوى القيم الانسانية الكبرى والحقوق الطبيعية للبشر فالتطرف والعنف والارهاب هو نتيجة للظلم الفادح بسبب غياب الحرية والعدالة ويتعين على المجتمع الدولي ممثلا بحكوماته ومؤسساته ومنظماته الاقليمية والدولية وعلى رأسها منظمة الامم المتحدة العمل معا من اجل تتبع جذور الإرهاب ومعرفة اسبابه والسعي المتواصل لايجاد الحلول العادلةللصراعات المختلفة.
وأوضح السفير شبكشي ان اقتلاع الإرهاب من جذوره وتجفيف ينابيعه وتصفية مراكزه يقتضي عملا سياسيا ودوليا يقوم على أسس من العدالة والتكافؤ والمساواة بين البشر حيث ان الاحساس بازدواج المعايير والكيل بمكيالين هما من أهم أسباب العنف العشوائي والمنظم تحت مظلة الإرهاب والعدل وحده هو الذي ينشر الطمأنينة ويجعل الجميع يدركون انهم أمام نظام دولي يحترم كل اطرافه ولايميز بين شعوبه مشيرا إلى ان الحضارات هي الوعاء الذي يحتوي على تفاعل الثقافات وتمازج المعرفة الانسانية منذ ان خلق الله الارض وسكنها الانسان والى ان يرث الله الارض وما عليها.
وتابع يقول: إن الحوار بين عقلاء الانسانية وحكماء البشرية أصبح أمرا ضروريا لتجنب الانزلاق إلى الهاوية فلقد أظهرت احداث 11 سبتمبر ان هناك حساسيات تاريخية لاتزال قابعة في وجدان امم الشرق وشعوب الغرب وفوجئنا بان كثيرا من الثغرات قد طفت على السطح وان رواسب الماضى وما رافقها من احقاد وضغائن اخذت تعبر عن وجودها وبدأنا نقرأ ونسمع عن عمليات تصنيف حمقاء للديانات والحضارات والثقافات وإذا كنا لانستطيع تغيير الماضى فان علينا العمل معا من أجل المستقبل مؤكدا ضرورة السعي لايجاد رؤية حضارية واعية تركز على الجوانب الايجابية في العلاقات الدولية وفي مساهمات الامم المتحدة في بناء الحضار والاعداد للمستقبل كما ان العالم قد تغير فلم تعد الدول تعبر خالصا عن ثقافة معينة او دين بذاته فالاختلاط بين البشر لا يعرف الفوارق الدينية ووحدة الجنس البشري تتجاوز بكثير التقسيمات العرقية.
وأكد السفير فوزي شبكشي: ان المملكة العربية السعودية تدعو إلى ادامة الحوار بين الحضارات وفتح قنوات الاتصال الحضارى والفهم الثقافى والتعاون العالمى انطلاقا من قول الله عز وجل (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم).
وقال: ان أسوار العزلة ووضع تصور مسبق عن الآخر واللهجة العنصرية والسخرية من قيم الآخرين والتعرض للاديان والمذاهب والمعتقدات والنظرة الفوقية والانانية المقيتة ليس من التصرف الذي جاء به القرآن الكريم فالأصل في الخلقة هو التعرف والتعامل والتعاون بين البشر بما يحقق المصلحة المشتركة وهذا يقتضي الاعتراف بحقوق الآخرين واحترام معتقداتهم وقيمهم.
وأضاف: إن المملكة العربية السعودية ايمانا منها بأهمية الحوار بين الحضارات والثقافات عملت على اقامة اول حوار بين المسلمين والفاتيكان قبل أكثر من 25 عاما وأقامت العديد من المراكز الثقافية والمعاهد في العالم لتكون جسرا بين الثقافة الإسلامية وغيرها من ثقافات العالم بهدف تعميق التفاهم وايجاد قاعدة مشتركة من القيم والاهداف لدعم الفكر الانساني الداعي إلى السلم والتعاون.
ومضى شبكشي موضحا موقف المملكة يقول: إن الحوار الذي تدعو المملكة العربية السعودية إلى ادامته هو ذلك المبني على الاحترام المتبادل بين المنتسبين للثقافات المختلفة والذي لا تطغى علية النزعة التاريخية حتى لا يبقى الحوار محصورا في معالجة قضايا لا تمت إلى روح العصر بصلة، وتدعو المملكة إلى حوار منبت للفكر ومفعل للعقل يهتم بالمواضيع التي تشغل الانسانية وتؤرق ضميرها ويبحث عن حلول وتسويات مستلهمة من روح الحضارات ومرتكزة على العدل والانصاف ومستندة على القيم والمثل والمبادىء، كما تدعو المملكة العربية السعودية إلى حوار يسهم في التقارب بين الشعوب ويزيل الحواجز المتراكمة من سوء الفهم والشكوك المتبادلة ومن الافكار المسبقة على أسس غير صحيحة، وندعو إلى حوار عاقل متفهم لترشيد العولمة ومواجهة غلوها كي لاتتحول آليات التفاعل بين الثقافات والحضارات من عمليات للمعرفة المتبادلة إلى احلال ثقافة واحدة على اطلال الثقافات الأخرى وإلى فرض قيم معينة على الشعوب دون اعتبار لمعتقداتها وتراثها الثقافي والحضاري.
وانتهى مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الامم المتحدة في كلمته أمام «حوار الحضارات» إلى التقرير اننا نعيش في عالم علاقاته متشابكة ومصالحه مترابطة ومنافعه متداخلة مما يوجب على البشرية التعاون الخلاق وصياغة توجهات ووضع خطط عالمية لمواجهة الاخطار التي تهددنا جميعا وليس بمقدور اى امة ان تعزل نفسها عن مشاكل العالم وان تنأى بنفسها عن اخطاره.. مؤكدا انه لابد من العمل معا على تحقيق عالم خال من الحروب والصراعات والتطرف والارهاب وخال من الجهل والفقر والمرض. عالم تسوده العدالة والمساواة والتعاون من أجل حياة أفضل ومستقبل أكثر إنسانية ورفاهية واستقراراً للاجيال القادمة.
|
|
|
|
|