| الاقتصادية
المتابع لأسعار النفط يلاحظ أنها غير ثابتة ومتغيرة وعلى مدى سنوات، فهناك عوامل كثيرة مؤثرة بسعر النفط فمن الإنتاج الفائض بالسوق البترولي والذي يفوق الطلب وهو غالباً من المنتجين خارج المنظمة غير الملزمين أو داخل المنظمة «المتجاوزين حصصهم» كذلك الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها العالم الآن ومنها الركود الاقتصادي المزمن في الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر اقتصاد عالمي وأكبر سوق استهلاكية وبالتالي أثره على بقية الدول، وظروف الأزمة الحالية والحرب على الإرهاب وأثرها النفسي وبالتالي الإنفاق الاستهلاكي، والاكتشافات الجديدة حيث زادت الاحتياطات العالمية إلى 196. 1 تريليون برميل في نهاية التسعينيات مقارنة بنحو 190 .1 تريليون سنة 1991م.
ومنظمة الأوبك تواصل اجتماعاتها الدورية والطارئة في سبيل المحافظة على سعر مستهدف للمنظمة وهو ما بين 22 إلى 28 دولاراً أمريكياً للبرميل فإن قل عن 22 دولاراً بدأت سياسة الخفض وإن زاد عن 28 دولاراً بدأت سياسة زيادة الإنتاج ووفق ضوابط معينة داخل المنظمة، وكل ذلك في سبيل إيجاد سعر مرضٍ ومقنع للمنتجين والمستهلكين وهي معادلة صعبة حقيقة وتذبذب السعر من بعد أحداث 11 سبتمبر المنخفض ملموس وواضح، وحصل عكس ما كان متوقعاً بأن نشوب الحرب ضد الإرهاب سوف يرفع السعر وهذا ما لم يحصل لاعتبارات بسيطة بنظري وهو الركود الاقتصادي العالمي قبل الأزمة وخاصة في الولايات المتحدة وأن الحرب لا تقع ضمن نطاق الدول الرئيسية المنتجة للنفط كدول الخليج التي تستحوذ على ما يصل ل60% من الاحتياطي النفطي العالمي ويتوقع أن تصل حصة الأوبك في عام 2010م إلى 84% من الإنتاج العالمي وهذا ناتج عن عجز الدول خارج الأوبك عن الاستمرار بالإنتاج لتلبية حاجة الطلب العالمي المتزايدة.
كل هذا يوضح أهمية الأوبك الآن والمتزايدة مستقبلا وخاصة المملكة التي تعتبر أكبر منتج في المنظمة والعالم وأكبر دولة تملك احتياطياً نفطياً قابلاً للزيادة، وأن دول المنظمة وخاصة العربية منها تعتمد اعتماداً شبه كلي على عائداتها النفطية في تمويل موازناتها وأسعار البترول أصبحت هي مؤشر النمو الإنفاقي في الاقتصاد الوطني وبالتالي انعكاسه عليه ومواجهة تحديات ومتطلبات اقتصادية كثيرة، هذا الاعتماد الكلي على النفط يواجه بضغوط من قبل الدول الصناعية الغربية تطالب الأوبك بخفض الأسعار من خلال زيادة الإنتاج أو عدم خفض الإنتاج في حال هبوط الأسعار كما هو الآن، ومن منظور اقتصادي يكون حقاً مشروعاً للدول الأوروبية أن تطالب بأقل الأسعار، ولكن من الجهة الأخرى نستغرب أن توضع ضرائب على النفط المستورد من المنظمة وغيرها يصل إلى 80% من مبيعات التجزئة وهذه الضريبة تحقق عائدات للدول الأوروبية تصل إلى تريليون دولار ودول منظمة الأوبك تحقق مجتمعة عائدات سنوية من صادراتها 250 بليون دولار فقط، بمعنى أن الدول الأوروبية تحقق عائداً ضريبياً مما تستورده من النفط من دول المنظمة أو غيرها من خلال الضرائب على النفط بمقدار 750 بليون دولار، وأن الدول الأوروبية لا تتحمل أي تكاليف استيراد، بل انه يضخ في موازنتها 750 بليون دولار من دافعي الضرائب. الدول الأوروبية تطالب المنظمة بأن تخفض الأسعار «وهو حقها» من خلال زيادة الإنتاج أو في حالة انخفاض الأسعار بأن لا تخفض الإنتاج لرفع الأسعار، وترى الدول الأوروبية أن السعر بين 15 إلى 18 دولاراً للبرميل سعر مقنع وجيد للمنظمة، كذلك تتهم الأوبك من قبل الدول الصناعية بأن إصرار الأوبك «وهو من حقها» على الوصول إلى سعر ما بين 22 إلى 28 دولاراً أمريكياً للبرميل أنه يزيد ويفاقم حالة الركود الاقتصادي العالمي الذي ضرب جميع دول العالم بقيادة أكبر اقتصاد بالعالم وهي الولايات المتحدة. وتطالب الدول الصناعية الكبرى من منظمة الأوبك عدم تبني سياسات رفع ا لأسعار حسب المستهدف للمنظمة، لكي لا تتسبب في ثبات الركود الاقتصادي العالمي الذي أصبح حقيقة ملموسة لكل الدول.
وهذا المنطق غير الموضوعي نهائيا وهو المتعلق بمطالبة دول المنظمة بخفض الأسعار حسب ما تهدف له الدول الصناعية بدون النظر لحاجات هذه الدول والتزاماتها الاتفاقية ومحدودية الموارد الأخرى أن لم تكن غير موجودة أصلا، لأن الدول الصناعية لو خفضت ضرائبها العالية جداً التي تفرض على النفط لأمكن توفير مئات المليارات للمستهلكين الذي سيعيدون ضخها باقتصادهم الوطني من خلال الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي معرفة أثر ذلك على النمو الاقتصادي، وبتصوري يجب على دول منظمة الأوبك «وهو ما تحاول عمله» تحقيق الأسعار التي تتطلع إليها وهو السعر المقنع للمنتجين والمستهلكين وهو ما بين 22 إلى 28 دولاراً، حتى وإن مارست الدول الأوروبية الضغوط على دول المنظمة من خلال خفض الإنتاج وهو ما يتوقع أن يتم من خلال اجتماع فينا القادم في 15 نوفمبر، وأتصور أن على المنظمة ككل أن تعمل بصيغة وسياسة معينة وهو الإيضاح للدول الصناعية وللمستهلكين وعلى مستوى العالم أن أسعار النفط تعتبر متدنية وليست حتى متوسطة عند مستوى الأسعار 15 إلى 19 دولاراً، وأن اللوم والمسؤولية الكاملة بارتفاع الأسعار هي عائدة للضرائب التي تفرض من قبل الدول الصناعية، ويجب ألا تكون هي موجهة لدولة بعينها بل شاملة وكاملة، لإيجاد وسيلة ضغط مقنعة وهادئة من أجل خفض الضرائب على المستهلكين، ونتابع بين حين وآخر بعض المظاهرات السلمية في الدول الأوروبية تطالب بخفض الضرائب، لكن حكومات هذه الدول تحيل المسؤولية على الدول النفطية وخاصة منظمة الأوبك.
fax4035314@hotmail.com
|
|
|
|
|