| مقالات في المناسبة
السعودية لم تعرف شكلاً سياسياً وحّد أرجاءها ونسق أداءها قبل قيام المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بفتح الرياض وتكوين الدولة بمفهومها الحديث، في وقت كانت فيه الأمية والجهل ومنطق الغابة السمة البارزة وأسلوب الحياة السائد.. مرحلة التأسيس الأولى كانت منصبة حول جمع الفرقاء وضمان استقرار الأوضاع الداخلية، ثم تطورت الاهتمامات عندما تغير الحال الاقتصادي، فأصبحت السعودية مهتمة أكثر بمواقفها تجاه العالمين العربي والإسلامي، الى جانب الحفاظ على علاقات متوازنة وعقلانية بالقوى المؤثرة في العالم، وكل هذا لم يُنس السعوديين السير بخطى سريعة ما لم تكن إعجازية، لتحسين الأحوال المعيشية وتوطين البادية، اضافة لتأسيس البنية التحتية وتنظيم الخدمات عبر خطط مدروسة لا زالت مستمرة حتى الآن عرفت بالخطط الخمسية.. ويأتي يوم الثلاثاء الماضي ليشهد اكتمال العام العشرين من عهد الرجل الذي فضَّل استبدال لقب صاحب الجلالة بآخر يحبه وقريب الى نفسه وهو خادم الحرمين الشريفين، وكأنه حفظه الله أعاد انتاج التعريف الدارج لمهنة الخادم التي ينظر اليها كوظيفة ميكروسكوبية ضئيلة، بعدما رفع قدرها لتصبح تشريفاً فقرن بينها وأطهر بقاع الارض، الحرمين الشريفين، ولعل موقف التغيير يرسم كذلك كاستنتاج شخصي صورة واضحة للسياسة السعودية وسلّم اولوياتها.. ولأن خادم الحرمين الشريفين قبل إدارة شؤون الحكم قاد دفتي التعليم والأمن، وهما المرتكزان الأساسيان لنهضة أي مجتمع، فقد استطاع النهوض بالمجتمع السعودي لينقله الى مصاف دول يقدر الفارق الحضاري والمدني بينها والسعودية بنحو أربعة قرون او يزيد، مستفيداً بتجاربه التعليمية والأمنية وخبراته السياسية عندما كان ولياً للعهد او ممثلاً للحكومة السعودية أثناء المؤتمرات الإقليمية والدولية، وإحياءً لمبدأ الشورى الإسلامي في قوله تعالى: «وأمرهم شورى بينهم»، قام حفظه الله بإعادة مجلس الشوري لممارسة اعماله المهمة مرة أخرى بعد توقف.. وتميّز عهد خادم الحرمين الشريفين بالمزاوجة بين الأصالة والمعاصرة دون إخلال بالثوابت وبما يتماشى مع روح العصر، إذ بينت الاصلاحات الاقتصادية والتعليمية والقانونية خلال الأعوام الماضية والعام الحالي، زاوية اهتمام اعتقد المتسرعون غيابها او صعوبة تحقيقها، وأظهرت الأحداث الأخيرة قدرة القيادة السعودية على ضبط النفس والتعامل باتزان وروية، زادت من احترام المجتمع الدولي لها رغم اختلاف بعض دوله معها.. ذكرى البيعة فرصة لتجديد البيعة، ومراجعة المواقف المشرفة لإنسان فتح قلبه وعقله كي يستقبل هموم الوطن وأبناء الوطن، ورفع بيده راية التوحيد لتأخذ مكاناً أثيراً يليق بمضمونها وأساسها الإسلامي، نعم نجدد البيعة ونجدد الولاء لمقامك يا خادم الحرمين الشريفين.
|
|
|
|
|