رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 9th November,2001 العدد:10634الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,شعبان 1422

مقـالات

بين كتابين
محمد بن سعد الشويعر
كتابان صدرا في عام 1998م، في موضوع خطير ومهمّ : الأول: ابن آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة، للدكتور عبدالصبور شاهين والثاني: آدم أبوالبشر تأليف عبدالله بن حسين الموجان، وهو ردّ على الأول.
يبلغ الأول 191 صفحة مع الفهرس، ويبلغ الثاني 150 صفحة مع الفهرس، وكلاهما من الحجم المتوسط وناشرهما واحد.
ولما كان الانسان يعرض عقله على الناس، بما ينشره عن أمور يعتقدها سواء كان بحثا أو تأليفاً، فإنه يعرّض نفسه للأخذ والرد، وفكره للنقاش والمجادلة، وقديماً قال الإمام مالك: ما منّا إلا رادٌّ ومردود عليه، غير صاحب هذا القبر.. وأشار بيده الى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وكان مالك رحمه الله مقيماً في المدينة ويسمى إمام دار الهجرة، وحديثه هذا وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والناس عندما يكتبون عن أمور قديمة كهذا الأمر، فإنما نراهم يستندون على حقائق ثابتة، أو نظريات يحاولون دعمها بقرائن من أعمال البشر: اكتشافات، أو مقاييس تستند على فرضيات، يريدونها تمكيناً لما يسمونه نظريات.
وفي علم الرياضيات والعلوم التطبيقية، توجد حالتان: الحقيقة والنظرية.. فالحقيقة، لا تقبل الجدل في مفهومهم، أما النظرية، فإنها تخضع للتعديل والتبديل.. فإذا جاز هذا في علوم الحياة ومعيشة الناس، فإنه لا يجوز أن يطبق في الأمور التي تمس العقيدة، وعليها مدار الارتباط بالله سبحانه وتعالى: عقيدة وعملا.
وبعد قراءتي للكتابين: أدركت أن افهام البشر تختلف، وان بعض النصوص الشرعية، يحبُّ ان يقسرها أناس لتأكيد الغرض الذي كتب من أجله وأن آراء البشر مهما حاول أصحابها السموّ بها، فإنها تقف حائرة أمام علم الله جل وعلا، ومراده بالنص، كما يقول سبحانه:(وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)ويقول:(والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، وأبوبكر الصديق رضي الله عنه تحيّر أمام كلمة واحدة في القرآن الكريم، وهي «أبّا» في قوله سبحانه:(وفاكهة وأبّا)، فقال: أيُّ سماء تظلّني، وأي أرض تقلّني أن قلت في القرآن ما لم أعلم.
وكنت أتمنى من الدكتور عبدالصبور شاهين، أن يقف عند نصوص شريعة الاسلام: القرآن والسنة المطهرة، لأنها حقائق لا تقبل الجدل، ويترك النظريات التي في الفصل الثاني، وسمَّاها النظرة العلمية، والتي سمَّاها حقب الحياة الثلاث: العتيقة وهي سبع، والمتوسطة وهي ثلاث، والحديثة وهي ست.. اعتبرها مرت بكوكب الأرض.
وما ذكر عن الجماجم وتحديد أعمارها، فقد أقتنع هو شخصيا بأن نظرية دارون، وانسان جاوا، والنشوء والارتقاء، قد انتهت ولاكها الباحثون، بعد أن طنطنوا لها زمناً، لأنها نظرية وليست حقيقة، فكان الاختلاف، وكان تجهيل التالي للأولى، وصدق الله إذ يقول:(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) «النساء82»، والقرآن الكريم، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يخضعان للمفاهيم البشرية، ونظرة ابن آدم لما حوله، إذ نذكر قبل سنوات عندما نزل الانسان على القمر جاء من يفسر (اقتربت الساعة وانشق القمر)«القمر1» بذلك، وان السلطان في قوله تعالى:(يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان)«الرحمن 33».
هو هذه المركبات الفضائية، وغير ذلك من تفسيرات عديدة منها في تفسير أحد علماء الأزهر، باعتباره الطير الأبابيل والحجارة في قوله تعالى:(وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل)«الفيل 34» الجراثيم.. ولا داعي لتعداد الأمثلة.
وهي أمور يستنكرها الدكتور شاهين نفسه اليوم، لأن فهمه أدرك الفارق، والنص القرآني لم يأت لزمن معين، عدا الحوادث التي سايرت الدعوة، لأنه دين الله الخالق سبحانه، وهو خالد الى ان يرث الله الأرض ومن عليها، يتجدد معناه لكل عصر، وفيه عبرة وعظة من كل حادثة، وكارثة.. لينبه أصحاب العقول الى المهمة التي خلقوا لها.
ولو كان هناك حاجة لأمثال ما ذكر الدكتور شاهين، لأبانه الله في كتابه، ولأخبر عنه صلى الله عليه وسلم، حيث هذّب أمته عليه الصلاة والسلام بمثل هذا القول الكريم ضمن حديث شامل:«وسكت عن أشياء رحمة لكم غيرنسيان فلا تسألوا عنها».
وليته استغل السنوات 25 سنة في بحثه هذا فيما يعود عليه وعلى الاسلام، دعوة ودفاعاً، وهو المعروف بقلمه السيّال، لكان ذلك أجدى وأنفع، من هذا البحث الذي وقع أثناءه في مزالق، بجانب ما وصل إليه من رأي صائب.
وقد تتبع عبدالله بن حسين الموجان في ردّه بعض تلك المزالق، التي نذكر بعضا منها لمن لم يقرأ الكتابين ونسأل الله للجميع التبصّر، والاهتداء، والرجوع الى الحق، وغفران الزّلل.
فالدكتور شاهين في ص89 من المقدمة: أورد حديثاً في صحيح الترمذي بالاسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير أول البقرة «إن الله خلق آدم بيده إلخ» وجاء بكلام ينبىء عن الاستهزاء في قوله:«مع انطواء الرواية على كثير من صور السذاجة» وقوله:«وكيف سلّم العقل الانساني لحكاياتكم بهذه البساطة؟» وقوله:«فكيف اطلع عليه هؤلاء القصاص من بني اسرائيل»؟! الى آخر كلامه وكان في رد عبدالله الموجان عليه: أين القصة الاسرائيلية يا دكتور هنا؟ إنك تنسب الحديث الى صحيح الترمذي مرفوعا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الخطأ في التعبير عن جامع الترمذي في «صحيح».. لكنك تأتي إلى حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم وتصفه بالرواية الاسرائيلية.. وليتك بحثت عن صحته.. والحقيقة أنه لا يوجد بالنص الذي أوردته في الترمذي ولا في كتب الحديث الستة، إلخ «ص20».
ولما تبين لعبدالله الموجان: ان الدكتور شاهين، يتأول الآيات، ويلوي عنق النصوص، حتى يصل الى فكرة مستوحاة من أحافير بالية أورد آراء العلماء في دلالة اللغة على فهم الدين، وأن القرآن لا يفهم إلا بلسان العرب، ووعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمن قال في القرآن أو بما لا يعلم، ثم قال: لقد زلَّ الدكتور في ذلك زلَّة عظيمة، وحتى اللغة لم تساعده في بعض ما ذهب إليه، فاضطر الى نوع من التأويل الواضح، حتى تكتمل فكرة كتابه، وهذا لا يصح في البحث العلمي المتجرد «ص2627».
وقد لاحظ عليه الشيخ الموجان أنه ضرب بسهم وافر في التأويل: فأوَّلَ كلام الله، فادّعى أنه بغير صوت ولا حرف «ص61»، وأوَّلََ خلق حواء «ص76»، وأوَّلََ الأجل المسمى «ص88»، وأوَّلَ الشجرة التي أكل منها آدم، بأنها شجرة المعصية «ص96»، وأوَّلََ خلق الكون، بأنه كان منه ما كان وما سيكون «ص99»، وأوَّلََ الميثاق في يوم القيامة «ص100»، وأوَّلَ قوله تعالى:( الذي خلقك فسوّاك فعدلك)«الانفطار 7»: بأن الفاء متضمنة معنى ثم، المتراخية «ص107»، وأوَّلَ سجود الملائكة لآدم، بتكليفهم بحياطة الحياة الانسانية، وعليه فلا يزالون ساجدين «ص143»، وأوَّلََ امتناع ابليس عن السجود بإغواء لبني آدم، وأوَّلَ الهبوط من الجنة، بأنه خروج معنوي «ص156»، وأوَّلَ أفضلية البقاع بحجة أنها جميعا تخضع للصانع «ص157»، وأوَّلَ زمان قصة هابيل وقابيل، فادّعى أنها قبل الهبوط الى الأرض «ص159»، وأوَّلَ قوله تعالى(بدت لهما سوءاتهما)«الأعراف 152» بأن ذلك يعني المخالفة لا العورة «ص164»، وتكلم عن اشتقاق لفظ الجلالة «الله» بنوع تأويل «ص168»، وعلى اشتقاق لفظ ابليس وغير ذلك، بما تضمنه من تأويل للنصوص «ص168 وما بعدها». ثم قال:
وغير ذلك مما ذهب إليه الدكتور سامحه الله وهذه كلها تأويلات أشبه بتأويلات المتكلمين والباطنية، بل لا نبعد كثيراً، عندما نقول: إن منها ما هو أشبه بتأويلات الزّنادقة.. وماذا لو جاء ملحد فجعل جنة الآخرة والنار خيالاً لمصلحة الجمهور البشري، وتأوّل نصوص المعاد استناداً الى جواز التأويل في النصوص الذي قرره الدكتور.
وماذا لو جاء رافضّي باطنيّ، فأوّلَ نصوص القرآن على غير ظاهرها، وبدأ بسبَّ الصحابة، ويزعم ان الشجرة الملعونة هم بنو فلان، والقرة فلانة، والبحران فلان وفلان، وغير ذلك معتمداً على أن الشجرة المحرمة على آدم هي شجرة المعصية والسوءة المخالفة.
وماذا لو جاء زنديق عتيد، وجعل الأوامر بالصلاة والصيام والزكاة، لا معاني تحتها إلا تطهير النفوس، والاحتفاظ بالأسرار ومعرفتها، معتمداً على أن قول الله للملائكة، ورّد الملائكة، وكلام إبليس، وامتناعه عن السجود كله ليس على ظاهره، بل هي معانٍ نفسية لا غير.
أحسب أن الدكتور معنا، أن هذا الباب فتحه يؤدي إلى ضياع الدين والشريعة، على أن هذه التأويلات التي جاء بها الدكتور لا يصح منها شيء «آدم أبوالبشر ص3234».
ولا شك ان باب التأويل عندما يفتح على مصراعيه تتصرف النصوص عن مرادها، كما جاء في كتاب: محاولة فهم القرآن فهماً عصرياً، ألّفه بعضهم ولن نسمّيه، فقد ألغى فيه دلالة اللغة العربية، فجعل الجنة والنار شيئا نسبيا، واحساسا وجدانيا، فقال: فقد يكون نفران في مكان واحد، أحدهما في النار لأنه ضائق مكتئب والثاني في الجنة لأنه منشرح الصدر ومسرور، وغير ذلك مما يجعل القارىء لكتاب الله الكريم لا يقرّ بشيء من معانيه، ولا معاني السنة المطهرة، ويصرفها عن حقيقتها. كما فعل المعاندون للرسالة.
وقد تحدث العلماء وفهم الإمام الحنفي صاحب الطحاوية عن هذا الباب، وقال: إن التأويل يفتح باب الزندقة والانحلال «شرح الطحاوية ص236 لابن أبي العز».
ونرى الدكتور شاهين يريد أن يفرق بين بشر وانسان، أو بين بشر وبني آدم «ص6470» مستدلاً بما هو معهود في اللغات القديمة والحديثة، من غير اللغة العربية، ومتجاهلا لما تدل عليه الرابطة بين البشرية وبني آدم، أو بين البشرية والانسان، مع ان اللغة العربية هي لغة القرآن، وهي أوسع اللغات وأكملها، فهما من الكلمات المترادفة التي تعطى مدلولاً واحداً، فابن آدم هو البشر. يقول سبحانه:(وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين)«ص71»، ويقول سبحانه:(هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً) «الإنسان 12». فقد جعل الله لابن آدم أسماء مترادفة مثلما ان اللغة العربية أعطت لكل شيء عدة مسميات، بل إن كل قبيلة، قد تختلف مع الأخرى في المسميات، ولا يدل ذلك على ان هذه المسميات، تعنى دلالات مختلفة كما تبادر للدكتور شاهين.
ومثل ذلك ما يدل عليه الاشتقاق من أصل الكلمة، فإن المشتقات ترتبط مع الأصل في الدلالة المعنوية. وعن كلام الله يقول الشيخ عبدالله: إن الدكتور شاهين، حصر نفسه في مأزق، وهو يناقش ما سمّاه «الحوار» بين الرب تعالى والملائكة وإبليس، إذ كيف يتكلم الله وتسمعه الملائكة، وكلام الله عنده ليس بصوت ولا حرف، وقال في ص61: ولكن كيف قال ربك؟ وكيف تلقّت الملائكة هذا القول؟. ذلك ما لا سبيل الى إدراكه إن كان هناك سبيل الى تأويله، فالرب إذا تكلم، فكلامه ليس بحرف ولا صوت، وهذه صفة كلامه النفسي كما قررها علماء الكلام.أ.ه. ثم قال بعد ذلك:
وتكلم الدكتور عن القرآن في موضع آخر فقال في «ص42»: أما القرآن فهو الكلمة الإلهية النهائية، في الخطاب ما بين السماء والأرض، أو ما بين الأعلى والأدنى.. فحصر نفسه أيضا في ذلك وهو خطأ.. فقد اتفق السلف على الإقرار بما جاءت به النصوص في إثبات الصوت والحرف.
ثم أثبت ذلك بدلالة آيات في كتاب الله، ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم العلماء، قال عبدالله بن أحمد قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الله لا يتكلم بصوت. قال: هؤلاء جهميّة، إنما يدورون على التعطيل».
وجاء في كتابه السنة، قال: سألت أبي الإمام أحمد عن قوله: يقولون لما كلم الله موسى لم يتكلم بصوت. فقال لي أبي: بل تكلم بصوت.. هذه الأحاديث تروى كما جاءت.. وذكر حديث ابن مسعود وغيره.
وأورد كلام الألوسي في إثبات الصوت والكلام لله سبحانه، وجاء في آخره: بل قد ورد في اثبات الصوت لله تعالى أحاديث لا تحصى.
وفي ردّه على ما ذكره الدكتور: من أن القرآن هو الكلمة النهائية في الخطاب قال: هذا غير صحيح أيضا للنصوص الدالة على كلام الله تعالى لأهل المحشر، كقوله سبحانه لآدم:(أخرج بعث النار) وقوله لأهل الجنة:(هل رضيتم) وقوله لأهل النار:(اخسأوا فيها ولا تكلِّمون) وغير ذلك.. فليس القرآن الكلمة النهائية في الخطاب «ص5356».
وعن أسماء الله وصفاته، فإن أهل السنَّة والجماعة لا يخوضون فيها بل يصفون الله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفته رسله، وأنبياؤه، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، لأن الله يقول:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)«الشورى 11».
والشيخ عبدالله في رده على الدكتور شاهين: أنه أطلق كثيراً من الصفات على الله جل وعلا، التي تخالف المنهج السليم في التأدب مع الله سبحانه، مثل قوله (القدرة الكنيّة) المأخوذة من قوله سبحانه:(إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)«يس 82».
وهذا الكلام غلط لأن قوله «كن» من كلامه سبحانه، وليست القدرة هي الكلام، والله تعالى موصوف بالكلام، وبالقدرة والفعل، والخلق إنما يكون باجتماع صفات الحياة والعلم والقدرة والإرادة، وليس هناك ما يقال له:«القدرة الكنيّة، فهذا مما ابتدعه الدكتور هداه الله».
وقال الدكتور في ص32: إن خلق الإنسان كان إرادة سابقة أزلاً، على وجود الأرض ذاتها.. وهذا الكلام غير صحيح، فليس الخلق هو الإرادة، ثم إن الإرادة صفة قديمة النوع، فإذا أراد الله أن يخلق الإنسان في وقته الذي أراده لذلك كان الخلق حادثاً، [ص5758]، ولو قيّد الدكتور عبارة بالحديث الذي جاء فيه:«أول ما خلق الله القلم، فقال الله له: اكتب. قال: ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة».. لكان ذلك أصدق وأسلم عبارة.
وأورد صفات لله لم تعرف مثل: الحضور، ويتابع، وشاءت القدرة، والهندسة الداخلية، وكان مشروع خلق الإنسان قد أنجز، كل هذه الألفاظ لا ينبغي أن تستخدم في جانب الربوبية، فإن ذلك فيه نوع من النقص، وشأن الله أعظم من ذلك.
فالواجب كما قال الشيخ عبد الله في رده : الالتزام بالألفاظ الشرعية والتعبير بها عن المعاني الصحيحة، يقول شارح الطحاوية: وأما الالفاظ التي لم يرد نفيها ولا اثباتها، فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فان كان معنى صحيحا قبل لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة «آدم أبو البشر ص 57 60».
وغير ذلك من الملاحظات التي نبه اليها الشيخ عبد الله في رده على الدكتور شاهين، وقد نبه الناشر للكتابين حسن عاشور على هذا الرد في كلمته الاخيرة بعد الثناء على الدكتور شاهين، على قول الشيخ الموجان: ولكن الدكتور شاهين حين يصطدم بالنص القرآني الصحيح والمنهج النبوي الصحيح، فلابد من وقفة يظهر فيها الحق جليًّا، وعندها يكون لزاما على أقرانه العلماء ان يناقشوا ما جاء في كتابه من شبه تحتاج الى إيضاح وما ورد فيه من آراء لا تتفق مع ما اصطلح عليه الفقهاء، وأجمع عليه العلماء.. ثم اوضح الناشر: ان هناك أكثر من رد على الكتاب وقد اختار رد الشيخ عبد الله الموجان هذه لنشره «آدم أبو البشر الغلاف الخارجي».
وأنصح بقراءة هذا الرد لأن فيه مناقشة علمية مدعومة بالدليل الشرعي وأقوال العلماء، ومع ذلك لم يقمط الدكتور فيما اصاب فيه.
نذارة الجن: كانت معركة نهاوند من المعارك الفاصلة في الاسلام وكان عمر مهتما بها فكان يدعو للمسلمين ليلا ونهارا دعاء الحوامل المقربات، وابتهال ذوي الحاجات والضرورات كما قال ابن كثير وقد استبطأ الخبر عنهم، فبينا رجل من المسلمين ظاهر المدينة إذا هو براكب، فسأله من أين أقبل؟ فقال: من نهاوند فقال: ما فعل الناس: قال؟ فتح الله عليهم وقتل الأمير وغنم المسلمون غنيمة عظيمة، أصاب الفارس ستة آلاف، والراجل ألفين، ثم فاته وقدم ذلك الرجل المدينة، فأخبر الناس، وشاع الخبر حتى بلغ أمير المؤمنين، فطلبه عمر ليسأله عمن أخبره؟ فقال: راكب فقال: انه لم يجئني البريد وانما هو رجل من الجن وهو بريدهم واسمه عثيم.
ثم قدم طريف بن سهم بخبر الفتح بعد ذلك بأيام، وليس معه سوى الفتح، فسأله عمن قتل النعمان فلم يكن معه علم حتى قدم الذين معهم الأخماس، فأخبروا بالامر على جليَّته، فإذا ذلك الجني قد شهد الموقعة، ورجع سريعا الى قومه نذيرا ولما أخبر عمر بمقتل النعمان بكى، وسأل السائب عمن قتل من المسلمين، فقال: فلان وفلان، لأعيان الناس وأشرافهم ثم قال: وآخرون من أفناد الناس، ممن لا يعرفهم أمير المؤمنين فجعل يبكي ويقول: وما خبرهم ألا يعرفهم امير المؤمنين؟ لكن الله يعرفهم وقد اكرمهم بالشهادة وما يصنعون بمعرفة عمر، ثم أمر بقسمة الخمس على عادته.
وحمل السفطين اللذين جاء بهما السائب بن الأقرع وهما مملوءان بأثمن الجواهر من مال كسرى، الى منزل عمر، ثم رجعت الرسل، فلما اصبح عمر طلبهم فلم يجدهم، فأرسل في أثرهم البرد، فما لحقهم البريد الا بالكوفة.
قال السائب بن الأقرع: فلما انخت بعيري بالكوفة أناخ البريد على عرقوب بعيري، وقال : أجب أمير المؤمنين فقلت: لماذا؟ فقال: لا أدري، فرجعنا على أثرنا حتى انتهيت إليه، وقال : مالي ولك يا ابن ام السائب، بل ما لابن أم السائب ومالي قال: فقلت : وماذاك يا أمير المؤمنين؟: فقال: ويحك والله إن هو الا ان نمت في الليلة التي خرجت فيها، فباتت ملائكة الله تسحبني الى ذينك السفطين وهما يشتعلان نارا، يقولون: لنكوينَّك بهما فأقول: اني سأقسمهما بين المسلمين، فاذهب بهما لا ابالك فبعهما فأقسمهما في أعطية المسلمين، وأرزاقهم فإنهم لا يدرون، ما وهبوا، ولم تدر انت معهم.
قال السائب: فأخذتهما حتى جئت بهما مسجد الكوفة، وغشيتني التجار فابتاعهما مني عمرو بن حريث بألفي الف ، ثم خرج بهما الى ارض العجم فباعهما بأربعة آلاف ألف قال: وقسم ثمنهما بين الغانمين فنال كل فارس أربعة آلاف درهم «7:».

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved