| مقـالات
يمكن القول ان الوعي بالمشكلات الاجتماعية والنفسية والتربوية هو الهدف الأسمى الذي تضطلع به وحدة خدمات الإرشاد الاجتماعي، وتأتي أهمية هذا الوعي في أنه الأساس الذي يقوم عليه الفهم الصحيح، والتحليل العلمي للمشكلة، وتعرف مسبباتها، ووضع سبل المعالجة السليمة.
إن المطلع على مسؤولية وحدة خدمات الإرشاد الاجتماعي يظنها شعاع أمل في تجاوز المشكلات التي يمكن أن تعترض سبيله، وأنها تقدم له ما يقوي عزيمته ويصقل من قدرته على تحمل مسؤولياته وفقا لما حباه الله به من إمكانات ومهارات وجلد وصبر.
من هذا القبيل يتعاظم دور الإرشاد الاجتماعي وتتبلور مسؤولياته حيث تستهدف المعالجة السلوكية المتسمة بالحكمة والموعظة الحسنة، والأساليب العلمية المناسبة لطبيعة العملية ووسائل تحقيق الغايات في عصر مثقل بالمشكلات والصعوبات والقضايا.
ولذا فثمة مسؤوليات مهنية ملزمة ومحددة نظرا لقيمة وأهمية العمل الإرشادي الذي يحظى بمساندات كبيرة من قبل الدولة ومن قبل الأجهزة المختصة ومن المواطنين أصحاب المصلحة في خدمات الإرشاد حيث يحمل مسؤولية إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الاجتماعية من قبيل المشكلات السلوكية التي يتعرض لها الأبناء وذوو الظروف الخاصة وكبار السن، وتمتد هذه المشكلات لتشمل مجالات جديدة في محيط الطفولة والشباب والمرأة والعلاقات الأسرية.
وتشير ممارسات الوحدة إلى أن عملها مكتبي وعن طريق الاتصال التليفوني وبذلك تكون الوحدة في منأى عن ساحة العمل الميداني الذي يعتمد على البحث الاجتماعي وفنيات المقابلة التشخيصية والمساهمة الفاعلة في رسم خطط العلاج بالاعتماد على مبادئ الخدمة الاجتماعية مثل العلاقة المهنية وسرية المعلومات وتقبل العميل، والبدء من حيث هو، وحقه في تقرير المصير، واحترام كينونته، وحثه على التوافق مع الواقع مع إجراء التعديل المناسب حسب الامكانات المتاحة ووفق الظروف المواتية.
ومن أسف أن نأي الوحدة عن إمكانات العمل الميداني يقلل من فاعليتها ويضعف من قدرتها على التأثير والتغيير، مما يؤثر بالسلب في تحقيق الوحدة لأهدافها ويجعل عمل الوحدة عملا سطحيا هامشيا وينتج عن ذلك وهن في فاعليتها بل نتوقع توقفها لعدم اعتمادها على المنهجية العلمية في مواجهة المشكلات الاجتماعية وتخطيها لأسس ومبادئ الخدمة الاجتماعية وتوجهاتها ونتوقع أنه سيلحق بهذه الوحدة العديد من المشكلات المهنية مما يجعلها عرضة للإصابة بالعجز أو الشلل أو الضمور في إمكاناتها.
فإن كانت هذه الوحدة تنتمي لنسق الخدمة الاجتماعية فيجب أن تهتم بالدراسة والتمحيص وتعرف الأسباب والعوامل والبحث في الاتجاهات والقيم ذات الأثر في سلوك علاقات التفاعل وثقافة البيئة المحيطة، والإمكانات المتاحة لسد المطالب والاحتياجات وهذا يعتبر محاولة أولى للوقوف على طبيعة المشكلة وما تتطلبه من معالجة وسبل المساندة والمساعدة المهنية في ضوء ما أمكن التوصل إليه من رصيد معرفي حول التاريخ الاجتماعي والمهني والاقتصادي، وتاريخ المشكلة، وخبرات الممارسة التفاعلية مع الجماعات المختلفة بما يمكن من ترشيد وتوجيه للمسلكيات والطاقات.
وما من شك أن الإرشاد الاجتماعي كمهنة يحتوي على رصيد من المعارف والمبادئ والأسس والأساليب والطرق المنهجية والمهارات التي تساعد الاختصاصيين فيه على الأداء العلمي المنظم، وهذا يعتبر دعماً يساهم بشكل إيجابي في تحقيق أهداف الإرشاد بكفاءة وفاعلية شريطة أن تستخدم الأساليب العلمية التي تفيد في مجال التعامل مع الأزمات.
وإزاء ذلك نقف أمام عدة أمور بشأن المسؤولية المهنية لوحدة الإرشاد الاجتماعي.
أولا: وضع حدود واضحة للمسؤولية المهنية لوحدة الإرشاد الاجتماعي على أن تتضمن تكتيك الفنيات المهارية في مجال الإرشاد.
ثانيا: تحديد أسس العمل المهني ومضامينه وأبعاده ومجالاته وأنشطته وطرائقه الباعثة على الاختيار الأمثل في بدائل حل المشكلات.
ثالثا: رسم الدور الخدمي الذي يمكن أن تؤديه هذه الوحدة الإرشادية في مواجهة المشكلات المتباينة التي ترد إليها من قبل المواطنين طلبا للخدمة.
رابعا: وضع هيكل تنظيمي لوحدة الإرشاد مع تحديد مهام المستويات المختلفة انطلاقا من مبدأ أن العمل العلميّ أساسه التنظيم الذي هو السبيل لبناء الوحدة وإدارة عملها مما يبعث على الأداء السليم.
خامسا: وضع دليل العمل الإجرائي يوضح كيفية ممارسة الوحدة لخدماتها على ضوء خبرة العاملين بها ومرجعيتهم الأكاديمية ومعرفتهم العملية، على أن يكون هذا الدليل نموذجاً طيباً في مجال الممارسة العملية واعتباره وسيلة تنظيمية فعالة لتحقيق أهداف الوحدة الإرشادية بما يتضمنه من جوانب تخطيطية وتنظيمية وتنفيذية، ووسائل للمتابعة، وليس ثمة حساسية إذا ما كانت نقطة الانطلاق في إعداد الدليل هي دراسة الجيد من الأساليب التي يتبعها غيرنا الذين توافرت لديهم الكثير من مقومات النجاح من الناحية المهنية، وذلك لإمكانية الاستفادة منها في مجال الخدمة الإرشادية.
ومن حُسْن القول ان وحدة الإرشاد المقامة في مسيس الحاجة إلى مثل هذا الدليل الذي لا يستهدف بطبيعة الحال جماعة الاختصاصيين وحدهم سواء على المستوى الفردي أو الجماعي ولكن في نفس الوقت فهو يهم جمهور المواطنين القادمين في طلب الخدمة الإرشادية وقد بدا من خلال الأيام الماضية أنهم كثر وذلك نظرا لطبيعة المجتمع المعاصر وما يكتنفه من تعقيدات.
والظن لدينا أن وضع هذا الدليل فيه ما يفيد وينفع إن شاء الله لإمكانية تطوير الخدمة الإرشادية، وبلورة الدور المتوقع، وهي مسؤولية مهنية لها دور واضح ومؤثر في مجال حل المشكلات بصفة خاصة وعلى سلامة وصحة المجتمع بصفة عامة.
|
|
|
|
|