** حالة التحسس الشديد التي انتابت البعض ازاء عدد نجوم الهلال الذين يتشرفون بتمثيل منتخبنا الوطني حالياً.. ذكرتني بحادثة جرت في نواحينا قديما.. تقول القصة..
** انه قدم ضيف على احد كرماء العشيرة، وعلى الفور قام بذبح كبش سمين وفاخر، ثم قام بدعوة ابناء عشيرته لحضور تلك الوليمة مع ضيفه كالعادة.. وكانت العادة المتداولة حينذاك تقضي بقيام صاحب الوليمة عند احضارها برفع اجزاء معينة من الذبيحة امام الضيوف والحضور تبين مدى جودتها، ومدى ماتكتنزه من شحوم ودهون كتعبير عن الكرم والاحتفاء بالضيوف، ولأن الكبش من الضخامة كما اسلفنا مالم يكن في حسبان المضيف، وعندما قام باداء تلك المهمة ولم يكن في كامل استعداده صدر منه «صوت» كان مثار ضحك واستهزاء احد اقل الحاضرين مؤونة.. وأدناهم في شرف استقبال الضيوف.. بل أوضعهم حظاً وقدراً وقيمة.. فما كان من المضيف الشهم الكريم إلا أن قال بصوت جهوري مسموع «إذا استطعت تقديم ماقدمته انا فافعل مافعلته عشر مرات».
** لهذا لا أجد مايوجب ذلك التحسس الزائد عن الحد، وخصوصا من قبل بعض الزملاء في بعض المطبوعات والذين لم نشاهدهم او نسمعهم عندما هبت حفنة من الاقلام المتصدعة لاتهام نجوم المنتخب باتهامات كاذبة، حاولت من خلالها ايهام السذج بان نجوم ناد معين لايخدمون سوى بعضهم البعض.. ثم لم نشاهدهم أو نسمعهم وهم يشاهدون قائد المنتخب وأحد أبرز نجومه يتعرض لحملة مسعورة ومشبوهة، بل مدفوعة هدفها زعزعة المنتخب تحديدا من خلاله، والتأثير على مسيرته بغية عدم الوصول الى النهائيات لاشياء في نفوسهم، وغير ذلك من المواقف العديدة والمماثلة.. ومع ذلك خيّب الله مساعيهم، وانقلب سحرهم عليهم.. فلا القائد اهتز، ولا المنتخب تعثر.. بل مكن الله الاخضر بفضله اولا.. ثم بفضل حنكة قيادتنا الرياضية واخلاص اجهزته الفنية الوطنية والادارية والعناصرية من قطف ثمار تلك المعطيات.. فكان القطاف على مستوى «رفرفة» راية التوحيد وسط ذلك المحفل العالمي الكبير خفاقة كما هي دائما في كل محفل.
** ثم أين كان هؤلاء المتحمسون عندما نشرت العديد من المقالات في اعقاب التأهل لنهائيات مونديال «98» بفرنسا.. والتي اكتفي بالاشارة الى واحد منها على سبيل المثال وهو ماطرحه احدهم تحت عنوان «الأهلي يلعب في كأس العالم» في اشارة الى عدد نجوم الأهلي ممن ساهموا في التأهل.. ولم نقرأ حينها لأي من هؤلاء ما يعطيه الحق في الظهور اليوم ليتحدث عن الاحاسيس والمشاعر وغيرها من العبارات والمصطلحات الفضفاضة والمطاطية التي عادة مايوظفها اصحاب الاهداف الخاصة لخدمة اغراضهم الانتمائية.. فهل هذه مثالية ام انها منتهى التعصب«؟!!» وهل الأهلي والاتحاد والشباب و الاتفاق والوحدة والنصر والبقية هي اندية سعودية وطنية اما الهلال فلا «؟؟!».
** فلنفترض ان الهلاليين عبروا عن اعتزازهم المبرر بذلك الشرف، فما الضير او العيب في ذلك طالما هو في حدود الاعتزاز.. ولم يصل حد المن والاذى كما حدث من غيرهم في مناسبات سابقة «؟!»
** ولنفرض كذلك ان 90% من العناصر التي ضمتهم لائحة شرف التأهل هلالية، فهل تلك العناصر لاتحمل الهوية السعودية حتى نتحسس ونتذمر الى هذه الدرجة.. ثم أليس الانجاز للوطن وليس للنادي، لاسيما وانها كانت عند حسن الظن، وادت واجباتها الوطنية على اكمل وجه «؟!»
** نحن جميعاً نتشرف بالانضواء تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله.. وبالتالي فان اي مواطن يوفق في اداء رسالته الوطنية حري بنا ان نبادر الى الشد من ازره، ودعمه، ودفعه للمزيد من العطاء بدلاً من تحطيمه والمزايدة عليه ولهؤلاء نقول: حددوا مواقفكم.. وافهموا انفسكم اولا حتى نتمكن نحن من فهمكم.
عبدالله الغلبان..؟!
** لا احد يجادل في ان النجم الدولي عبدالله الجمعان قدرة كروية نادرة.. ليس على مستوى ملاعبنا فحسب، وانما على مستوى نطاق واسع من الملاعب العالمية بما حباه الله من تكوين جسماني رياضي متكامل «ماشاء الله».. فضلا عن قدراته المهارية العالية في الاختراق والمراوغة والتحكم بالكرة والتمرير الدقيق والفعال، علاوة على مميزات اخرى عديدة مثل: قوة القدم.. دقة التسديد من اماكن مختلفة منها بعيدة المدى.. بالاضافة الى اجادة التصويب بالرأس.. ومع ذلك يتراءى للكثير من المتابعين ان هذا النجم «غلبان» رغم انه عبارة عن ترسانة هائلة من القدرات والامكانات.
** ذلك ان الجمعان ظل على مدى عدة مواسم رهين العديد من التأرجحات والقناعات الفنية والفكرية الذاتية، والتي ربما ساهم هو في بعضها عطفاً على صغر سنه وحداثة تجربته الى حد ما.
** واذكر انني وجهت للجمعان رسالة خاصة من خلال هذه المساحة قبل مدة طالبته من خلالها بضرورة التركيز، والعمل على تطوير قدراته.. ومحاولة الارتقاء ببعض مفاهيمه الادائية والفكرية والتعاملية، والتحرر من بعض الاخطاء الطفيفة التي تعيق وصوله الى المكانة التي يستحقها.
** وها هو اليوم يبرز كأفضل عنصر هجومي في ملاعبنا.. وهذا لايعني الادعاء بان ذلك التطور المذهل، والذي كان منتظراً يعود الى مفعول رسالتي تلك، ابداً.. وانما اعزوه بالدرجة الأولى الى استعداد اللاعب الفطري على التعاطي بما يوازي قدراته المهارية من النضج المرحلي ادائيا وتعاملياً.
** فهل يحافظ عبدالله الجمعان على هذا المستوى من النجومية، بل السعي الجاد والمثابرة على الارتقاء بموهبته اكثر واكثر.. حيث يتوجب عليه هو تقديرها حق قدرها قبل الآخرين.
** همسة أخيرة اضعها في اذن نجمنا الجمعان مضمونها..
** يلاحظ عليك تأثرك عند اضاعتك لاية فرصة مواتية امام المرمى الى درجة تبدو فيها وكأنك تعاقب ذاتك.. لذلك ارى انه عليك مسحها من ذاكرتك على الفور بمجرد ضياعها.. وأن تتطلع فقط الى الامام، اذ ان اطالة التفكير بما ضاع يؤدي حتماً الى السرحان والارتباك وبالتالي عدم القدرة على التصرف السليم بالقادم من الفرص المتاحة للتعويض.
منحنى