| في ذكرى البيعة
نعم الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد المباركة كثيرة وتتوالى يوماً بعد يوم، ومن أكبر النعم التي ينعم الجميع بخيرها وعطائها، أن قيض الله لهذه البلاد المترامية الأطراف رجلاً جعل الله نصب عينيه فأعانه على رسالته العظيمة وأهدافه النبيلة، فكانت هذه المملكة التي تعيش بفضل الله تعالى الأمن والاستقرار والتطور بشكل لم تشهده أي من المجتمعات الإنسانية في القرن العشرين.. وبفضل الله سبحانه وتعالى وتوفيقه، من الله على الملك عبدالعزيز برجال بررة مخلصين لدينهم ولوطنهم.. فأكملوا المسيرة وواصلوا البناء.
واليوم ونحن نحتفل بذكرى مرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين أيده الله مقاليد الحكم فإننا نقف عند هذا المنعطف الهام في مسيرة طويلة بإذن الله في سبيل رقي الوطن وتطوره واستقراره.
إن المتأمل في سجل خادم الحرمين الشريفين خلال عشرين عاماً مضت وتحديدا منذ توليه رعاه الله الحكم في هذه البلاد المقدسة، الذي يصادف 21 من شهر شعبان الجاري 1422ه، يدرك حجم الإنجازات وتعدد الأعمال الجليلة التي تعكس عبقرية وقدرة هذا القائد الفذ على صنع التاريخ وتحديد ملامحه..
إن مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد منذ سني حياته الأولى حافلة بكثير من المشاركات والمهام التي تولاها حفظه الله، فكان له بصمته الخاصة وإنجازاته المتميزة.. مما يعكس قدرته على الاستفادة من التجارب والمشاركة في صنع القرارات وتقديم الإنجازات التي تبقى ماثلة في ذاكرة الوطن ويحفظها تاريخه..
إن البدايات القوية التي قدمت الملك فهد لقيادة الوطن كانت محطات لها أهميتها، فتوليه حفظه الله قيادة التعليم ورسم استراتيجياته جعله الرائد الأول للتعليم في بلادنا، وحقق له من التجارب والعطاءات ما أهله لأن يكون رجل دولة يدرك جيداً ان التعليم هو ركيزة التطور وأساس الازدهار في شتى الميادين.
وإذا كان التعليم سجل لخادم الحرمين الشريفين حضوره الأول في ميدانه ومسيرته.. فإن الأمن في بلادنا يحفظ لخادم الحرمين الشريفين أيده الله الكثير من العرفان والوفاء فقد تولى حفظه الله وزارة الداخلية عام 1382ه حتى عام 1395ه وخلال هذه الفترة شهدت وزارة الداخلية نهضة وتطوراً في قطاعاتها المختلفة..
وتحقق للأمن الداخلي الكثير من الإنجازات التي ما زالت تقوم برسالتها اليوم في تنام واضح في عطاءاتها وإنجازاتها.
إن عشرين عاما مضت هي عمر قصير في مسيرة الأوطان والأمم. ولكن الإنجازات والقرارات التاريخية التي حفلت بها هذه الفترة بقيادة خادم الحرمين الشريفين جعلتها من أخطر المراحل وأكثرها حساسية في مسيرة هذا الوطن.. فالمواقف الخطيرة التي مرت بالمنطقة والتقلبات الاقتصادية والدولية كانت كفيلة أن تعصف بالمنطقة وتحولها إلى منطقة صراع وقلاقل وتوترات.. إلا أن توفيق الله سبحانه وتعالى لخادم الحرمين الشريفين، بما يتمتع به حفظه الله من شجاعة وحكمة، جعل من مواقفه التاريخية وتعامله مع تلك الأزمات منعطفا تاريخياً أعاد للمنطقة توازنها واستقرارها، ليواصل بعد ذلك مسيرة في بناء الاقتصاد الوطني، ويساهم في إيجاد توازن دقيق لمجريات الأحداث، بما حقق للعالم كله تجاوز تلك الأزمات وما أفرزته من آثار سلبية كبيرة.
إن إدارة مولاي خادم الحرمين الشريفين رعاه الله لدفة الحكم في هذه البلاد وما واجهه من صعوبات ومحطات خطيرة في السياسة الخارجية، لم تشغله عن الإنجازات الداخلية الخالدة، ففي عهده حفظه الله أصدر العديد من القرارات الهامة المتعلقة بأنظمة الحكم ومجلس الشورى والمقاطعات لتشكل بذلك نقلة نوعية رائعة في تطوير البلاد وازدهارها.
إن جهود خادم الحرمين الشريفين أيده الله في بناء حضارة إنسانية تنطلق من الثوابت التي تحافظ عليها حكومتنا الرشيدة هي جهود فريدة، فبناء الوطن ورسم ملامحه الحضارية يعكس لنا كذلك خدمته حفظه الله للإسلام ومقدسات المسلمين وقضاياهم.. فبالإضافة إلى كل الجهود المباركة في بناء الوطن، جعل حفظه الله همه الأول وشغله الشاغل رعاية وخدمة الحرمين الشريفين، اللذين شهدا في عهده أكبر توسعة في تاريخهما مع العناية بحجاج بيت اللّه الحرام، فكان للمشاعر المقدسة نصيب الأسد من هذه المشاريع العملاقة، مما جعل الحج اليوم من أيسر الأعمال وأكثرها راحة وأمناً.
ولم تقتصر جهود خادم الحرمين الشريفين على مشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. بل امتدت أياديه البيضاء لخدمة الإسلام خارج المملكة في شرق الدنيا وغربها فأنشأ العديد من المراكز الإسلامية في أمريكا الشمالية والجنوبية وفي أوروبا، واليابان وغيرها، وقدم دعمه الكبير حفظه اللّه للدول الإسلامية التي تعاني من الاضطهاد، فتحقق لها الاستقلال والاستقرار ومثال ذلك ما تعرض له شعب البوسنة المسلم فكان لمواقف المملكة ودعمها كبير الأثر في نيل هذا البلد المسلم حقوقه واستقراره، وانطلاقا من شعوره بالمسؤولية والواجب تجاه المقدسات الإسلامية والعقيدة الصافية فقد حرص رعاه الله على خدمة كتاب اللّه والاعتناء به بعد ظهور بعض الطبعات المحرفة، إذ أنشأ الملك فهد حفظه الله «مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف» الذي يطبع ملايين النسخ تحت إشراف أبرز العلماء في علوم القرآن، ويتم توزيعها على جميع المراكز الإسلامية والمساجد وعلى حجاج بيت اللّه الحرام.
وحين يأتي الحديث عن الجوانب العسكرية والأمنية في عهد خادم الحرمين الشريفين فإنه حديث يبعث البهجة ويسر النفوس .. حيث نجد تأهيل القوات المسلحة قد وصل إلى درجة عالية من التنظيم والتطوير.
وعاش أبناء القوات المسلحة مستوى راقيا مع ما يجدونه من تطوير لقدراتهم ومهاراتهم القتالية.. ورفاهية الحياة تحققت لهم من خلال المدن الإسكانية المشتملة على كل مقومات الحياة العصرية، من إسكان وتعليم ورعاية صحية.
والمتتبع للخدمات الصحية في القطاعات العسكرية يجد كفاءة هذه المستشفيات وقد وصلت إلى العالمية في إنجازاتها وخبرة أطبائها من أبناء هذا الوطن، الذين حققوا الكثير من الإنجازات الطبية الدقيقة التي كانت محل اهتمام وتقدير المراكز الطبية المتقدمة في العالم .. كل ذلك بتوفيق اللّه سبحانه وتعالى ثم بفضل الإمكانات التي توفرها لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين أيده اللّه.
لقد منّ اللّه سبحانه وتعالى على خادم الحرمين الشريفين بسواعد أبية ورجال أوفياء لدينهم ووطنهم وقفوا إلى جواره، يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وغيرهم من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء، الذين ترجموا توجيهات وقرارات خادم الحرمين الشريفين إلى واقع ملموس، جعل من المملكة العربية السعودية دولة عصرية قوية لها حضورها الدولي وإسهاماتها المتميزة في شتى القضايا الدولية الاستراتيجية منها والإنسانية.
واللّه أسأل أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين ويحفظ سواعده المخلصين .. وأن يحفظ لهذا البلد الآمن تطوره واستقراره، إنه نعم المولى ونعم النصير.
|
|
|
|
|